Friday 13th August, 1999 G No. 9815جريدة الجزيرة الجمعة 2 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9815


رياض الفكر
لمحاربة المخدرات
التوعية الدينية ,, خط الدفاع الأول
سلمان بن محمد العُمري

المخدرات ,, كم أصبحت هذه الكلمة مخيفة في عالم اليوم لكل من يسمعها، حتى الذين يعملون في تجارتها، أو يعيشون في فلكها، فالجميع يعلم جيداً ماتعمله هذه الكلمة من دمار وهلاك، إلا أنه بقدر ماتحمله المخدرات من الأمور المرعبة في حياة البشر، والتي تجعل الناس يفكرون، ويعملون بجدية للعيش في أمان بعيداً عنها، فإن أعداد ضحاياها تتزايد يوماً بعد يوم حتى أصبحت اليوم تمثل الشغل الشاغل الذي تعاني منه كافة الأمم والدول.
نعم ,, فكلمة المخدرات لم تعد مجرد كلمة تقال أو مصطلحاً يمر عليه الإنسان مرور الكرام، إنها قضية ومشكلة، أبعادها: الكرة الأرضية على اتساعها، وعمقها: في كل المجتمعات، ولو بنسب مختلفة.
لن نفتح ابواب مصائبها الصحية، فهي اكثر من أن تحصى، وسنكتفي منها بالقول بأنها تعيث خراباً في كل البدن؛ إذ تتأثر كل أعضاء المدمن: الأعصاب، والدماغ، والجهاز الهضمي، والتنفسي، والقلب، والدم، والكلى، والإنجاب والتكاثر، والجلد - وحتى المناعة والحالة النفسية - وجميع أنوع المخدرات، وإن اختلفت اذواق الذين يتعاطونها باختيار لهذا الصنف او ذاك تؤدي الى نفس النتائج الوخيمة.
كما أننا لن نخوض بتصنيفاتها، وتحديد نسب خطورتها، فالأشكال كما ذكرنا عديدة، وطرق التعاطي كثيرة، وأقلها خطورة يؤدي لشرور لاتحمد عقباها على الإطلاق.
إننا سنفتح زاوية صغيرة من هذه القضية الكبيرة، ألا وهي تأثيرها على الفرد والمجتمع والأمة من الناحية الاجتماعية، فالفرد الذي أدمن المخدرات او بعضها يفقد - مع الوقت - قوته الجسدية، ويصبح إنساناً هزيلاً ضعيفاً غير قادر على العطاء، ولايقوى على فعل شيء سوى تناول المخدرات والحصول عليها بأي طريق كان، حتى ولو سرق، أو قتل، أو كذب، أو ارتكب الفحشاء متنازلاً عن كل القيم والأخلاق.
وإنسان كهذا تحطم بنيانه بالتأكيد لن يقوى على بناء أسرة أو عائلة تشكل ركناً صلباً في المجتمع، أسرته ستتفسخ وتنحل، أبناؤه وأهل بيته ستتكالب عليهم المصائب والمشاكل، ولسوف يشردون ويضيعون، فالفقر سيلفهم بردائه القذر، والمجتمع سينبذهم إذا ماسولت لأحدهم نفسه بالشر والانحراف، ناهيك عن الفشل الذي يلم بأفراد الأسرة على صعيد العمل والدراسة والتحصيل، ناهيك عن تدهور العلاقات الاجتماعية التي تربطهم بالآخرين، وكل ذلك بسبب عائلهم المعتوه الذي أدمن سموماً حقيقية.
اما المجتمع فسيتأثر حتما لأن الأسرة هي نواة المجتمع، وكلما ازدادت نسبة الذين يقعون فريسة للمخدرات، أو يرتادون النوادي الآثمة لشرب المحرمات، زاد عدد الضحايا، وازداد معه ضرر المجتمع وتأذيه.
أما كيان الأمة فسوف يناله الاذى والضرر كتحصيل حاصل بخسارته لموارد الأمة الاقتصادية وطاقتها البشرية.
إن المخدرات بلاء انتشر في كل البلدان، والحمد لله مازلنا ننعم بحصانة منه في هذا البلد الطيب، بفضل تمسكه بكتاب الله تعالى، وسنة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم - وبفضل قيام الدولة - أيدها الله تعالى-0 بكل مامن شأنه إبعاد شبح هذه الآفة عن أبناء الأمة البررة، والضرب، بيد من حديد على أيدي من تسول له نفسه جلب المخدرات ، أو تعاطيها.
ولكن يجب ان نقول: إنه توجد حالات سلك فيها البعض الطريق الخاطئ، فاصبحوا مروجين لهذه الآفة او بائعين لها من الذين غرر بهم، فتناولوها، ولم يستطيعوا الخلاص منها، فكانوا بمثابة الضحايا الذين أوصلتهم أقدامهم لهذا الوحل الذي يصعب الخلاص منه، وهؤلاء مازالت امامهم الفرصة حتى ينقذوا أنفسهم حيث تقدم الدولة الأمان والعلاج معاً لمن يتقدم بالاعتراف بإدمانه أو بالإبلاغ عن مروجي المخدرات.
إننا نعيش في مجتمع آمن - والحمد الله - كما أننا نتعامل بمنتهي الشفافية والوضوح، ولذلك نحن لانتستر عن مجرم، بل إن الإخبار عن أولئك المجرمين الذين تقطع رقابهم فور ثبوت إدانتهم وتبث فوراً في وسائل الإعلام المختلفة ليعرف بها القاصي والداني، ويسر أبناء الأمة بالخلاص من تلك المصائب، وينزعج الاعداء الذين يتربصون الشر بهذه الأمة، ويموتون بغيظهم وكيدهم.
إن جهاز مكافحة المخدرات في بلادنا - ولله الحمد - يعتبر من أقوى الأجهزة علىمستوى العالم - وهذا فضل من الله - ولكن السلاح الأقوى الذي ننعم به، ونفاخر به هو تمسك الأمة بدينها الحنيف الذي يحفظها بإذن الله من المكاره كلها.
إننا في طرحنا لقضية المخدرات لابد من ان نؤكد على ان التوعية الدينية هي خط الوقاية والدفاع الاول ضد كل تلك الشرور، لانها تعتمد على العقيدة الراسخة في النفوس والإيمان الكامن في القلوب وفي العقول، وإن عقيدة الإسلام التي نؤمن بها كفيلة بذلك إذ تقوم على اساس الإيمان بالله وحده دون سواه، وتجعل العبد لايستغني عن ربه، ولو لحظة واحدة، وكل هذا يجعل من التوعية الدينية كياناً له أعظم الأثر وأقوى التأثير وأفضل النتائج في تحري الطاعات واجتناب المحرمات
ومن هنا نجد ان الذين توجه لهم التوعية هم أناس مسلمون مهيأون للاستجابة السريعة بإذن الله، وبالتالي تصبح مهمة الذين يقومون بهذه التوعية سهلة في تحقيق اروع النتائج، على انه يجب ان تتسم التوعية بطابع سهل مفهوم، وتكون صفتها الاستمرارية والدوام دون استعجال للثمار التي لابد - بمشيئة الله وتوفيقه - ان تأتي اخيراً.
إن منابر الإسلام هي اعظم مكان تنطلق منه المواعظ والعبر، إنها وسيلة الإعلام الرائعة التي ارادها الله لنا ليكون فيها الخير كل الخير، فالناس يأتون الى بيوت الله طوعاً لاكرهاً، وبشكل منتظم ومتكرر، وعلى الداعية ان يعرف عظم العمل الذي يقوم به في مجتمعنا؛ لأن المسجد يعد اهم وأعظم وسائل التوعية.
كما أن هناك العديد من المؤسسات الاجتماعية والتربوية كالمدارس والنوادي ووسائل الإعلام الحديثة، وكلها مصادر خصبة لتوعية المجتمع بمخاطر المخدرات ومحاذيرها.
ومع كل تلك الوسائل فسوف يظل الفرد المسلم هو السلامة الأمثل في مواجهة هذه الآفة,, فأنا وانت، وهو وهي، وبمقدار تمسكنا بالإسلام الحنيف سوف نكون قلعة صلبة بوجه المخدرات، نمنعها من الوصول لمبتغاها.
كلمة اخيرة نوجهها لإخواننا وأبنائنا الذين يرغبون في السفر للخارج، وهي : إن كان بالإمكان الاستغناء عن ذلك السفر - خاصة لمن يرغب في السياحة فقط - فهذا أفضل، فبلادنا جميلة، والسياحة فيها في تقدم وأزدهار، وإن لم يكن ، كمن يضطر لهذا السفر للدراسة او العمل او نحو ذلك - فالحذر كل الحذر، خاصة في تلك المجتمعات التي لايحكمها شرع الله ,,, والله من وراء القصد.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved