عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إن الجامعة في المجتمع والوطن هي المعيار الحقيقي لكل تقدم وهي المرآة العاكسة لشخصية وثقافة وتراث الوطن وتقاس الامم بما تقدم للعالم من ابحاث علمية ودراسات متقدمة للمعارف العامة التي من خلالها يرتقي المجتمع والامة وتنقل المجتمع من نام الى راق ولهذا خرج كثير من المنظرين حول الجامعه واهداف الرسالة التي تقدمها للمجتمع، ولايختلف اثنان تقريباً في اننا نعيش في عصر العلم والتقنية التي تحيط بنا في كل نواحي الحياة، ومن هنا كانت الجامعات هي المراكز المرموقة التي يبحث الطلاب للتسجيل والدراسة فيها ولكن الاعداد تتزايد والطوابير تتوسع وتتكاثر في كل سنه طلباً للقبول في احدى الجامعات، ولكن لكل جامعة في العالم الطاقة الاستيعابية المحددة التي تفرضها عدة امور منها حجم المبنى والامكانيات البشرية والتقنية التي توفرها الدولة من خلال الاساتذة والاجهزة الحديثة, ولكن بالمقابل هل تستطيع اي دولة توفير مقعد لكل متخرج من الثانوية للدراسة في الجامعة وتوفير مقعد للوظيفة لكل متخرج من الجامعة؟ هذا بالطبع يحتاج الى جهود جباره تقوم بها كل دول العالم.
ولما زاد الطلب على الجامعات كانت فكرة انشاء الجامعات والكليات الاهلية وهي فكرة نادى بها كثير من الناس لكن قد تنجم منها بعض السلبيات التي في نظرنا ستزيد البطالة وذلك لعدة اسباب:
1- الذين تخرجوا في هذه السنة وخاصة الجغرافيا والتاريخ والرياضة والفنية وعلم النفس والاجتماع والمكتبات والحضارة الاسلامية والدعوة والاعلام لن يستطيعوا الحصول على مقعد وظيفي لان وزارة المعارف قد اكتفت من هذه التخصصات ونتوقع ايضاً ان السنة القادمة سوف يحجب القبول للوظائف في اللغة العربية والدراسات الاسلامية والجيولوجيا.
2-التوسع في القبول ليس هو الحل فإرضاء الطلاب الذين لم يقبلوا في الجامعات واعدادهم بالآلاف بقبولهم في الجامعات واسعاد قلوبهم بذلك لن يكون هوالحل المثالي لأنهم بعد عدة سنوات سوف يدرجون تحت مسمى البطالة الجامعية، ولتدارك هذه الامور قامت حكومتنا متمثلة بوزارة التعليم العالي بالآتي:
أ- التوقف بقبول الطلاب في اقسام الرياضة والفنيةوالعلوم الاجتماعية والدراسات الاسلامية في معظم كليات اعداد المعلمين لعدة سنوات قادمة حتى يتوظف الفائض منهم.
ب- كذلك التوقف عن قبول الطلاب في اقسام الرياضة والفنية في جامعة ام القرى لمدة لاتقل عن ثلاث سنين.
ج- دمج بعض التخصصات وحذف بعض التخصصات في جامعة الملك خالد, وهذه الاعمال تدل على ان المسؤولين يرون ان الاكثار من هذا النوع من الدراسة سوف يزيد البطالة ومن هنا جاء الحذف والتغيير.
د- وقف البعثات والمنح الدراسية للخارج في التخصصات النظرية واقتصارها على الطب والهندسة.
ومن هنا يحق لنا النظر في وجوب تقليل القبول في الجامعات وذلك لعدة اسباب والأهم منها حتى لانخرج بإيدينا بطالة جامعية بسبب ارضاء طلاب الثانوية الذين سوف تكون السعودة وقوانينها الصارمة ان شاء الله من صالحهم والتوظيف في الشركات والمؤسسات هو المستقبل الحقيقي لهم, اما قول البعض ان التوسع قائم في المدارس والمستشفيات والشركات فنقول ان هذا التوسع مهما كان فهو محدود لايشبع الاعداد المتزايدة من المتخرجين.
اما قول البعض بفتح كليات اهلية للتخصصات النادرة فنقول انها اليوم نادرة وغداً بسبب التوسع في القبول والتخرج سوف تكون شحيحة ولكن يمكن قبول الفكرة اذا كانت مقننة وباعداد قليلة وهذا ماقامت به جامعة الامام بالرياض، بافتتاح قسم للحاسوب وكذلك افتتاح جامعة الملك خالد لقسم الحاسوب وكذلك لكلية الطب وافتتاح كلية الامير سلطان الاهلية في الحاسوب.
ه -يقصر افتتاح الكليات الاهلية على الطب وطب الاسنان والحاسوب لان النقص كبير ويحتاج الىعدة سنين لتغطية العجز في وزارة الصحة اما ان يفتح جامعات وكليات اهلية للتخصصات النظرية او بعض العلوم التطبيقية فان الفائدة المرجوة منها قليل.
ومن هنا فان الجامعة اليوم تتحمل مسئوليات جسيمة تجاه المجتمع ولابد لها من التفكير العميق في تجديد البناء الذاتي لها من خلال اعادة النظر في مناهجها واقسامها ومدى ملاءمتها للحياة الاجتماعية, ونقول للجامعات السعودية لاترهقوا ميزانية الدولة في تخصصات بعيدة عن واقع الوظيفة والعمل ومراعاة وضع الوظائف التي تنتظر الخريجين, فواجب الجامعة تهيئة الانسان الكفء في تخصصه لخدمة الوطن وليس لتدريسه ورميه في قارعة الطريق.
علي احمد البراهيم