Friday 13th August, 1999 G No. 9815جريدة الجزيرة الجمعة 2 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9815


احتضار العطاء بين يدي الجحود

قلب يخفق وسط احشاء مدارات معتمة يبحث عن مكامن النجاة في اثر خطوات فلول المستحيل, جحافل من الرجاءات والتوسلات تجثو تحت اقدام الحاضر المريع، انسانة تملأ الهزيمة جوانحها ودم الحبيبة يركض بنهم في شرايينها ونبال الوجع تحاصر انفاس ايامها اشواك اليأس كما الالغام المزروعة تحت اقدامها وبذرة الامل بداخل اعماقها اتعبها النزف,, الموانىء اجتاحها الاعصار والسفن غرقى ومدنها دفنت تحت الرمال وباتت مصابيح تلك المدن تلفظ آخر انفاس توقدها.
كل ما حولها اصبح كما المشانق اصبح اليقين وهما,, الحلم سرابا, اصبحت تلك الانسانة تجدف ضد التيار,, تريد ان تثبت للجميع انها الاقوى,, الاصدق,, على الرغم من تلك التعثرات وذلك الفضاء الملغوم بسموم اليأس ذهبت غاضبة يحدوها الامل وفي قرارة نفسها انه سيأتي يوم تعلق فيه انتصارها وتكسب الرهان وتلتئم الجراح ويهطل المطر وتزهر الارض بعد الجدب وتشدو البلابل بلحن الحب والسلام, فطال الانتظار واصبح انتظارا عقيما لا يسمن ولايغني من جوع فكل قادم ينذر بالويل والحسرة كل المعاني الرائعة بدأت في الانقراض وعلى الرغم من ذلك مازالت تتحمس بان هناك شيئا يرغم اقدامها على المضي للامام وسوف يتحقق ما تصبو اليه, وعلى الرغم من تهشم مصباح حياتها الا انه مازالت هناك فتيلة مشتعلة تنير لها الدرب وصورة ترتسم دوما امامها تضيء افق مشاعرها فبالرغم من رائحة الحزن والهزيمة التي كانت تملأ خياشيم لحظاتها لكنها تحس بنسائم الامل المنشود تلعثم جبين غربتها ,, لديها شعور ويقين بانه سوف يأتي يوم تقطف به ثمرة انتظارها وصبرها المرير وان بداخلها جذوة تدفئها وتحميها من زمهرير ذلك الشتاء الذي يرتدي احاسيسها، فمازالت تتنفس من رئة الحلم بلقاء ذلك الامل وتلك النجاة وبرأسها تحمل كل افكار ومعاني الوفاء والنقاء فمازال لدفء ذلك الطيف بين جوانحها شهيق وزفير فمازالت روعة وسحر اللقاء تغري مشاعر الفرح بداخل اعماقها وسيموت نسيم الحزن فوق ربى ايامها وتولد الشموس التي افلت من سنين قد خلت ويعم النقاء عالمها الممتلىء بابواق الدمار وتتدفق السعادة معلنة قدوم شلالات الحلم ووداع اشباح اليأس,, فبعد هذا الانتظار المرير وتلك المعارك الطاحنة وذلك الترقب الموجوع وتلك الرياح الغاضية تحقق الحلم وتشققت السماء بالغمام تنذر بمقدم ذلك الهطول الذي طالما انتظرته عاما تلو العام فهرعت لاستقباله ولهفتها تعانق عنان السماء وشلالات دمع الفرح تنهمر من بين اخاديد وجناتها لقد أتى نعم اتى انه هو هأنذا اراه انه يقترب مني هل ترونه؟! الم اقل لكم من ذي قبل سوف يأتي,,؟!
فها هو اتى كل ما فيّ يريد ان يعانقه يحتضنه يبكي على صدره يدفن بين اضلاعه حزن الغربة, اقترب يا حبيبي!! الم تعرفني ؟! انا من جعلت العالم في كفة وحبها لك في كفة,, ماذا دهاك ما بالك تنظر اليَّ هكذا وكأنك المغشي عليه,,؟!
انظر الى يدي انهما مشرعتان لاحتضانك انني مشتاقة اليك هيا خذ يدي لأنسى هيا اخبرهم انك عدت اليَّ لتعوضني بشهد شوقك لي عن علقم ايام خلت,, وانني كسبت الرهان,, لم ادرت ظهرك لي لماذا,, لماذا,,؟!
عاد وليته لم يعد,, عاد واسكن في قلبي الف جرح وجرح واطفأ بداخلي قناديل الفرح وعاد وكل ما بداخله من مشاعر اصبح في حالة تجمد كان ينظر اليّ بنظرات يخال الي انها كما الرماح تقتل كل وريد وكل نبضة تخفق بحبه,, قابلني بكل برود واستحال احتفالي بقدومه الى مأتم احتفل بهلاكي فيه اصبحت قصور احلامي وآمالي التي بنيتها بدمي قبل دمعي من رمال اصتاها ذلك الموج المتمرد على انسانيته وابادها عن بكرة ابيها,, تحول الحلم الى وهم,, والبراءة الى جبروت,, وفي تلك اللحظات احسست بمواجهة المصير انها النهاية التي تجلجل بين اضلاعه فكل ما فيه ينذر بالاجل المحتوم يلفظني ,, اصبح الامتداد نهاية والعطاء حرمانا,, والحضور افلتت شموسه اصبح الهطول جفافا اصبحت تلك الشمس التي طالما انتظرت شروقها لهبا يحرق سنابل العطاء بداخلي وخسرت الرهان,, اذن هي النهاية لم لا تنطق بها ام حياؤك يمنعك من التفوه بها؟! وعلى الرغم من هذا سأحملك وردة بين اضلعي استنشقها كلما اردت ان اشعر بوجودي وذاتي,, سأرسمك في افقي تلك الصورة التي لا يمل ناظري من مشاهدتها,, ستبقى ذلك العيد الذي احتفل به كل سنة تمر من عمري في غيابك وتلك النجمة التي اسير تحت ضيائها لتنير طريق سيري في الحياة,, سيبقى حبك في الماضي ذلك الرمز الاوحد في حياتي,, لن انكرك,, لن اسمح للنسيان ان يتمرد على حبك بداخلي,, سأباهي بك فوق المنابر وفي المحافل,, ستكون في نظري الأنقى والأروع,, وداعاً حبيبي.
خالد أحمد الناشي
الخرج

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved