Sunday 22nd August, 1999 G No. 9824جريدة الجزيرة الأحد 11 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9824


على الهامش
مواهب وابتكارات

يبدو لي ان في نفس كل مثقف جانباً ثقافياً اسمه على الهامش ، لذلك ربما كانت هذه التسمية من ابرز التسميات الثقافية العربية التي تفضي الى قراءة لحظة ثقافية، اورؤية محدودة، اوحالة صغيرة، او هم نفسي,, الخ, ومن هذه الناحية تنطلق فكرة على الهامش من كونها معالجة صحفية مقالية ذات صياغة ابداعية تداعب القارىء وما اقل القراء للثقافة الجادة - وتحثه على التوقف لحظة لتحديد نقطة تأمل في مصيره,, وان يظن لنفسه قيمة من الضروري ان ينوع هذا القارىء لو كان يدرك احتياجاته الروحية والثقافية من مصادره المعرفية المتعددة، حتى تبقى الثقافة في عمومها :الاخذ من كل علم بطرف .
لماذا هذه المقدمة التي ربما تكون مزعجة لقارىء يهتم بالفضائيات والانترنت، وصفحات الفن والرياضة اكثر من اية صفحة ثقافية مهما كانت نوعية الثقافة المبثوثة فيها,.
العنوان في هذا الهامش لافت للنظر لكونه افضاء الى عالم مازال يختزل قيمة الانسان الحقيقية في الحياة، الانسان الذي لايريد لحاله ان تكون على الهامش ,, هو بكل تأكيد انسان منتج لانه يسعى لكي يجسد من نفسه قيمة حضارية جديدة، قيمة تنبع جدليتها من وهج الموهبة والابتكار,.
ألسنا نفرح جميعا عندما نرى عبقريا ما، هو من انتاج ثقافة منتجة,,؟! ألسنا نشعر بابتئاس عندما نجد الكثير من العباقرة والمبتكرين العرب والمسلمين يعملون لدى الآخر,, لاننا لانمتلك المؤسسية التي تساعدهم على ان يكونوا في اوطانهم, قبل سنوات قرأت ملخصا لدراسة علمية تشير الى ان نسبة الموهبة والابداع والذكاء لدى اطفالنا مابين سنتي السابعة والثالثة عشرة، نسبة تفوق النسبة الموجودة في الغرب المتطور حضاريا,, ثم تلقائيا تتلاشى آلاف المواهب، بعد الثالثة عشرة، هذا الزمن الذي يدخل الطفل في بدايات المراهقة والشباب، حيث تضيع المواهب هباء منثورا,, أليس من حقنا ان نتساءل عن الاسباب والدوافع لولادة اليأس؟ ربما تكون الاسباب ولادة الشعور بعدم الجدوى في ظل غياب المؤسسات التي ترعى المواهب وتبنيها بناء صحيحا!!ولنأخذ المسألة من جانب آخر، وهو اننا، والحمدلله، من اهم الشعوب احتفالا بالمساعدات الخيرية النابعة من قيمنا العربية الحاتمية، ومن اخلاقياتنا الاسلامية التي تحث على الصدقة حثا لايخفى على احد,, ولكننا في كثير من الاحيان قد لا نحسن وضع مساعداتنا الخيرية في مكانها المناسب، بل قد يحتار الانسان اين يضع صدقته في ظل ازدحام امور الحياة عليه,, وبكل بساطة لابد ان نكون منتجين حتى في صدقاتنا ومساعداتنا الخيرية, لهذه الاشياء وغيرها تجيء الكتابة هنا مثيرة للأسئلة، تجيء منذ اللحظة التي تكشف فيها ان هناك كياناً مهما ينتج على مستوى الاحتفال بالمواهب والابتكارات المحلية، ولو افترضنا جدلا ان لدينا مئة طفل سنويا، وان شئت قل شابا، يمكن التقاطهم من المدارس على مستوى المملكة ككل، ويمكن رعايتهم على مستوى مابين ست وعشر سنوات، فإننا بكل تأكيد سننتج في عشرة اعوام الف موهبة، على اقل تقدير، بحيث تصبح لدينا ابتكارات في كل فروع المعرفة، وحينها ستكون الفاعلية الحضارية متقدمة الى درجة كبيرة,.
ولعل كل ماقلته يطرح هنا كبنية ثقافية حضارية عندما تتواجه مع مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين التي لم يتجاوز عمرها العام بعد، وهي مؤسسة تطمح الى بناء المواهب والمبتكرات بناء جديدا، بناء يرعى الموهبة منذ لحظة التقاطها,, ويسير بها رويدا رويدا حتى يضعها في مصاف صفة عالم ,, أليس حلما مريحا التفكير بانتاج الانسان انتاجا خاصا، يعمق فاعليته في الحياة، ويعطيه ثقته بنفسه، وبأمته التي ينتمي اليها؟لم اكن اعرف شيئا عن هذه المؤسسة عندما كتبت قبل فترة مقالة الاحسان الى العقل ولما رأيتها بعد نشر تلك المقالة حتى اعتقدت جازما، انه ما من احسان الى العقل بافضل من هذا الاحسان الذي يرعى الموهبة ثقافيا وابداعيا وعلميا,,مازلت اذكر بعض الزملاء في المدرسة الذين تحولوا الى عمال عاديين، والعمل بكل تأكيد ليس عيبا مهما كان جنسه، رغم انهم كانوا من اوائل الصفوف، بل ومن المتفوقين احيانا، لكن ظروف اهاليهم الفقيرة كانت محبطة لهم، ولم تساهم هذه الظروف في اعطائهم بريق امل,, في حين، وهذه كلمة حق، استطاعت بعض اموال الآباء الاثرياء، ان تبعث بالابناء المتوسطين في ذكائهم، بل احيانا بالمتدنين ذكاء، الى دول اشتراكية شرقية وغربية اعطتهم شهادات عالية في الطب!! أليس من حق ابناء الاسر الفقيرة، الاذكياء، ان يفرحوا كثيرا وهم سيجدون الرعاية الخيرية من مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين ؟! إنه بكل تأكيد امل للجراح المثلومة بالفقر والعوز,, وأمل لكل الموهبين والاذكياء,,!!
حسين المناصرة

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved