Sunday 15th August, 1999 G No. 9817جريدة الجزيرة الأحد 4 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9817


تراتيلل
محمد الدبيسي

إلى سماحة المفتي :
** منذ فجر التاريخ,, كانت هذه البلاد منبعا لصفاء العقيدة,, ومصدرا لاشراقاتها المضيئة,.
هكذا أراد الله لها,.
وظلت بحمد الله - حفية بهذا الدور كفيلة بحمله,, والاضطلاع به,.
وفي تاريخها الحديث,, وعندما جدد إماما الدعوة,, والدولة,.
(محمد بن سعود),, و(محمد بن عبدالوهاب) صوت هذه العقيدة,,, واحييا اصولها وقوما منهاجها,, بنبذ الخرافات
والنأي بها عن الاختلافات,, والنزاعات حتى استقامت بأمر الله على أمر الله وهدى الصراط المستقيم
** ثم قام باني تاريخها المعاصر,, ومؤسس كيانها العظيم,, الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه,, بتقعيد مقومات الدولة,, وشرع ببناء مؤسساتها المدنية فكان ذلك كله منظومة حضارية متماسكة,, تقوم على القرآن مصدرا,, والعدل منهاجا,, والتنمية وبناء الانسان سلوكا وتنفيذاً,.
** وعندما عُهد الى ادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد مهمة القيادة الدينية,, والمصدر الشرعي في المعاملات والاشكالات التي تمس حياة المسلم,, على ضوء الدستور السماوي المنزه الكتاب والسنة وتولى المهمة رجال صدقوا مع الله,, فأعانهم الله,, وسددهم ووفقهم,.
أنتم يا صاحب السماحة,, وسلفكم العظيم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله رحمة الأبرار,.
لينتظم للناس مصدر شرعي موثق يعالج قضاياهم,,, ويحل مشكلهم بما يضمن صحة المعتقد,, ويتماشى مع مصالح المسلمين المعيشية,.
ويحقق سلامة اقوالهم وافعالهم من الشبهات,,, والانحرافات مما لم يترك مجالا لمجتهد ولا ثقبا (لمبتدع),, ولا ممكنا لضال ,,!
** إلا أن المشاهد في واقع الحال وحيز المعاش والمتداول يا صاحب السماحة ان هناك,.
من اجترأ الفتوى بسلامة نية أو فسادها,, واقترف بقدراته المحدودة وعلمه القليل,, التحذير والافتاء,, والتوجيه,, والتفسير فيما يجهل أصوله,, ولا يدرك مغبة الخوض فيه,,!
** وتكمن الخطورة إذا تعلق ذلك بالاعتقاد,, وتعالق على محددات الشرع,, وضوابط السنة ودلالات الآثار الكريمة في السنة المطهرة,, وأقوال العلماء,, ومحصلات,, اجتهاداتهم ومنجز رؤيتهم الثاقبة المستنيرة,.
اولئك العلماء,, الذين امتلكوا
مرجعية العالم المتبصر بالأدلة
وسماحة نفس الداعي الى الله وخلوص نية المحتسب.
** ان البعض ممن قام بالتأليف فيما يتعلق بسلوك المسلمين وظواهر أفعالهم,, واعتقاد القلب,, والمآل بعد الموت,, وعذاب القبر ولم يراع ضوابط الأدلة وشروط الاجتهاد,, والقدرة العلمية على استقراء الدلالات,, وكان من ذلك,, ما انتشر بين الناس من الكتيبات,, والملخصات والمنشورات لاناسٍ نحسن النية بمقصدهم
- والله حسيبهم -
وكانت مضامين ما حملته بعض تلك الكتيبات ما اسلفنا ذكره
ومما يؤسف له,, ان مثل هذه الكتيبات والرسائل فاخرة الطباعة,, بخسة الثمن وقد وضعت في كثير من الاماكن العامة.
بعض تلك الرسائل تحمل مضامين تمس صلب سلوك المسلم وعقيدته مما لا يحق لغير العلماء البت فيه او توجيهه وتفسير دلالاته وهؤلاء العلماء كثر في بلادنا وقد أسست لهم هيئة حكومية موقرة تصدر بياناتها في مثل تلك الشئون,, ويكتب اعضاؤها مؤلفاتهم في تلك القضايا,, وهي تحظى بحمد الله بثقة اهل هذه البلاد,, وحكوماتها,, وعامة المسلمين,,!
** وتعلمون ياسماحة المفتي أجلكم الله ان الخوض في امور الدين ونسبة ما ليس منه اليه يفسح للشبهة مجالا,, وللشك مكانا في معتقد المسلم البسيط,,!
ويتعاظم الخطر إذا اجترأ أنصاف المتعلمين على الخوض في مسلمات الدين ويقين العقيدة الصافية.
ولعل اقرب مثال على خوض البعض في امور تمس العقيدة بغير علم ولابصيرة مانشرته احدى الصحف المحلية على صفحتها الاولى قبل اسابيع من رسم لجنازة ميت يلتف حولها ثعبان,, ثم يشرح مورد الخبر ان ذلك حدث لأحد الاموات في البقيع بالمدينة المنورة,, وذلك على مشهد ومرأى من جميع القراء,.
** وتلك الحادثة نفاها جملة وتفصيلا وكذبها مدير إدارة التجهيز,, وهي الجهة المشرفة على دفن الاموات ببقيع الغرقد بالمدينة المنورة,, عبر تصريح له نشر في صحيفة محلية اخرى,, قبل نشر الخبر والصورة بأيام,!!
أفلا يحدث ذلك الريبة في نفوس الناس والبلبلة في أذهانهم,, ويعتم صفاء اعتقادهم السليم,,!
حين لا يجد المسلم مصداقية لمثل
تلك الاحداث المنقولة,, والتي تحفل ببعضها وامثالها بعض تلك الرسائل,, والكتيبات,, ويستدل عليها بالآثار الكريمة المطهرة.
** إن الخطر ليتفاقم يا صاحب السماحة إذا ما ترك الأمر,, مسرحا لمن اراد,, وعظاً,, أو ترغيبا وترهيباً وهو لا يمتلك مقومات العالم ولا قدرات الداعي الى الله على بصيرة,!
** أما ,, وقد هيأ الله سماحتكم مسئولا عن الافتاء,, وهيأ لحكومة هذه البلاد الذود عن حمى العقيدة,, وشرف الاسلام,, وقداسة تعاليمه
قولا,, ومنهاجا,, وفعلا,.
وانتم وفقكم الله,, تحظون بثقة المسلمين في مشارق الارض ومغاربها,.
فإنني التمس من سماحتكم
وأهيب بهمتكم الاسلامية المثلى النظر في هذا الامر,, ومعالجته
وتقويمه,.
ولا ازكي على الله احداً,, هو حسبنا ونعم الوكيل,!
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved