توعد الرئيس الروسي بوريس يلتسين ورئيس وزرائه المؤقت الذي ما زال يجري مشاوراته لتشكيل حكومته، توعدا الثوار المسلمين الداغستانيين بعمل عسكري مدروس وكبير لسحق ثورتهم على الاستعمار الروسي لهم ولبلادهم، وخصوصاً بعد أن أعلن مجلس الشورى الداغستاني يوم الاثنين الماضي استقلال جمهورية داغستان الإسلامية عن روسيا.
وجاء الوعيد الروسي أمس بعد أن صرح شاميل باساييف أحد القادة العسكريين الميدانيين في الشيشان التي انتزعت حريتها واستقلالها من روسيا بثورة مماثلة، صرح بأنه وراء الثورة في داغستان وأنه سيواصل دعم وقيادة هذه الثورة حتى يتم طرد القوات الروسية من كل منطقة القوقاز.
الجدير بالذكر أن الاستعمار الروسي لمنطقة القوقاز تزامن - تاريخياً - مع الاستعمار الروسي للجمهوريات الإسلامية الآسيوية الخمس التي استقلت عُقيب انهيار وزوال الاتحاد السوفيتي وهي: طاجيكستان وأوزبكستان، وتركمانستان، وأذربيجان وقيرغيستان.
وقد دام الاستعمار الروسي لها منذ عهود قياصرتها قبل (300) عام حيث قرر الاتحاد السوفيتي استعمار هذه الجمهوريات مع القوقاز إثر نجاح ثورة 1917م البلشفية (الشيوعية).
وبعد تفكك اتحاد الجمهوريات السوفيتية الثماني عشرة اعتبارا من العام 1989م، ثم انهيار وزوال الاتحاد السوفيتي بعد ذلك، استقلت جميع تلك الجمهوريات التي كانت خاضعة لتلك الهيمنة الزائلة بما في ذلك روسيا الاتحادية نفسها، التي تحررت من الحكم الشيوعي وتحاول الآن أن تتحول إلى اقتصاد السوق والنهج السياسي الديمقراطي التعددي.
ولقد كان الأمل أن تنهج روسيا الاتحادية التي ذاقت طعم الحرية بعد حكم شيوعي دكتاتوري قمعي دموي، نهج الحرية التي ذاقتها فتتجاوب مع إرادة الشعوب القوقازية المسلمة الطامحة إلى الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية بحيث تبني - روسيا - علاقاتها مع تلك الدول وشعوبها على أساس التكافؤ في الحقوق الوطنية والتعاون وتبادل المصالح.
إلا أنها للأسف أرادت أن ترث بدورها الإرث الاستعماري السوفيتي مثلما ورث الاتحاد السوفيتي الإرث الاستعماري القيصري.
وها هي روسيا تحشد جنودها وسلاحها وعتادها الحربي الضارب لكي تكسر شوكة إرادة الحرية التي فجرت ثورة شعب داغستان من أجل الاستقلال والسيادة الوطنية.
والمؤسف أيضاً أن التوجه الروسي لقي تأييدا من زعيمة العالم الحر والقوة العظمى الوحيدة في العالم الآن الولايات المتحدة الأمريكية عندما أعلن رئيسها بيل كلينتون أول أمس أن ثوار داغستان (متمردون على سلطة شرعية)!!
وهو بذلك يبارك ما تعده روسيا من قوة لقمع ثورة شعب داغستان المسلم.
ونخشى أن نقول إن الرئيس الأمريكي لم يؤيد موقف روسيا ونهجها العسكري ضد ثوار داغستان، ولم يصف هؤلاء الثوار بأنهم متمردون على سلطة شرعية إلا لأن هؤلاء الثوار مسلمون ومن صلب شعب مسلم، ويريدون أن يستعيدوا حقوقهم في الحرية وفي الاستقلال، وفي حماية عقيدتهم الدينية وفي الحكم بالشريعة الربانية، شريعة الإسلام الحنيف,, دين الله للبشرية جمعاء.
نصر الله ثوار داغستان مثلما نصر ثوار الشيشان، آمين.
الجزيرة