طرحت فيما سبق طريقة تفريغ الخوف من نفس الطفل عن طريق اعادة الحديث عنه وعن طريق رسمه والتلاعب برموز الرسم لكي نساعد الطفل في التغلب على خوفه لأن ما يرسمه على الورق هو خوفه ليس الا, وهذا ما يجعل طريقة الرسم التي ذكرت ذات تأثير قوي في اعادة السيطرة على المواقف الى يد الطفل بدل من ان يفقد السيطرة فيكبر قلقاً مهزوماً.
وأريد قبل ان أترك خوف الاطفال ان اتوقف مرة اخرى عند ضرورة مساعدة الطفل على مواجهة الخوف والتخلص منه بدلاً من الهروب, فلقد قلت سابقاً بأن على أم ديمة الحميمة عدم تجنب الحديث عن حادث ابلة نورة,
واريد اليوم ان اتناول نتائج التجنب, هذا الخطأ الكبير الذي يرتكبه بعض الأهل, لأنه سوف يبقي الخوف محصوراً في نفس ديمة الحميمة طوال حياتها ربما.
فلحظة الخوف - كما اقول عنها دائماً - مثل لدغة ثعبان او غزة شوكة من حيث اننا يجب ان نخرج ما دخل الجسد (السم والشوكة) قبل ان نسمح للجلد بالالتئام على ما به من سموم, وهذا ما يجب ان يحدث في حالة الخوف الذي هو طاقة تدخل جسد الطفل, (فالروعة) سوف تبقي الجسد عليلاً طالما بقيت محصورة فيه.
وقد يبدو لك حادث الطابور حدثاً عادياً, ولكنه حدث جسيم بالنسبة للطفل اي انه من المخاوف الكبيرة التي قد تتبقى مع الطفل عشرين أو ثلاثين عاماً تضعف الشخصية وتخل السلوك وان لم تلتفت اليه امها فسوف تكبر ديمة الحميمة قلقة جبانة وخجولة تتراجع بسرعة وتفزعها اشياء لا تثير الفزع مثل صوت المطر والرعد والعواصف.
مع ان ليس هناك علاقة مباشرة بين المطر وبين موقف الطابور؟
انهما يشتركان معاً في ان كلا منهما يشكل موقف تحدٍ لقدرات ديمة الحميمة.
فلا شك ان المطر والرعد قد يثيران في نفوس الناس بعضا من الرهبة التي يواجهها الانسان القوي ويحولها الى موقف تأمل مثلاً
, وهذا ما لن تقدر عليه ديمة الحميمة التي اضعفت ثقتها بنفسها ابلة نورة الشريرة.
فهزيمتها امام الرعد والمطر تعود الى هزيمتها امام التحدي عامة وخوفها منه,
هذا الخوف اورثتها اياه ابلة نورة.
ألم تهزمها ذات طابور يوم هددتها بقطع لسانها؟
لذا يجب ان نبعد الخوف منذ نشأته وقبل ان يستفحل.