أمام الطلاب شرع المعلم في إسقاط قطرات من الماء بواسطة قطارة على وجه قطعة نقود معدنية توقع الطلاب ان ينسكب الماء على جانبي العملة بمجرد سقوط اول قطرة ماء عليها, لقد كان الطلاب في غاية الدهشة وهم يشاهدون قطرات عديدة من الماء تسقط متراكمة على وجه العملة دون ان تنسكب على جوانبها, استخدام المعلم هذا النشاط المبسط ليقدم لطلابه من خلاله ظاهرة التوتر السطحي -وهي ظاهرة طبيعية يبدو فيها السطح الخارجي للماء دائماً متوتراً ومشدوداً- وهي صفة نجدها أيضاً عند البعض من البشر!!.
هذا النشاط الطلابي كان كافياً لإثارة فضول الطلاب ليبحثوا في ظاهرة التوتر السطحي وأسبابها, عندما يصل الإنسان إلى درجة معينة من التوتر والإثارة فسوف يبحث تلقائياً في كل السبل ليطفئ من ثورته, ان التحدي الحقيقي الذي يجب ان يكسبه المعلم هو ان ينجح في اثارة فضول طلابه, ولحسن حظ معلمي العلوم فإن الفضول العلمي هو أحد سمات التكوين النفسي والعقلي عند الطلاب، لكن المعلمين نادراً ما يستفيدون من هذه الخاصية الفطرية.
ان مشكلة النظام التعليمي مع العلوم والرياضيات واللتين هما بحق تمثلان بذور الثورة التقنية المعاصرة ليست في كم المادة التعليمية التي تعرض على الطلاب، فالجرعة التعليمية التي نقدمها لطلابنا في العلوم والرياضيات لا تختلف كثيراً عما هو لدى الأمم المتقدمة تقنياً إن لم تتجاوزها ، في اعتقادي ان ضعف الطلاب المعرفي والمهاري بغض النظر عما يحصلون عليه من درجات يعود إلى عدة امور، منها أولاً: طلابنا لا يجدون الفرص الملائمة لتطبيق وممارسة المفاهيم والمهارات التي تقدم لهم ربما لعدم وجود الوقت الكافي بسبب ضغط المناهج او لنقص كفاءة المعلم ، ثانياً: وحتى في الجانب النظري لاتزال المادة العلمية تقدم عند المستويات الدنيا من المعرفة تحليل المعرفة وتركيبها والحكم على قيمتها لايزال غائباً ، ثالثاً: لاتزال المساندة الفنية التي يفترض ان تقدمها المدرسة والمنطقة للمعلم دون المأمول، كثير من المعلمين تتم برمجته في السنة الأولى ثم يكرر نفسه في السنوات التالية ، رابعاً: الصلة بين المدرسة وقطاعات الصناعة والانتاج والمعارض والمتاحف ضعيفة وهزيلة ان لم تكن معدومة هذه المؤسسات لها دور عظيم في اثراء خبرات المدارس وتعلم الطلاب ، خامساً: لايزال الطلاب يجدون وحشة في الرجوع لكتب العلوم والرياضيات بسبب سوء عرض المادة العلمية واخراجها، هناك بوادر لجهود مشكورة في التأليف المدرسي .
د, عبدالعزيز بن سعود العمر