1 المكتبة:
ان تسافر، وتتكبد أعباء كثيرة، وغرضك البحث والدراسة، لا التسيح والتمتع، فأنت بكل تأكيد ادركتك حرفة الأدب والثقافة، ولكن كيف تشعر وقد ضاع منك يومان هكذا هباء منثورا,, كنت تعرف أشياء كثيرة عن الروتين هناك، لكن لم يخطر ببالك أن يكون الروتين القاتل في رحاب جامعة ما,,، تصل في اليوم الأول بعد ساعتين من اللف والدوران قبل نهاية الدوام بساعة ونصف,, قالت الموظفة التي ارعبك صوتها: تعال الساعة عشرة بكرة، ما تتأخرش ,, ثم تصل في اليوم الثاني قبل العاشرة، تكتب اسم الكتاب، كتاب أدبي,, ساعة وموظفة أخرى تدعى أنها تبحث عن الكتاب، حيث تخرج بين الفينة والأخرى لتقول لك شوية واخيرا تقتنع المسؤولة ان تدخل الى قاعة المكتبة لتفتش عن الكتاب,, كان الغبار يطمس معظم أرقام التصنيف، باستثناء الكتب التي مسحت مستطيلات تصنيفها لغرض البحث عن كتاب ما,, وأخيرا تجده,, تتأمله الموظفة المسؤولة,, قالت: هذا ضخم مش ممكن تصويره !! ورجاء فوق رجاء,, حتى اقتنعت ان تترك الأمر للجنة التصوير,, ولما ارادت التوقيع على خطاب التصوير: قالت بعنف: مش ممكن تصور 78 صفحة,, المسموح فقط 70,, ولم تنفع الالتماسات والرجاءات فوافقت معها على حذف الصفحات السبع الأخيرة بعد ان هددت برفض التوقيع، وإلغاء التصوير من أصله,, عدلت الطلب,, فوقعت بكل غضب,, اخرجتك من القاعة,, قائلة بامتعاض تعال بعد ساعة,, مكثت في الخارج نصف ساعة,, آكلك التفكير: من الممكن ألا يصوروه,, لفيت ودرت حتى وصلت أخيرا الى التصوير في قاعة البدرون مثل بدرون ريا وسكينة,, واستطعت أخيرا بعد ان وجدت رجالا يصورون أن تحل الأمور بالطريقة الشائعة!!
2 الظاهرة المستغانمية
هكذا يجب ان نسميها، او ان كنت معقولا فيجب ان تسميها الظاهرة السلبية في الثقافة العربية، وتحديدا في الثقافة النسوية إن صحت هذه التسمية، فهي في الحوار الأخير معها، جعلت الساحة الثقافية حاسدة لها، لانها تبيع بآلاف والآخرون يبيعون بالعشرات، او بالآحاد كما يفهم من حديثها، وهذا كله (شهرتها) من رضا ربها عليها بسبب دعوة من أبيها أو أمها!! والغريب انها كما يفهم من حديثها تعرف تكتب, ولا تعرف كيف تقرأ أو بالأحرى انها لم تعد قادرة على ان تقرأ، لا تجد وقتا، وهي التي تكتب الورقة الأخيرة في المجلات السياسية والاجتماعية والشعبية,, وتكتب رواية,, وشهرتها كما قالت: جلبت لها حسد كل المثقفين الذين يعرفونها، وحب كل البسطاء (ولم تقل المراهقين والمراهقات) الذين احبوها,, وربما تكون شهرتها الروائية بسبب عنوانها الذي تنشره على كل كتاب من كتبها,, وبالأحرى فإن صورها في الصحف لا تختلف عن تكنيك إخراج صور الممثلات والمطربات,, وراجعوا الورقة الأخيرة من مجلتي المجلة وفواصل الآن,, ولا تراجعوا المجلات الأخرى التي عنفتها بسبب نشرها لعدة مقالات أو أفكار قبل سنتين، حيث تعيد نشرها بعناوين وتغييرات جديدة الآن، فالمسكينة لم يعد لديها وقت حتى لتكتب,, وفوق ذلك تدعي انها على الحديدة ماديا!! والمشكلة ان كتاباتها الصحفية كتابات استهلاكية شخصية تخلو من أية أفكار مهمة في كثير من الأحيان,, وارجو الا أكون متجنيا على هذه المخلوقة المتواضعة التي سترى في هذه الكتابة نوعا من الحسد، فيما لو وصلتها، وانا أشك بذلك,, والحق ان روايتها ذاكرة الجسد فذات شعرية خاصة,, ولكنها أيضا مليئة بالإثارة والشوفينية النسوية,, والمشكلة غير المبررة ولو رمزيا، ان تدفن البطلة الشابة في نهاية الرواية نفسها في عمر رجل بسن أبيها، ومتزوج من أخرى! فاية بطولة مشوهة هذه؟
يبدو ان أحلام مستغانمي تعيدنا الى موجة الستينيات النسوية، فتذكرنا بصور: كوليت خوري، وليلى بعلبكي، وغادة السمان، وحنان الشيخ,, ولكن بطريقة الفيديو كليب الأكثر جدة والأسوأ استهلاكا!!
3 كتب مهمة
في السنوات الأخيرة حظيت، إهداء بمجموعة كتب متجددة مليئة باشكاليات الإبداع الجديد، وجمالياته الخاصة، وفي ظني ان مسألة التأريخ للكتابة الجديدة في المملكة يجب ان تأخذ بعين الاعتبار هذه الكتب وغيرها، على اعتبار انها صياغات من انتاج مبدعين شباب، لهم قدرة على التجاوز وانتاج علاقة حميمة مع نصوصهم,, ولعل قراءة هذه النصوص من جهة ثانية ستؤكد على ان الكتابة الجديدة يجب ان تكسر الهيمنة التي تتسلط بها النماذج التقليدية على الساحة الثقافية، مما يكرس الأسلوب الأكثر اريحية للنقد الذي تعود على إصدار التراكم الكمي التضخمي، حول شخصية ما ظهرت في السبعينيات، ليبقى من الصعب ان تحاط الكتابة في التسعينيات مثلا بما احيطت به تلك,, ومن هذه الناحية علينا ان نشعر بتقصير تجاه التفاعل مع أعمال إبداعية مهمة في مجالي القصة القصيرة والشعر تحديدا.
يقول الشاعر فيصل أكرم من قصيدة كلام المأخوذ بنفسه من ديوانه الأخير: التداخلات :
سفر بطول العمر
درب مثل خط النار
مقبرة بعمق الارض
حبر,, تحت زر الضوء
مصباح من الأوراق
مئذنة,.
وتنفجر القصيدة في يدي
هل قلت إني شاعر؟
ويقول القاص عبدالحفيظ الشمري من قصة خرائط في مجموعته وتهرأت حبالها : لم يعد هذا الكم الهائل من الخرائط,, المعلق منها، والمطوي مثيرا,, نشيطا في إيقاظ اسئلتي عن هذا اللون الأزرق,, وذاك الأصفر,, والداكن,, والمساحات الخضراء,, لكن أمرا مشبوها,, مشوها يبقى لدي,, كيف للخرائط ان تجمع هذا العالم، وتطويه في اعطافها؟
وفي النصين شعرية التساؤل!! إنها شعرية كتابة التسعينيات!!
حسين المناصرة