تجدد التوتر الأمني والعسكري والسياسي بين باكستان والهند في وقت لم تبرد خلاله بعد سخونة المواجهات القتالية الدامية التي وقعت الشهر الماضي بينهما في اقليم كشمير.
ولم يكن هذا التوتر الذي بدأ أول أمس مفاجئاً لأي مراقب سياسي أو خبير عسكري بعد أن رفض رئيس وزراء الهند نداءات نظيره الباكستاني لبدء حوار سياسي بأسرع وقت ممكن لتسوية أسباب الخلافات التي أثارت مواجهات كشمير الأخيرة.
رئيس وزراء الهند وقادته العسكريون رفضوا بشدة -ربما لاحساسهم بانهم يتكلمون من موقع قوة وانتصار عسكري في كشمير- رفضوا دعوة الحوار بحجة ان باكستان مازالت تمارس أو ترعى ما يسمونه الارهاب وهم -قادة الهند- يعنون بكلمة ارهاب ثوار كشمير ومطالبتهم بحق تقرير المصير,, وهو -للأسف- خلط فكري وسياسي هندي متعمد بين الارهاب العدواني، والمقاومة الوطنية المشروعة من أجل حق تقرير المصير.
ومن موقفهم هذا، فان قادة الهند اعترفوا أمس بانهم أمروا بإسقاط طائرة عسكرية باكستانية تحمل 16 عسكرياً باكستانياً لقوا جميعاً مصرعهم.
واعترف متحدث باسم سلاح الجو الهندي أمس ان قطعاً من حطام الطائرة قد سقطت في أرض باكستان، وهذا الاعتراف يعزز قول وزير خارجية باكستان ان الطائرة اسقطت وهي داخل أراضي باكستان وانها في الأصل طائرة استطلاع تابعة لسلاح البحرية الباكستانية.
وقد حمل هذا التطور العسكري غير المبرر -فيما يبدو من الهند- حمل باكستان على اتخاذ ثلاث خطوات غير مألوفة في الأحوال العادية وهي:
أولاً: عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء تم خلالها بحث الرد الممكن والملائم لما وصفه وزير الخارجية بالعدوان الهندي.
ثانياً: ابلاغ مجلس الأمن الدولي ودوائر دولية أخرى بالعدوان الهندي الذي راح ضحيته 16 عسكرياً في الطائرة التي اسقطت.
ثالثاً: اعلان حالة التأهب القصوى في جميع أسلحة القوات المسلحة الباكستانية تحسباً لأي احتمالات واردة مع الهند، واستعداداً للدفاع عن أراضي وشعب وسيادة الدولة.
ونخشى -أخيراً- أن يكون اصرار قيادة الهند السياسية والعسكرية على عدم الدخول مع باكستان في حوار سياسي إلا بموجب شروط مسبقة سببه السعي إلى كسب تأييد أغلبية أكثر من الناخبين الهنود، خصوصاً بعد ان زادت بالفعل شعبية الحزب القومي الهندوسي الحاكم اثر انتصار القوات الهندية على ثوار كشمير الذين أطلقت عليهم الهند صفة متسللين من باكستان، امعاناً في عدم الاعتراف بهم كأصحاب حق مشروع في تقرير المصير.
ونخشى ان نقول ان مثل هذا الفهم اذا ما استمرت الهند في التعامل به مع باكستان في قضية اقليم كشمير، سيقود دون شك إلى مواجهة جديدة بين الدولتين لا يعلم إلا الله وحده ما ستكون عليه أو تنتهي إليه من دمار وضحايا.
|