اطلعت على ما كتبه المحرر في العدد 9810 في يوم الأحد 26/4/1420ه في المدار الأول تحت عنوان الشعبي والتفعيلة ,, وقد أوضح في تلك المقالة بأنه هاتفه أكثر من شاعر ومهتم بالشعر وكلهم يجمعون على أن الشعر الشعبي يخضع في كل بحوره للتقطيع العروضي وكاتب هذه الأسطر واحد منهم.
ولم يقتنع بتلك الأقوال واستشهد بقول أكثر أدباء الجزيرة العربية بحثا في مجال الموروث الشعبي ولم يذكر اسمه وانه قال (لا يجب أن يخضع الشعر الشعبي إلى ما يخضع له الشعر الفصيح) ولعل المقصود من حيث النحو والصرف فقط اما من حيث الوزن والقافية والبلاغة فكلامه مردود مهما يكن، ثم ذكر أن الشيخ ابا عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري قد رد بعض بحور الشعر الشعبي إلى مثيلاتها من بحور الشعر الفصيح وهذا عين الصواب وأكاد أجزم جزما قاطعا أن الشاعر المتمكن هو من يخضع شعره لبحور الشعر الفصيح وليس شرطا أن يعرف تلك البحور أو التفعيلات،فشعراء الجاهلية دون استثناء قرضوا الشعر دون معرفة ببحوره، لذا أليس حريا أن يقرض الشاعر الشعبي قصيدته دون معرفة تلك البحور, والشعراء في هذا الوقت على نمطين شاعر بالفطرة وشاعر بالمقدرة وسأضرب أمثلة ولكن في وقت لاحق وقد طلب في نهاية المقالة من أصحاب تلك الآراء أن يجدوا من بحور الشعر الفصيح ما يماثل الطرق أو اللحن الشعبي الذي قال فيه الشاعر أحمد الناصر:
كذوب اللي يقول اقوى فراق الصاحب الغالي
متى ما غاب عنك اللي توده بانت الخله
أنا لست بشاعر شعبي ولكن والحمد لله استطيع أن أميز الغث من السمين واستطيع معرفة الموزون من المكسور ولمعرفة ذلك لابد من اختيار احدى الطريقتين إما الطريقة السماعية أو ترديده بأهازيج معينة وهذا ما يفعله أغلب شعرائنا الشعبيين وهذا ليس عيبا فقد كان أسلافهم من الشعراء الجاهليين وإما الطريقة العلمية الصحيحة وهي التقطيع وتجاوبا مع ما ذكره المشرف يكون البحث على النحو التالي:
كذوب اللي يقول أقوى فراق الصاحب الغالي
كذوبا لي
//5/5/5
مفاعلتن
يقول اقوى
//5/5/5
مفاعلتن
فراق الصصا
//5/5/5
مفاعلتن
حب الغالي
//5/5/5
مفاعلتن
الضرب معصوب (بتسكين اللام) وهو من مجزوء الوافر أي بتفعيلتين واصل الوافر التام
مفاعلتن مفاعلتن مفاعل
إذا أصبح موزوناً وخاضعاً لوزن الشعر الصحيح.
نأتي إلى البيت التالي والذي وردت تحت عنوان آخر الكلام:-
لو عذب الغالي لذيذ عذابه
السيل يجرح بالوطا قبل يحييه
هذا البيت للمشرف على الصفحة وليس من باب الإطراء أو المجاملة والمحاباة، فالبيت لو وضع في كفة وعشرات بل مئات القصائد في كفة أخرى لرجح بها حقا، ما أجمل هذا البيت, إنه خلاصة تجربة ومدار حكمة إنها الاستعارة التمثيلية المعروفة التي لا تخفى على الأديب الحاذق، بل إنه المثل الجامع الذي وضعت كلماته على قدر الصورة الرائعة المحسوسة للسيل الذي لا يتم احياؤه للأرض إلا بعد أن يترك آثاره على أديمها زاحفا مترعا شعابها وممرعا ربوعها فلا غرو أن يحفظه الجنان ويردده اللسان اعجابا وطربا أما وزنه واخضاعه لبحور الشعر الفصيح فهو واضح كوضوح الشمس في وضح النهار.
مستفعلن مستفعلن فاعلاتن
لقد خضع البيت إلى التفعيلة في علم العروض وإلى علم البلاغة.
وختاما آمل ان أكون قد وفقت في اقناعكم ومن ينهج نهجكم أن الشاعر الشعبي المتمكن جميع قصائده تخضع للتفعيلة ولبحور الشعر الفصيح لأن الشعر الشعبي امتداد للفصيح كما قال (ابن خميس) كما آمل أن تتكرموا بنشره بتلك الصفحة نظرا لما ابديتموه في مقالة سابقة أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية وقد يجانب الصواب رأيي والله يرعاكم بحفظه شاكرين ومقدرين سلفا جهودكم المضنية بغية الارتقاء بالشعر الشعبي والله الهادي إلى سواء السبيل.
عبدالله بن محمد العطني
حفر الباطن
** المحرر:
ما زلت متمسكاً برأيي وهو أن ليس كل الشعر الشعبي خاضعاً للتقطيع العروضي.
وأدعو القادرين للمداخلة للفصل بين رأيين متضادين,, وسأكون أول المعتذرين فيما لو صح ما ذهب إليه العطني فيما كتبه.