Thursday 5th August, 1999 G No. 9807جريدة الجزيرة الخميس 23 ,ربيع الثاني 1420 العدد 9807


أضواء
مثل الجواهري,, البياتي يموت منفياً ,,!!

قبله مات شاعر العراق الكبير محمد مهدي الجواهري، شاعر العروبة الذي لم يكن يجاريه أحد في شاعريته، مات غريباً عن بلده العراق، ومثلما استضافته سوريا حيا، استضافت جسده ميتاً.
وفجر الثلاثاء ودع الشاعر العراقي الكبير الآخر عبدالوهاب البياتي، الذي توفي أيضاً في دمشق منفيا مثل زميله الجواهري، وايضا مثلما ضمته سوريا حيا، ستضمه ارضها جسدا بعد ان كتب وصية بأن يدفن في سوريا.
شاعران كالجواهري والبياتي يفخر اي بلد ينتميان اليه يموتان خارج بلدهما منفيين، احدهما وهو شاعر العروبة الأوحد في عصر يجرد من جنسيته بل وحتى من قوميته حيث أبعد من العراق بزعم نظام بغداد بأنه من أصول غير عربية.
ابن النجف غير عربي في رأي المتسلطين في بغداد، فيبعد الجواهري ويجرد من جنسيته العراقية ليجد الحضن الدافئ في سوريا ويموت في سوريا دون أن يرى بلاده التي ظل بعيدا عنها اكثر من عقدين من الزمن.
والآخر هو البياتي الذي كان الحي والباقي الوحيد من مثلث الشعر العربي الحديث، فبعد وفاة العراقي بدر شاكر السياب الذي توفي في الكويت (مسلولا)، لا يملك ثمن دواء,, وبعد وفاة الشاعرة العراقية نازك الملائكة التي توفيت دون ان يعلم عنها احد، إلا بعد شهرين من وفاتها وقد لا يعلم كثير من الشعراء والادباء العرب عن وفاته حتى الآن والتي لا احد يجزم تاريخا محددا لها لأن الوفاة تمت في بغداد,, التي لم تعلن وفاة تلك الشاعرة التي ارست مع زميليها بدر شاكر السياب وعبدالوهاب البياتي المدرسة الحديثة للشعر العربي وهذا المثلث الذي توفي ضلعه الثالث منفيا خارج بلده عبدالوهاب البياتي، احدث التطور الأهم والثاني بعد عروض الخليل بن احمد، ولذلك فإن وفاة البياتي ليست وفاة شاعر عربي مبدع، ترجمت اشعاره الى عشر لغات وإنما المأساة التي جسدتها الوفاة فهذا المبدع والشاعر العالمي يموت وهو يتحسر على جلسة في شرفة من منازل باب الشيخ الحي البغدادي العريق الذي ولد فيه البياتي وترعرع فيه، وتشرب من خلاله العبق التاريخي والتراثي الذي يشع في شوارع ذلك الحي العتيق، تشرب الثقافة العربية الاصيلة، وتأملاته الفلسفية التي تشع في ثنايا ابيات شعره.
مات البياتي متحسرا دون ان يكحل عينيه برؤية بلاده,, و(حارته) الاثيرة، وقبله مات الجواهري دون أن يعود للنجف ومدارسه,, ومثلهما مات العديد من المبدعين من شعراء ومفكرين وادباء عراقيين فضلوا الغربة والعيش هاربين من بلادهم حتى وافتهم المنية,, مات البياتي وقبله الجواهري,.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved