Friday 13th August, 1999 G No. 9815جريدة الجزيرة الجمعة 2 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9815


طوبى لهذا الداعية
الشيخ/عبدالرحمن بن عبدالله العضاني*

الحمدالله ولي المتقين،وصلاة ربي وسلامه على إمام الدعاة الناصحين، أما بعد:
فإن الداعية إلى الله تعالى مسلم كسائر إخوانه المسلمين، إلا أنه فاقهم بأنه مبلغ عن الله رسالاته، قاطع في ذلك جل وقته، ساع في دلالة الناس إلى محاب الله ومراضيه، محذر لهم مما يكرهه ولايرضيه، قد اجتهد وسعه في تهيئة نفسه وتحسينها بالعلم والعمل، جاهد النفس على طاعة الله ورسوله،والتخلق بأخلاق من سمت أخلاقهم، وعلت هممهم وارتفعت عند الله منازلهم، قضى في ذلك زمنا طويلا، يطوع نفسه ويؤدبها، ويهذبها على وفق مراد الله، فتاقت رغبة في إصلاح عباد الله، على اختلاف أجناسهم ولغاتهم،يقف أمام الناس واعظا وخطيبا، مرشدا وموجها، بشيرا ونذيرا، ويجلس لآخرين معلما ومربيا ومؤدبا، سراجا منيرا، يناقش اهل الشبهات بغية بيان وجه الحق لهم، يذكر أهل الشهوات بغية النهوض بهم عن الدناءات، يجتهد في بيان الحق لمن أمامه بأبسط أسلوب، وأخصر عبارة ، وأهدأ بال، وصبر جميل ، إن رأيته صامتا فصمته عقل وتأمل ، وان نطق فنطقة صواب وحكمة، شره عن الخلق بعيد معزول، وخيره لهم قريب مأمول، اسبق الناس للخير، وأبطؤهم عن الشر، شجاع لكل محمود، جبان عن كل مذموم، قد امتلأ قلبه من خشية الله وتعظيمه، حتى ان لسانه لايفتر عن ذكره وتسبيحه، رضاه حاضر وغضبه غائر هاش باش اليف مألوف وعاء علم ، وخزانة أخلاق يخضع لبروز فضيلة، وينتفض لفشو رذيلة,,نظر إليه بعض الناس مرتفعا عن الزلات في حقه، فظنوه بليدا عاجزا مغفلا، ولسان مقاله وحاله يقول: }ولئن صبرتم لهو خير للصابرين{ (النحل 126) ويقول }وماعندالله خير وأبقى{ (القصص 60): }وماعند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون{ (الشورى36)، يأمل أن يكون من جملة الممدوحين في كتاب الله: }الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولايخشون أحدا إلا الله{ (الاحزاب39)، دلالة الناس إلى صراط الله أشغلت فكره، ومحبة الخير لعباد الله قيدت فؤاده، يتذكر قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب كما في الصحيحين: (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم),, فيزداد قوة ونشاطا، يجد كسلا وخورا فيستعين بالصبر والصلاة، ينتهز الفرص السانحة، لبيان أمر الله ونهيه، وهو يتذكر قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من حديث ابن عمرو:(بلغوا عني ولوآية) ويتذكر قول ربه: }سيذكر من يخشى { (الأعلى10) وقوله تعالى : }معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون{ (الاعراف164) يقضي جل وقت اطلاعه، في الكتاب والسنة، والسيرة العطرة،وسير الأئمة المصلحين، فينقدح في ذهنه من الشعور والفهم للمعاني ما يذكره بما نقله ابن رجب الحنبلي- رحمه الله- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال :(إني لأمر على الآية من كتاب الله ، فأود أن الناس كلهم يعلمون منهاما أعلم) (جامع العلوم والحكم 106).
يطيل النظر في أحوال من سلف فيغتم لحاله هو واحوال كثير من الخلف ، ولولا أن الله كتب له أجلا لايتقدم عنه لانصدع قلبه، لما يرى ما عليه كثير ممن قل علمه، وساء عمله.
يؤلمه إعراض المعرضين، وعناد المعاندين وجفوة الكثيرين عن التمسك بالدين، فيتعزى بقول رب العالمين :}فلا تذهب نفسك عليهم حسرات{ (فاطر8)، }إنك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء{ (القصص 56) يرى من بعض العباد جرأة في الدعوة لسبل الهالكين بالحال والقلم والمقال، فيتساءل متعجبا: كم يضل بسبب هذا من نفس؟!! فإن عجلة الزمان تدور، ويكثر المعجبون والمقلدون، ويخرج من الأتباع من يفوق المتبوع ضلالا وإضلالا، وهلاكا وإهلاكا، فيتعجب من سعة حلم الحليم على من تجرأ على الحدود، وآثر الصدود ، وقدم الغواية على الهداية وفضل الجحيم على النعيم، وابتاع وضيعا برفيع فيتذكر قول العليم الحكيم: }إن ربك عليم حكيم{ (يوسف 6).
يجتهد وسعه في العلم والعمل، ويحب معاشرة العلماء الصالحين المصلحين، ويبكي شوقا لمحمد -صلى الله عليه وسلم- وصحبه، يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه يردد اذا مضى هجيع من الليل (اللهم إن كنت قد كتبتني في سابق علمك من الأشقياء فامح ذلك، واكتبني من السعداء، إنك تمحو، ماتشاء وتثبت ، وعندك أم الكتاب).
من هذا شأنه غريب من الغرباء فطوبى له ثم طوبى، فحق على الجميع توقيره وإكرامه واجلاله ومؤازرته، والدعاء له، والذب عنه، وإعانته في مهمته فإن تقاصرت خطى الانسان عن صنع المعروف وفعل الخير فلا أقل من يكف شره عن إخوانه فهو مأجور ان شاء الله.
اللهم اجعلنا من الدعاة الصالحين المصلحين ما أفسده الناس، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على المرسلين.
* القويعية.

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved