Friday 13th August, 1999 G No. 9815جريدة الجزيرة الجمعة 2 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9815


نقاط فوق الحروف
التشاؤم في الحياة

لا شىء يضر بالشخصية الانسانية مثل التشاؤم، فهو من اخطر الامراض التي تصيب النفس وتعصف بها عن العمل، وكثيراً ما يجرها الى الهلاك ويجعلها ترتمي في الاخطار لان الحياة تصبح في نظرها جحيماً لا يطاق.
لنفترض ان هناك رجلاً متشائماً نظر الى هذا الكون فوجده مليئاً بالتعاسة والشقاء، وبالضعف والمرض، وبالخطايا والآثام، وبالاحزام والآلالم، وليس فيه امن ولا سلام ولم يكن عنده امل في المستقبل ولا ثقة به، واستسلم لهذه الاتجاهات التشاؤمية وترك السعي في الحياة، واخيراً اعتزم الخلاص منها فقتل نفسه، هل يجني من ذلك الا الخسران؟
ان هناك مصائب وكوارث تنصب على النفس فتجعلها تنظر الى الحياة نظرة شؤم، ولكن النفس المؤمنة بالله المرتقبة لرحمته لا يغادرها الامل من تلك الرحمة الالهية، وبهذا الايمان والامل تعالج مشاكلها مستعينة بالحكمة والصبر مترقبة انفراج الازمة التي تتخبط فيها، ولهذا دعا القرآن الناس جميعاً الى طلب رحمة الله، وان تكون مقصدهم في هذه الحياة, قال الله تعالى: قل بفضل من الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون .
وقال سبحانه: ورحمة ربك خير مما يجمعون .
ان ما دعا اليه القرآن من شأنه ان يكون شفاء لقلوب الملايين المحرومين من متع هذه الحياة، فان ابتغاء رحمة الله اذا سيطرت على تفكيرهم تجعلهم لا ينظرون نظرة رغبة واشتهاء الى من يفوقونهم ثراء وجاهاً لان مقصدهم في الحياة يعلو على هذه المظاهر الخلابة الزائلة.
والقرآن ينوه بهذا المقصد فيعلق نيل رحمته الى اصحاب الصفات العظيمة الذين أدوا واجبهم نحو الله ونحو بني جنسهم,,قال تعالى: ان رحمة الله قريب من المحسنين وقال سبحانه: ولئن قتلتم في سبيل الله او متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون .
وقال في وضع آخر: ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون ، وقال سبحانه عن بعض انبيائه: وأدخلناهم في رحمتنا انهم من الصالحين .
ان الذين يكون سعيهم على الدوام نيل رحمة الله لا توهن نفوسهم اية خيبة امل، او اية معصية تداهمهم، فهناك قوة روحية تدخل الى نفوسهم العزاء مما يقاسونه من آلام ومتاعب، وبعكس ذلك الذين يغفلون عن هذا المقصد او يقنطون من رحمة الله فانهم احرى ان تلتبس عليهم سبل النجاة فيقعوا في مواطن الخطر وما اصدق ما وصف به القرآن هذه الحالة: ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون .
فيا ايتها النفوس المعذبة المتشائمة التي تتلاطم بك امواج هذه الحياة يمي وجهك نحو ربك، واطلبي رحمته ليوصلك الى شاطىء الامان، فان رحمة الله لا يعجزها شيء في الوجود، وهي قريبة منكم اذا سألتم الله ان يمنحكم اياها، وفعلتم ما تستحقون عليه نيلها.
فهد بن عبدالله العامر
فرع منطقة حائل

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved