Friday 13th August, 1999 G No. 9815جريدة الجزيرة الجمعة 2 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9815


قصة بلاعنوان

في سنة من سنوات العمر، وفي يوم من أيام السنة، وفي ساعة من ساعات ذلك اليوم وبعد صلاة الفجر مباشرة، ارسل الجو نسماته الباردة لتدلل اشجار الطبيعة وتبللها بقطرات الندى لتزيد من عبق رائحة الطبيعة وسحرها.
في ذلك الجو العليل ارسلت الطيور اهازيجها وانغامها فرحا بميلاد عصفور وديع فعم الفرح اجواء ذلك المكان واقاموا احتفالا بهيجا يضم جميع الاحبة تعبيرا عن فرحتهم بتلك المناسبة السعيدة، وفجأة عم السكون على ذلك المكان حين شاهدوا امرا لم تره اعينهم من قبل ولم يخطر لهم على بال حيث قام ذلك العصفور الوليد واصدر انتفاضة شديدة اقشعرت منها القلوب وفزعوا لذلك اشد الفزع وزادت دهشتهم وفزعهم حينما شاهدوا انفلاق ذلك العصفور الى نصفين وخروج عصفور اخر من ذلك العصفور الوليد والابصار شاخصة في ذلك المنظر العظيم ولم تهدأ دهشتهم بل زادت حينما شاهدوا قلب ذلك العصفور وروحه انقسمت بين هذين العصفورين الوليدين فنام الاول وطار الاخر محلقا في السماء هاربا تاركا شطره الاخر في الارض.
ولم تستطع تلك الطيور التدخل في ذلك انها قدرة الهية من الله جل شأنه وعظم سلطانه، اذ شاء لذلك العصفور ان يبحث عن اخيه في الروح والقلب معا, يالها من ازمة عاشها ذلك العصفور في البحث عن اخيه لم يدع سبيلا الا وسلكه ولم يترك بابا ولا نافذة الا وطرقهما بمنقاره الضعيف ربما يكون في احد البيوت حبيسا وطار محلقا في الجو ربما يكون فوق شجرة من الاشجار اوتحتها,, ربما ,,, وربما,, وربما تاه ذلك المسكين لم ير عصفورا الا وحملق في عينيه قيل انه لا يشبهه شكلا ولكن لا يهم الشبة اذا كانت الروح واحدة والقلب واحدا.
ولكن قواه ضعفت من شدة التعب فذهب لتلك الشجرة فنام في ظلها ليكمل المسير فيما بعد,, وفجأة فتح عينيه الصغيرتين فاذا بعصفور اخر يحملق النظر فيه يناجيه ويحاكيه فلم يحس به ذلك العصفور المتعب ولم يشعر بتلك المناجاة فحلق ذلك العصفور الاخر في السماء تاركا ذلك العصفور مكانه فوق تلك الشجرة , وفي تلك الاثناء فكر هذا المسكين في مناجاة ذلك العصفور الطائر فقال في نفسه لماذا لا يكون هو اخي الروحي لماذا لا يكون هو غاية ما اتمنى وارجو ان اكمل روحي الناقصة وقلبي الملتهب شوقا الى شطره الآخر فطار ذلك العصفور ليبحث عن عصفوره الطائر الذي كان بين يديه منذ لحظات بسيطة فوجده فوق شجرة من الاشجار القريبة في صحبة عصفورين اخرين يتجاذبون انغاما من الفرح والسرور التي ملأت ذلك المكان فأتي ذلك العصفور الباحث المنقب عن اخاه ليناجي ذلك العصفور ويتوسل اليه ان يجيبه ويجاذبه العبارات ولكنه لم يحس به ذلك العصفور جزاء له قالها له بصراحة لماذا لم تجبني لماذا تتركني في حيرة من امري لماذا لم تبادلني ماكنت اريد ولكن ذلك العصفور لم ييأس ولماذا اليأس والامل موجود خيل اليه ان ذلك العصفور اخوه الروحي والا لما عرض نفسه للطرد والتجريح وعاود المحاولة مرة اخرى ولكنه قوبل بالتصدي له والكذب عليه والاستهزاء منه والسخرية عليه فحاول ان يبعد عمن جرحه عمن ظلمه وطار محلقا في السماء وهو يفكر في تلك الصدمة وخيبة الامل فسقط على الارض مغشيا عليه فسارع قلبه في الخفقان وشخصت عيناه ولكنهما لم تدمعا لتطفا شطر قلبه الملتهب فاصبح عاجزا عن الطيران حيث تساقط ريشه على الارض تعبيرا عن مأساته, ولم يلبث الا ان رأى عصفورا اخر يقترب منه في حين انه يئس من البحث عن اخيه الروحي كيف لا وهو لا يملك اي وسيلة للبحث عنه مرة اخرى حيث ضعفت قواه وتساقط ريشه فنظر العصفور الآتي اليه فطلب منه ذلك العصفور الجريح ان يتركه في حاله ولكنه اصر على صحبته حيث لم يترك له الخيار من امره فقال له سأصحبك رغما عنك فرضخ ذلك العصفور الكسير له لانه في حاجة الى من يناجيه الى من يخفف عنه الى من يواسيه في امله المفقود فلم يجد سبيلا الا ان يشكي اليه عله يحس به ولكن ذلك العصفور لم يفهم حديثه ولا مناجاته يريد ان يصحبه فقط فكلما تحدث ذلك العصفور قاطعه وتحدث هو عن نفسه وعن تصرفاته الشخصية الغير مهمة لم يهتم بما قيل له فزادت جروح ذلك العصفور جروحا احس انه في واد ومن يدعي صحبته في واد اخر احزنه ما ألم به من جروح بقيت تختلج في فؤاده الجريح ولكنه رغم ذلك لم يترك صاحبه هذا بل احس ببصيص امل وفكر في البحث بعينيه المجهدتين وهو في مكانه ساكنا واخذ يحرك عينيه في كل اتجاه فوقعت عينه على شجرة امامهما على عصفور بين عصافير كثيرة فوق تلك الشجرة فشع له نور وضياء واملا جديدا عند روؤيته لذلك العصفور فاعجب به وتحرك له قلبه ولكأن الدنيا لم تسع لغيره فحاول ان يتقرب منه ولكن ذلك الصديق يريد ان يمنعه بأي قوة يستطيعها فكلما حاول الحديث عنه حاول ان يصرفه عنه بأي طريقة كانت لم يترك له اي فرصة او محاولة له في التقرب منه ولكن ذلك العصفور رغم انكساره وجروحه اخذ يفكر في التقرب من ذلك العصفور بأي طريقة كانت فناداه على انفراد وعندما جلس ذلك العصفور بجانبه سمع دقات قلبه بنفس دقات قلب ذلك العصفور فاحس بروحه وقد اكتملت فشعر براحة لم يشعر بها من قبل واخذ يناجيه ففهم مناجاته ويشكي اليه فخفف عنه بالانصات له فنظر الى عينيه فأحس قلبا من الحنان الذي لم تر عيناه مثل حنانهما من قبل فأحس باستقرار نفسي جعله يفكر ويحاكي نفسه اهذا اخي الروحي اكيد انه هو لا محالة واثناء تفكيره في مصارحته بذلك اطلق ذلك العصفور الرائع اهات صادرة من قلبه فزادت حيرة ذلك العصفور المصاب واراد ان يعرف اسباب تلك الاهات ولكنه اراد ان يحتفظ بها لنفسه حين قال: انا طويت صفحة الماضي ولا احب استرجاعه فنظر ذلك العصفور البائس اليه نظرة من يريد ان يقول له: لماذا تطفىء شمس شوقي اليك لماذا يا املي لماذا اقترب منك وتبتعد عني ففهم ذلك العصفور مغزاه فاخذ يحكي له قصصا زادت من حيرته فاصبح يحبه ويخافه يقترب منه وفي نفسه يحاول ان يبتعد عنه خوفا من ان يقول له اخطأت العنوان فاكمل مسيرك في البحث عن اخيك الروحي.
فكتب ذلك العصفور في تلك اللحظة مشكلته على ورقة بيضاء عله يجد في بني الانسان حلا يقتنع به دون ان يجرحه فهل من حل مقنع يتصرف به ذلك العصفور حين عجز عن اتخاذ القرار وهل من عنوان يكتبه لقصته وما اسم ذلك العنوان؟!!
فتون المطرفي

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved