Sunday 15th August, 1999 G No. 9817جريدة الجزيرة الأحد 4 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9817


تطبيق نظام الضمان الصحي,, لماذا وكيف؟!

جاء قرار مجلس الوزراء الصادر يوم الاثنين الفارط والمتضمن الموافقة على تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني على المقيمين في المملكة من غير السعوديين ليؤكد مجدداً عدة حقائق يمكن ايجازها في التالي:
* حرص الدولة على تأمين الغطاء الصحي Health Coverage للمقيمين على ثرى بلادنا الغالية والذين يمثلون شريحة سكانية يربو عددها عن الستة ملايين نسمة.
* تأكيد المواكبة الواعية للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والصحية العالمية التي انعكست على بلادنا كجزء من القرية الكونية Global Village يتأثر بمجرياتها كما يؤثر في معطياتها.
* تأكيد سمة الحكمة والرؤية التي تتسم بها القرارات السعودية فلقد استغرق اصدار هذا النظام الكثير من الوقت وخضع للكثير من البحث والدراسة وعبر قنوات عدة كان احداها مجلس الشورى الذي درس نظام الضمان الصحي دراسة واسعة,, انتهت بالموافقة على تطبيق النظام.
* توفير مورد جديد لتمويل الخدمات الصحية العامة الحكومية من خلال المقابل الذي يتم تقاضيه لقاء تقديم المرافق الصحية الحكومية خدماتها للمستفيدين من نظام الضمان الصحي التعاوني.
ولقد تضمن القرار تشكيل لجنة لدراسة الاقتراح الخاص بصرف المبالغ التي ترد مقابل ما تقدم المرافق الحكومية من خدمات صحية للمستفيدين من الضمان الصحي, ورغم ان النظام المالي يقضي بايداع عائدات الخدمات الحكومية لصالح وزارة المالية,, الا ان الأمل يحدونا في ان توصي اللجنة بان تستفيد المستشفيات مباشرة من عائدات خدماتها لتأمين احتياجاتها من الادوية والمستلزمات الطبية التي تشكو من نقصها, وذلك في اطار تنظيم مالي محدد ومدروس.
* والضمان الصحي التعاوني هو نظام يجسد مفهوم التكافل والتعاون من المجموعة مع الفرد في تحمل تكاليف العناية الصحية التي يحتاجها، اي انه يستهدف توزيع عبء التكلفة على اكبر عدد ممكن من الافراد بدلاً من تحميلها شخصا واحدا وهو يحقق المشاركة من صاحب العمل مع العامل ومن الاصحاء مع المرضى ومن الاثرياء مع الفقراء ومن المجتمع ككل مع الفرد الذي يحتاج الى الرعاية الصحية عند احتياجه لها.
ولدينا في المملكة حالياً ثلاثة انواع من التأمين الصحي وهي:
- التأمين الصحي الذي توفره التأمينات الاجتماعية ضد اصابات العمل.
- التأمين الاهلي الذي توفره شركات التأمين كطرف ثالث.
- التأمين المباشر وهو المتمثل في قيام بعض الشركات بالتأمين على عمالها وفق اتفاق تعقده مع المستشفيات.
وبالنظر الى المشروعية الدينية للضمان الصحي التعاوني نجد ان هيئة كبار العلماء قد اقرت مفهوم التأمين التعاوني بموجب قرارها رقم 51 وتاريخ 4/4/1397ه تأسيساً على انه يتيح مشاركة المجموعة مع الفرد في تحمل تكاليف الخدمة العلاجية التي يحتاجها ولا يستهدف الربح والتجارة وجاء في القرار ما يلي:
ان التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها اصالة التعاون على تفتيت الاخطار والاشتراك في تحمل المسؤولية عند نزول الكوارث وذلك عن طريق اسهام اشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر, فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحاً من اموال غيرهم وانما يقصدون توزيع الاخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر,, .
ويبلغ حجم سوق التأمين الصحي في المملكة حالياً اكثر من 4510 مليون ريال ولقد تضاعف حجم سوق التأمين الصحي في المملكة خلال السبع سنوات الماضية الأمر الذي يعد مؤشراً على ازدياد الطلب والحاجة اليه.
وتتمثل فلسفة الضمان الصحي في انه يحقق نوعاً من التوازن بين التكاليف الباهظة للخدمة الصحية في القطاع الصحي الخاص والتي ينوء كاهل المواطن العادي عن تحملها وبين مستوى متراجع في خدمات القطاع الصحي العام نتيجة لاختلال التوازن بين الموارد والتكاليف.
* ويمكن تلخيص اهم اهداف تطبيق الضمان الصحي التعاوني في المملكة بالتالي:
- تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي: حيث يتوزع في ظل هذا النظام عبء تحمل تكاليف الخدمة الصحية التي يحتاجها الفرد على مجموعة من الافراد ويحقق مشاركة الفرد وصاحب العمل والمجتمع ككل في تحمل تكاليف العلاج.
- توفير مصدر تمويل: حيث يوفر هذا النظام مصدرا فعالاً لتمويل الخدمات الصحية العامة.
- توفير غطاء صحي بمنهج اسلامي: يؤمن نظام الضمان الصحي التعاوني غطاء صحياً وفقاً للمنهج الاسلامي وبالتالي يوفر الشعور بالاستقرار والامان والحماية من الوقوع في مخاطر مالية كبيرة ومفاجئة قد ينوء عاتق الفرد عن تحملها منفردا عند لجوئه للاستشفاء في مؤسسات القطاع الخاص العلاجية.
- تطوير القطاع الصحي والخاص حيث يسهم في نموه وازدهاره ويخلق فرصاً استثمارية واسعة تظهر نتيجة للارتفاع المتوقع على خدمات القطاع الصحي الخاص ولذلك فان المناطق التي لا تتوفر فيها حالياً مستشفيات ومستوصفات خاصة سوف تكون مجالا خصباً لنشوء مثل هذه المشاريع الاستثمارية.
- ولا ريب ان نشوء المزيد من المشاريع الاستثمارية معناه توفير المزيد من فرص العمل.
- كما يستهدف الضمان الصحي التعاوني توفير الخدمة العلاجية الخاصة باسعار مناسبة تتمثل في (قسط التأمين) الذي لا يمكن مقارنته بما تتقاضاه المستشفيات الخاصة فعلياً على خدماتها خارج نظام التأمين.
- كما يسهم تطبيق الضمان الصحي في تحسن المستوى الصحي العام حيث يتيح سهولة الحصول على الخدمة الصحية Accessibility ويقضي على جانب التردد من مراجعة المستشفى خوفاً من ارتفاع التكاليف.
** ولا بد لنا ان نشير الى ان تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني في المملكة يستدعي متطلبات معينة ويقتضي اتخاذ الخطوات التالية:
- ضرورة تنفيذ حملة توعوية مبنية على اسس علمية لتعريف الناس بمفاهيم الضمان الصحي وأسسه وفوائده.
- ان تطبيق نظام الضمان الصحي هو في الحقيقة عملية تغيير ليست سهلة وتتطلب وجود نظام رقابي على جودة الخدمات الصحية المقدمة وفق هذا النظام والتأكد من تحقيق النظام لاهدافه ومتابعته وتقييمه.
- الحاجة الى تصنيف المستشفيات الى فئات وفق معايير علمية.
- ضرورة وضع الأطر واللوائح التنفيذية المتضمنة الكيفية التي يتم بموجبها تنفيذ النظام على ارض الواقع.
* وحتى يكون طرحنا موضوعياً ومتكاملاً فان من الواجب ان نشير الى بعض المحاذير التي يتوجب التنبه لها مبكراً وهي على النحو التالي:
1 - شركات التأمين: لا توجد في المملكة حالياً سوى شركة تأمين واحدة ولا اتصور ان هذه الشركة منفردة قادرة على تحمل مسؤوليات التأمين الصحي لسكان المملكة.
وبالتالي فان هناك حاجة ماسة الى فتح المجال لانشاء شركات للتأمين الصحي في المملكة اما بقية شركات التأمين الأخرى فهي وكالات لشركات تأمين اجنبية.
2 - قد يؤدي تطبيق الضمان الصحي الى ارتفاع اسعار خدمات القطاع الصحي الخاص نتيجة لزيادة الطلب على خدماته كما حصل في تجربة الولايات المتحدة على سبيل المثال ولكن على العكس من ذلك فان تطبيق التأمين الصحي في بريطانيا والدنمارك والنرويج لم يؤد الى ارتفاع الاسعار وذلك نتيجة للتطبيق المدروس والتدريجي المقنن على عكس انفلات التطبيق في الولايات المتحدة.
* وختاماً فان من المؤكد ان لتطبيق هذا النظام ايجابيات متعددة بمشيئة الله تعالى ولقد جاء في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية وصحية تستدعي وجود مثل هذا النظام ليس فقط لغير السعوديين وانما للسعوديين ايضا,, ولقد عكس القرار ادراكاً واعيا للمتطلبات التنموية والاحتياجات الوطنية حيث قضى بتشكيل لجنة لدراسة تطبيق نظام التأمين الصحي التعاوني على جميع سكان المملكة سعوديين وغير سعوديين.
والجزئية المهمة في الأمر - في تصوري - والتي لم يأت عليها القرار هي آليات التنفيذ ,, فالنظام صدر وأقر وهذه خطوة هامة وكبيرة,, ولكن الكيفية التي يتم بها ترجمة هذا النظام على ارض الواقع دون إثقال على المستفيدين من النظام من مواطنين ومقيمين,, ووفق معايير محددة وخطوات واضحة,, هذه الأمور ذات اهمية كبيرة لضمان نجاح النظام وتحقيقه لأهدافه المأمولة في خدمة سكان المملكة.
د, عبد الإله ساعاتي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved