Tuesday 24th August, 1999 G No. 9826جريدة الجزيرة الثلاثاء 13 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9826


مقال
الإبداع,, والواقع

* ما هو الإبداع؟ وما هي العلاقة التي تربط بين الإبداع والواقع؟ سؤالان يطرحان نفسيهما على عقلي وتفكيري بإلحاح شديد على أمل ان يجدا بين زواياها الجواب الشافي والناجع في آن, وعندما يشتد الأمر على نفسي ابدأ بالتأمل.
تلبي الآداب والفنون عموما للإنسان حاجات نفسية واجتماعية وفكرية متعددة سواء بالتعبير عن هذه الحاجات او بخلقها لتصبح بدورها ونتيجة لهذه الجدلية حاجة هي الأخرى، وبتعدد الأنواع الأدبية والفنية في التعبير نحصل على قائمة طويلة من فروضات شرطنا الإنساني، فللدراما مثلا مجالها الخاص ورؤيتها في التعبير,
وللشعر ميدانه المتميز وأسلوبه في الكشف والتأثير, وللقصة كذلك تطلعاتها وشروطها الموضوعة للرؤية، كما ان للموسيقى وللرسم والنحت أساليبها ورؤاها التعبيرية المتميزة والمتفردة الخاصة, ولكننا ربما لا نحصل على نفس الطلبات من خلال رؤية نفس النوع فكيف بنا اذا عرفنا اختلاف ميادين الإبداع ومجالاتها؟ وهذا التنوع في العطاء، في الأفق، يكسبنا أشياء متفردة، هي في الحقيقة: اما ان تكون سؤالا عن قضايا لم يجب عليها بعد او اجابة لسؤال قديم او اكتشاف رؤيوي لعالم ما زال لم يتشكل في صبغة تساؤل بعد،
فالإبداع الذي هو سؤال أو خلق لاجابة او اكتشاف لم ولن يظهر كحقيقة موضوعية او أدبية او فنية ما لم يرتبط بواقع الإنسان الشامل، الواقع المادي والروحي، الممكن منه والواقعي الحلم منه والحقيقي ليس هذا فقط بل لا بد وأن يتم ارتباطه بالواقع وفق مفهوم جدلي، بمعنى انه لا فراغ قبله ولا بعده ووجوده متحقق اجتماعيا وماديا من خلال الحاجات النفسية والفكرية التي ينتجها المجتمع.
هل هذا هو الإبداع؟؟
وهل استطاعت تأملاتي وتأملات نفسي أن تفي الجواب حقه ام انني أحلم بأشياء غير متحققة؟
المهم ان هذا هو المسيار الحقيقي لحركة الإبداع في رأيي فما رأي اساتذتنا الكرام فيما نذهب إليه؟.
إبراهيم محمد الجبر
ثرمداء

***
صديق الصفحة الدائم، الرسام الجبر (ابراهيم محمد الجبر) هذه المرة يفاجئنا بسؤال والاجابة عليه، هذا جميل على الرغم من أن سؤال الجبر: (ما هو الإبداع؟) لو ان هناك من يستطيع الاجابة عليه، بحيث تصبح اجابته هي التعريف الرسمي المعتمد للإبداع,, لتبددت على الفور كل اطروحات علم مثل فلسفة الجمال وكف الفلاسفة والمفكرون والنقاد عن الكلام، وخسرنا معاركنا الأدبية والنقدية، وتراجعت حركة النشر، وضاع عن كثيرين مصدر الرزق وأكل العيش! تصور أيها الصديق ابراهيم اي كارثة تود ان تقود اليها جهود وطموحات الفلاسفة والنقاد باجابتك على السؤال!
تأملاتك في القضية تأملات فنان مؤرق بهواجس الإبداع، هذا الأرق هو جذوتك الأبدية فيما ترسم بلا شك، فلا تترك للكتابة فرصة تطفىء شيئا من هذه الجذوة، بل وجه افضاءاتك الى ما يزكيها، فما أشد حاجتنا الى بوح صادق يضيء لنا بعض أسرار تجربة الإبداع فان كانت تشغل تأملاتك رغبة في الامساك بمعرفة جوهر العملية الإبداعية ما عليك إلا ان تقرأ ما كتبه عدة مئات من الفلاسفة والمفكرين والنقاد عن الماهية احد المباحث الثلاثة الأساسية (الماهية والمهمة والأداة) لفلسفة الجمال، واذا شئت ان ندلك على بدايات منها فابحث عن الأسس النفسية للإبداع الفني لمصطفى سويف، وما كتبه احد تلاميذه (نصري عبدالحميد حنورة)، وعن كتب الدكتور عز الدين اسماعيل، وأميرة حلمي مطر، ومن الترجمات ارنست فيشر ولوكاتش، او ما يقع بين يديك في المجال, اما عن علاقة الإبداع بالواقع فلا نعرف ما اذا كان السؤال مطروحا بهذه الصياغة ام لا، فتلك العلاقة تتبرج حين تتغنى بالواقع، وتزداد التحاما به حين تنكره وتتمرد عليه,, اي ان كل أعمال الإبداع مردودة الى الواقع حتى وإن ادعت انها فن من أجل الفن فما القضية إذن في سؤالك الثاني؟
خارج هذا كله نحن سعداء بك، فرحين بحرصك على المشاركة قدر ابتهاجنا بمشاكستك، فلا تتوانى في الكتابة الدائمة الى صفحتك المفضلة.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved