تهديد الرئيس العراقي صدام حسين لايران باستخدام القوة ضدها إذا لم تطلق الاسرى العراقيين من سجونها الذين يعانون من سوء المعاملة اليومي، وصنوف التعذيب اللاإنساني المستمر لأكثر من عقد زمني,
قبل ان نتحدث عن هذا التهديد العراقي، والقدرة أو العجز عن تنفيذه، نقرر بان الأسرى الكويتيين وغيرهم من اسرى عند العراق يعانون سوء العذاب في داخل السجون العراقية منهم من مات تحت وطأة التعذيب، ومنهم من جن بالضغط النفسي المتواصل عليه، ومنهم من تحول إلى هيكل عظمي من التعذيب بالجوع، وجلادو النظام العراقي يواصلون هذا التعذيب بانواعه المختلفة ضد الاسرى بصورة مستمرة تقرب من عقد زمني,
نكران العراق احتجازها أسرى الحرب الخليجية الثانية تكذبه وتدحضه الوثائق الموجودة لدى الدول المنتمي لها الاسرى بالمواطنة، وتقدمت بشكوى إلى الأمم المتحدة تطالبها بفك الاسرى لدى العراق الخاضعين لاسوأ انتهاك لحقوق الإنسان عرفه التاريخ الإنساني على الأرض,
اجدد الطلب الذي رفعته في اكثر من مناسبة بضرورة التفتيش عن الاسرى المحتجزين في العراق بفريق دولي متخصص تفتح له سجون العراق تنفيذاً لقرار يصدر من مجلس الأمن على غرار القرار الصادر منه القاضي بالتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل,
التبرير المنطقي لاصدار هذا القرار الدولي الخاص بالاسرى والتفتيش عنهم في داخل العراق يستند إلى ان ما يلاقونه من عذاب يتماثل مع العذاب الذي سيقع على الناس من استخدام اسلحة الدمار الشامل، فالاولى ان نرفع عن الاسرى العذاب الواقع عليهم عن حماية الناس من عذاب متوقع حدوثه لو استخدمت الدول ما لديها من هذه الأسلحة الفتاكة التي تدمر الإنسان والأرض معاً,
ليس في هذا القول ما يعني الكف عن التفتيش في العراق عن أسلحة الدمار الشامل وانما نرمي به إلى ان يتزامن البحث عن الاسرى المعذبين في داخل العراق مع البحث عن أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها العراق وتهدد بها الناس كما فعلت مؤخراً بالتهديد لايران، الذي يثبت بشكل قاطع ان لدى صدام حسين هذه النوعية من اسلحة الدمار الشامل التي لاتزال مخبأة بعيداً عن انظار فريق التفتيش الدولي,
دفء هذا السلاح الفتاك عند العراق جعل رئيسه يهدد ايران باستخدام القوة على الرغم من أن بلاده خاضعة لنظام آيل للسقوط، ونعتقد أن هذه الحقيقة تفرض البحث المكثف عن أسلحة الدمار الشامل في كل شبر داخل الأراضي العراقية، حتى يفقد صدام حسين هذه الاسلحة تماماً وبالتالي يفقد احساسه بالقوة التي تدفعه اليوم إلى تهديد ايران وتجعله يواصل تحديه للعالم على الرغم من تضييق الخناق الدولي عليه,
حديث صدام حسين عن الاسرى العراقيين لدى ايران وانبراؤه للدفاع عنهم لتخليصهم من ذل الاسر سيدخلهم في حالة اطلاق سراحهم الى السجن الكبير في داخل الوطن العراقي الذي يعاني فيه كل الناس من الذل في مواجهة النظام القائم في بغداد الذي لا يتردد في قتل الناس لاتفه الاسباب أو لمجرد الشك في عدم الولاء لصدام حسين وجنده الذين يذيقون الناس فنونا من العذاب، حتى اصبح كل المواطنين في العراق يطالبون بفك اسرهم باسقاط النظام القائم في بغداد,
المعارضة العراقية في خارج العراق تقول الناس جميعاً في العراق اسرى سواء في ذلك الاسرى المحتجزون بالسجون العراقية في اثناء وبعد الحرب الخليجية الثانية أو المواطنون الذين يجبرون على الولاء والطاعة للنظام بعامل الخوف إلى الدرجة التي جعلتهم يكرهون الوطن الذي ينتمون اليه ويخططون الى الفرار منه، ليرفعوا عن انفسهم ذل الخضوع لنظام جائر يذبح الناس علانية في الاسواق كما يذبح الدجاج فيه,
يذكرنا هذا الوضع القائم في بغداد الذي يحتجز الاسرى ويعامل كل الناس كأسرى، مع مطالبته ايران بفك اسر العراقيين في سجونها بقول أبي الطيب المتنبي:
لاتنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم |
ان وجود وبقاء واستمرار صدام حسين على سدة السلطة والحكم في بغداد يمثل وصمة عار في جبين الامة العربية لانه يقدم الدليل للعالم بجور الحكم العربي على الإنسان العربي دون ضوابط تحده أو قانون يحكمه أو شعب يردعه، وهذا يتطلب وقفة عربية من الحكومات والشعوب ضد النظام القائم في العراق حتى يسقط ليغسلوا عار الحكم الهمجي في بغداد ليثبتوا ان العرب أصحاب حضارة اكتسبوها من اعتناقهم عقيدة الإسلام، التي بُنيت على دعائمها الحضارة الإنسانية المعاصرة بأخذها من الإسلام الرحمة، والتزامها بسيادة القانون الذي ينظم العلاقة بين الحاكم الملتزم بطاعة الله، والمحكوم الملتزم بطاعة الحاكم، في ظل منظومة سياسية حدد معالمها سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وأكد الالتزام بها الخليفة الراشد الأول ابو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه بقوله للناس بعد بيعته: اطيعوني ما اطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم ,
هذا الفكر الإسلامي المشرق الذي حدد معالم الحياة في الوطن الإسلامي، وقدم المصدر الأساسي لانماطها القائمة اليوم تحت مظلة الحضارة الإنسانية المعاصرة، هو الذي يثبت حقيقة العرب المسلمين، وليس ما يرتكب من جرائم صدام حسين ضد الناس في داخل العراق وضد الإنسانية في خارج العراق، وقمع بواسطة الأمم المتحدة التي شارك في عضويتها الدول العربية حتى اصبح من الضعف الذي لا يستقيم معه التبجح بالتهديد للغير من مواطن عدم القدرة على التنفيذ، فجاء تهديد صدام حسين لايران يعبر عما قاله جرير في مهاجمته الفرزدق:
زعم الفرزدق ان سيقتل مربعاً فأنعم بطول سلامة يامربع |
لم تعبأ طهران بتهديدات صدام حسين الموجهة ضدها واعتبرته مجرد انفعال حكمه فقدان القدرة على البقاء في السلطة والحكم بعد ان تحركت المعارضة في الخارج ضدها تحت مظلة التوجه الدولي المقتنع بضرورة نزع الحكم من صدام حسين رحمة بشعب العراق الذي حجب عنه كل مقومات الحياة الأساسية وانهاء لنظام تسلطي لا ينتمي للمرحلة التاريخية التي تعيشها الإنسانية اليوم,
تؤمن ايران بأن صدام حسين لا يمتلك امكانية تنفيذ تهديداته بعد أن اصبحت بلاده خاضعة بالكامل للاشراف من قبل الأمم المتحدة، وهو ما أدى إلى اختلاف الموازين الاقليمية بصورة جعلته مشلول الحركة اقليمياً بعد أن تجاوزه الزمن منذ عدوانه على الكويت واخرج من منظومة الاستراتيجية الدولية التي تعمل على اخراج العراق من وطأة الحكم الجائر المتناقض مع معطيات الحياة السياسية المعاصرة وما يربطها بالاستراتيجية الدولية,
غير ان ايران بالرغم من عدم اهتمامها بالتهديد العراقي الانفعالي، اهتمت بالرد على اتهام صدام حسين لطهران ببدء القتال في الحرب بينهما التي استمرت ثماني سنوات من سنة 1980م الى سنة 1988م وكلفت المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية حميد رضا اصفى الذي قال ان الوثائق المتوفرة عندنا والموجودة في بغداد تثبت بشكل قاطع ان صدام حسين قد بدأ تلك الحرب الطويلة بين البلدين الجارتين بدوافع الاطماع العراقية في ايران التي تكررت في الكويت,
أكد حميد رضا اصفى ان الوثائق التي نتحدث عنها تدين صدام حسين بجرم العدوان علينا وكذلك بجرم العدوان على الكويت فهو المسؤول مسؤولية مباشرة وتامة عن الحربين المدمرتين في الاقليم، وما ترتب عليهما من قتل جماعي للإنسان حيث فاق عدد القتلى في الحربين مليون نسمة، بجانب ما فرضته الحربان من توتر في اقليم الشرق الأوسط وكان سبباً في قيام حلف عسكري يربط بين تركيا واسرائيل بتأثريه المباشر وغير المباشر على الأمن الاقليمي,
إن ديكتاتورية الحكم القائمة في العراق التي اعتبرت الهزيمة مرتين انتصاراً مظفراً لبقاء صدام حسين في السلطة، هذا الانتصار الزائف جعل من قضية الاسرى في العراق قضية دولية مستعصية على الحل، لان بغداد تتصور امكانية املاء شروطها على الغير بالضغط عليهم بمن تحتجزهم من مواطني الدول المختلفة في الاسر,
عدم اعتراف العراق بالهزيمة في الحربين الخليجيتين جعل صدام حسين يصر على الاستمرار في احتجاز ثلاثة عشر أسيراً ايرانياً منذ خمس عشرة سنة، ويحتجز في الوقت نفسه ثلاثين ألف أسير كويتي منذ تسع سنوات بجانب اعداد كبيرة اخرى من الاسرى غير العراقيين أو الكويتيين واخضاعهم جميعاً لظروف حياة قاسية لنقصان في الغذاء، والدواء، حتى اصبح الموت يحيق بالاسرى في العراق من كل جانب,
الانتصار الزائف وما يفرضه من استعلاء كاذب جعل بغداد تعلن بأن الايرانيين لم يستوعبوا درس الحرب مع العراق، ولم يدركوا مغبة ما يفعلون بمصادرة طائراتنا التي وضعناها امانة عندهم، واحتجازهم لمواطنينا من الأسرى بسجونهم واننا لقادرون على الوصول اليهم لاستعادة طائراتنا وفك اسرانا بالقوة,
هذا المنطق العراقي الذي لا يزال يهدد باستخدام القوة من مواطن الضعف يجعلنا أمام دولة تهدد الأمن الاقليمي الذي يتطلب التعامل بدقة متناهية مع التوازن الاقليمي الجديد بالمتغيرات المستحدثة بعد قيام الحلف العسكري التركي الإسرائيلي، الذي يتطلب توفير القوة المضادة له القادرة على التفاهم السياسي البعيد عن استخدام السلاح في ظل الاستراتيجية الدولية التي تسعى إلى توفير السلام في كل اقاليم الدنيا لتوظيف هذا السلام العالمي في خدمة المصالح الاقتصادية الكبرى من خلال اتفاقيات الجات وتطبيق العولمة تحت ظلال منظمة التجارة الدولية,
ان وجود العراق بتوجهه القتالي في داخل الاقليم يعيقه عن القيام بأدواره الجديدة في التعامل الاقتصادي على المستويين الاقليمي والدولي، وبذلك يصبح من الضروري التخلص من هذا النظام العراقي الشاذ الذي لا يتناغم مع منظومة العمل السياسي في داخل الاقليم ويفسد سبل التعامل بين الاقليم مع غيره من الاقاليم الأخرى في العالم,
ان بقاء الحكم الحالي في بغداد يجعل العراق غير قادر على العطاء وبالتالي عاجزاً عن الاخذ، ولابد من انقاذ الإنسان العراقي بتخليصه من صدام حسين وأساليبه الانفعالية في الحكم,