الحائزة على جائزة نوبل 1991، هذه الرواية التي هي آخر نتاج الكاتبة الجنوب أفريقية اعتبرها الكثير من النقاد بمثابة شاهد هام على ظاهرة العنف المتعاظمة في العالم,, وحيث تشكل أفريقيا احدى ضحاياها الأساسيين, يقول الدكتور محمد مخلوف: ان نادين غوردمر ترسم في كل صفحة من صفحات هذا الكتاب مظهرا من مظاهر التحول التي تشهده جنوب أفريقيا بعد نهاية نظام سيادة الأقلية العنصرية البيضاء، وتركز الكتابة بشكل خاص على سمة التناقض حيث يمتلك كل إنسان بداخله دافعين يوجهانه في دروب متمايزة، كما يختلط داخل كل إنسان العام بالخاص,, فمشاكل البوسنة والصومال يمكن ان تمتزج مع قهوة الصباح، هكذا تنقل نادين غوردمر قارئها الى رؤية شاملة وشموليةو لقضايا العالم الكبير ولما يواجهه من تحديات مصيرية بحسب معلوف، الذي يضيف: ان الشخصيات التي تحتويها هذه الرواية الشهادة تبدو جميعها مليئة بالاحاسيس والانفعالات انها تعكس بهذا صورة العالم اليوم الذي تتقاذفه أهواء وتيارات متعددة,, كما تعكس الهيجان الداخلي الذي يعيشه شعب جنوب افريقيا، بمختلف مكوناته البيضاء والسوداء أمام الحالة الانتقالية التي يعيشها العالم ويعيشها هو داخل هذا العالم, تحكي هذه الرواية قصة مأساة داخلية تعيشها احدى الأسر من جنوب افريقيا في مرحلة زوال النظام العنصري ووصول النظام الجديد الذي يتزعمه نيلسون مانديلا، الذي تبدو صورته بين الكلمات وعبر الحوارات بين مختلف شخصيات الرواية، انها مأساة داخلية تعبر عن حالة من التمزق بين الحنين الى وضع اصبح ينتمي الى الماضي كان لتلك الأسرة مكاسب كبيرة في ظله وحالة قائمة تتطلب بذل جهود كبيرة للوصول الى حالة من التعايش والسلام معها.
* ليوبولد سيدار سنجور كتاب ل جوزيف روجيه يجمع بين السيرة الذاتية للرئيس الشاعر وبين مجموعة من قصائد تمثل حوالي مائة صفحة من صفحات الكتاب,, ان إحدى السمات الأساسية التي ركز عليها المؤلف في شخصية رجل الدولة والشاعر سنجور هو مزجه بين الصور الشعرية الحديثة ومكامن النفس الافريقية ويبدو من خلال تقديم بعض الأشعار مدى ارتباط سنجور بارض مولوده وبعادات أهلها وبعظمة فلاحيها، ولقد تغنى الشاعر كثيرا ببهاء السود لكنه لم ينس أبدا دعوته المتكررة والملحة من أجل فتح الآفاق أمام مصالح جميع العروق الإنسانية فيما بينها,, ولا يقتصر هذا الكتاب على التعرض لشخصية ليوبولد سيدار سنجور كشاعر وأديب فحسب، وانما يجد القارىء أيضا تعريقا بالبعد الآخر لشخصية سنجور هو بعدها السياسي ورؤيتها الاستراتيجية، هكذا قدم مثلا سنجور في فترة الثلاثينيات حيث كان طالبا في فرنسا وكان صديقا قريبا لزميله في الدراسة جورج بومبيدو الذي أصبح فيما بعد رئيسا للجمهورية الفرنسية كما كان الاثنان معجبين كثيرا بالمناضل الأمريكي مارتن لوثر كنج الذي خاض معركة الدفاع عن حقوق الامريكيين السود وأطلق عليه سنجور فيما بعد لقب مارتن لوثر كنج ملك السلام لكن ومهما كان الاهتمام الذي يوليه المؤلف لرجل الدولة وللرئيس السنغالي السابق ليوبولد سنجور فإن شخصية الشاعر هي التي تظل طاغية ومسيطرة على هذه السيرة الذاتية التي يخصه بها صديقه جوزيف روجيه دوبوتوا مؤلف هذا الكتاب.
* احتيالات ثقافية كتاب ل آلان سوكال وجان يريكمونت، أثار ضجة كبيرة في مختلف الأوساط الثقافية والفكرية والاعلامية في الغرب, وهدف هذا الكتاب بحسب محمد معلوف، هو القيام بعملية هجوم عنيفة ضد الاستخدام غير الصحيح الذي يلجأ له الكثر من الكتاب وأحيانا من بين الأكثر شهرة منهم، في كتاباتهم وبالتحديد استخدامهم لمقولات واطروحات ولغة العلوم بطريقة غير صحيحة فيجد القارىء أمامه العديد من النصوص وشروحها العائدة لمفكرين من المشاهير مثل جاك لاكان وجان بودريا وجوليا كريشتيف وجيل دلوز وبرونو لاتور ذوي الشهرة الكبيرة في الولايات المتحدة الامريكية على الرغم من غالبيتهم يحملون الجنسية الفرنسية, ان مؤلفي هذا الكتاب كما يقول مخلوف أرادا البرهنة في مختلف فصول هذا العمل الى مسألة واحدة، ألا وهي ان بعض المفكرين المشهورين قد أساؤوا كثرا استخدام القاموس العلمي الأمر الذي لم يؤد في الواقع الى على أطروحاتهم وأفكارهم أكثر وضوحا وانما اضفى عليها على العكس قتامة اضافية بدلا من التوضيح الذي يشكل احد مهمات العلم, ان القضية الأساسية التي يتعرض لها مؤلفا هذا الكتاب تتجاوز في الواقع مجرد التصدي لمجموعة من المفكرين الكبار سمحوا لأنفسهم ان يستسهلوا استخدام اللغة العلمية ومفاهيمها دون بحث وتمحيص وانها تتمثل- اي القضية الأساسية في محاولة تحليل ظاهرة سادت منذ سنوات في الأوساط الثقافية لبعض الأساتذة الجامعيين الأمريكيين، ويحدد المؤلف هذه الظاهرة بتحول قطاعات عريضة من الدراسات الأدبية ودراسات العلوم الإنسانية الى ما يسمى بما بعد الحداثة أي ما يجد ترجمته في وجود تيار يرفض الى هذه الدرجة او تلك التقاليد العقلانية التي ارساها عصر التنوير الغربي منذ القرن الثامن عشر وتتمثل السمة الأساسية لهذا التيار في التعامل مع العلوم وكأنها مجرد حكايات مروية أو كأنها مجرد بنى اجتماعية شبيهة بغيرها، كما يرى مخلوف والذي يضيف قائلا: إن هذا الكتاب و محاولة نقدية جريئة لتيار ما بعد الحداثة في الفكر الغربي المعاصر وذلك عبر شد الانتباه نحو بعض المظاهر غير المعروفة كثيرا لهذا التيار الذي يصل سوء استخدامه للغة العلم ومفاهيم درجة الاحتيال احيانا تشمل اشكال الاحتيال المدروسة، استخدام النظريات العلمية دون معرفتها بدقة,, كما يحاول بعض المؤلفين ممارسة بعض الفوقية المعرفية على القارىء عبر استخدامهم لتعابير علمية لا يفهمها القارىء ويفترض بالمقابل معرفة كاتبها بها وبأنه يتوخى الدقة في كتابته, هدف هذا الكتاب هو اذن وبحسب معلوف، وضع النقاط على الحروف وازالة الأوهام عن بعض النصوص التي اشتهرت بانها صعبة وعميقة ويتطلب فهم معارف واسعة لكن حقيقة الأمر هو ان صعوبتها واستغلاقها على الفهم أحيانا انما مصدره أمر واحد هو انها لا تعني أي شيء في الواقع.
|