* طريف - محمد راكد العنزي
يجد كثير من الناس في العطلة الصيفية فرصة مناسبة للاحتفال بزواج الابناء,, وذلك بحضور الاقارب والاصدقاء من كافة المدن للمشاركة في هذه المناسبة السعيدة,, وتلبس كثير من المدن في هذه الايام حلة جميلة من الاضواء الملونة التي تزين واجهات المنازل وقصور الافراح وتعلو الزغاريد إيذانا بتطليق العزوبية للابد والدخول في الحياة الزوجية التي تكفل للانسان الاستقرار والراحة النفسية، وتختلف مظاهر الفرح بالزواج من منطقة لاخرى بحسب العادات والتقاليد والفنون الشعبية التي تؤدى فيها وهنا نتعرف على نمط الاهازيج في حفلات الزواج في الماضي والحاضر في منطقة الشمال والعادات المتبعة فيها ومراسم الزواج.
الجاهة وطلبات العروس
عايد مران الرويلي من الجوف تحدث لنا عن بدايات مراسم خطبة العروس من اهلها الا انه لم يكن راضيا عن المبالغة والاسراف الحاصله الآن وقال:
الزواج هذه الايام تغير كثيرا عن السابق واصبحت تقام فيه مظاهر مبالغ فيها الى درجة ارهاق كاهل العريس بطلبات كثيرة ليس لها داع واغراقه بالديون التي تظل تلاحقه حتى بعد انتهاء الزواج,, اما في الماضي فقد كان الرجل يأخذ مجموعة من الرجال من كبار قومه وتسمى هذه (بالجاهة) ويذهبون الى والد العروس وبعد احتفائه بهم وتقديم واجب الضيافة لهم يطلبون منه يد البنت لابنهم,, واحيانا ترفض الجاهة شرب قهوته ويقومون بانزالها على الارض حتى يتم تلبية طلبهم، وبعد موافقة والد العروس واتمام مراسم عقد الزواج يحتفل اهل العريس بهذه المناسبة السعيدة ببناء بيت شعر كبير لاستقبال مهنئين ويقيمون وليمة بهذه المناسبة من خروف واثنين وتوزع فيها الحلوى على المدعوين.
وعن طلبات العروس في الماضي تحدثت العمة (ام خالد - ربة بيت) فقالت:
الطلبات في السابق قليلة جدا ولا تكلف العريس فوق طاقته فالمرأة في الماضي لا تعرف الموضة ولا آخر الموديلات، وكل مهرها عدد من الاغنام او الابل وجهازها عدد من الاساور الذهبية التي تسمى لدى اهل البادية والمدن الشمالية (بالمجاول) وبعض الخواتم وقلادة بالاضافة الى فرش لبيت العروس الذي تقوم باعداده قريبات العروس من الصوف والقماش حيث يخطن لها الاغطية التي تسمى باللحاف وفرش للنوم حيث لم يكن يوجد آنذاك سرير وهذا الفراش يسمى عند بادية الشمال (بالطراحة).
ولأن الزواج اليوم يختلف كثيرا عن الماضي بدرجات كبيرة فقد آثرنا ان يكون لقاؤنا عن الزواج اليوم مع فئة من الشباب حيث يقول: (عبيد بن جروان الاشجعي).
في الماضي وكما سمعنا من اجدادنا لم يكن الزواج مكلفا الى هذا الحد,, فالعريس في السابق كان يقيم وليمة ويدعو لها الاقارب والاصدقاء والجيران، ثم يتفرغ بعدها للتجهيز لعرسه ,, اما اليوم فالخطوبة فقط تكلف العريس مبالغ مالية تعادل احيانا تكلفة الزواج حيث يشتري العريس بعد عقد القران (الشبكة) وهي عبارة عن طقم من الذهب يقدم للعروس اضافة الى الاحتفالات الضخمة والاهازيج التي تقام فيها ويدعى لها لفيف كبير من الناس, وتقام فيها الولائم التي يذهب معظمها هدرا الى النفايات غالبا ويستطرد (الاشجعي) في حديثه: ان هناك العديد من العادات الجميلة التي لم تندثر والتي تجسد مظاهر التراحم والتعاون بين الناس ومنها تقديم العون للمعرس حيث يدفع مهنئو العريس مبلغا من المال او يقومون باحضار خروف له، وتسمى هذه لدى اهل الشمال بالعنية وهي مأخوذة من كلمة الاعانة.
مظاهر الأعراس حاليا
وعن مظاهر العرس في الشمال اليوم يقول فرحان بن صقر البلعاسي وهو الآن يعيش هذه المرحلة المهمة في حياته: يستأجر العريس لوازم الزفاف من مكاتب خاصة لهذا الغرض تقوم بتجهيز جميع متطلبات الفرح وتتكفل ببناء بيوت الشعر للرجال وتعليق الاضاءة الملونة عليه وعلى منزل العريس، كما يتكفل المكتب كذلك باعداد الشاي والقهوة وتقديمها للضيوف,, وقد ظهرت الآن قصور خاصة بالافراح مجهزة بجميع هذه اللوازم وبأسعار مقبولة ويطبع العريس كميات من بطاقات الدعوة التي توزع قبل الاحتفال بالزواج بفترة من الوقت.
ليلة الحناء الوداعية
وعن ليلة الحناء او ما تسمى احيانا بليلة الوداع تقول الاخت (اريج الرويلي - معلمة) تقيم والدة العروس قبل الزفاف بيومين ليلة خاصة لتوديع العروس الى منزل زوجها تسمى احيانا ليلة (الحناء) وتحضره قريباتها وجاراتها حيث تجلس العروس بينهن ويقمن بوضع الحناء على يديها برسومات جميلة وسط اهازيج الحاضرات,, كما توزع فيه عينات من الحناء على المهنئات، وفي ليلة الاحتفال بالزواج تتجه سيارات محملة قريبات العريس من بعد صلاة المغرب لاخذ العروس من منزل اهلها الى منزل الزوجية بموكب من السيارات الذي يسمى (الزفة) فيما تتقدمه السيارة التي بها العروس وحاجياتها، وتكون هذه السيارة مزينة بالاشرطة الملونة والبالونات والورود,, وعند الوصول لمكان الاحتفال توضع العروس في وسط النساء اللواتي يرددن لها الاهازيج والاحتفالات الخاصة بهن,, وبعد الانتهاء من تناول المدعوين للعشاء يزف العريس على الاقدام الى زوجته في موكب من اقاربه الذين ينشدون الاهازيج حتى يقوموا بايصاله الى المنزل القريب من مكان الحفل ويعودون لتكملة بقية الفرح.
أهازيج وفنون شعبية
وتكثر في اعراس اهل الشمال العديد من الفنون الشعبية الجميلة التي ورثوها من الاجداد او اكتسبوها من جيرانهم في الدول المجاورة التي تقام بعد فترة العشاء وتستمر في اغلب الاحيان حتى ساعات الفجر الاولى وعنها يحدثنا سالم بن سكران الرويلي: يؤدي بعض الناس في زواجهم العرضة السعودية المعروفة التي تستخدم فيها السيوف والدفوف ويشارك بها الجميع صغارا وكبارا، وهذا الفن يشتهر به اهل نجد وهناك الدحة وهي تتكون من صف كبير يقوم بالدحة اي التصفيق مع اصدار اصوات واحدة وامام هذا الجمع يقف الواصف الذي يقول الشعر والحاشي الذي يتمايل على انغام اصواتهم ممسكا بأطراف عباءته وهذه الدحة يشتهر بها اهل الشمال عن غيرهم وخصوصا اهالي القريات وطريف والجوف,, وهناك السامري وتؤديه مجموعتان متقابلتان يمسكون بالدفوف التي يقرعونها بالغناء مع رد المجموعة الثانية عليهم.
وايضا هناك (الدبكة) التي يشتهر بها كثيرا اهل الاردن وسوريا ولبنان والمناطق الشمالية من المملكة حيث يمسك الرجال بايديهم ويتحركون على صوت الطبل والمزمار وفي كل مسافة او خطوات يضربون اقدامهم بقوة بالارض بشكل جماعي ومتماشيا مع النغم الموسيقي.
عشاء الطلاعة
وبعد مضي ثلاثة ايام على الزواج تذهب العروس في اليوم الرابع لزيارة اسرتها مع الزوج الذي يصطحب معه (خروفا) لاقامة وليمة في منزل والد العروس وتسمى هذه عشاء (الطلاعة) اي طلوع العروس بعد انتهاء مراسم الزفاف الى منزل اهلها,, ويحتفل كذلك الاقارب والاصدقاء بالعروسين حيث يقيمون لهم الولائم احتفالا بهم ومشاركة منهم بأفراحهم.
من الاحتفالات
- كانت احتفالات اهل الشمال سابقا تستمر ثلاثة ايام ومع الزمن تقلصت,, بحيث اصبح البعض يكتفي بليلة واحدة.
- مساعدة المعرس عادة قديمة في الاعراس الشمالية حيث يسارع الاقارب والمعارف الى دفع نقود للعريس وتسمى هذه (العنية) او احضار خروف وتسمى (القود).
بينما تدفع النساء للعروس نقودا تعرف باسم التنقيط.
- إطلاق النار في الاعراس كانت كثيرة في الاعراس لكن في السنوات الاخيرة بدأت هذه العادة في الانقراض لانتشار الوعي بين الناس بمخاطر هذا العمل.
- الكوشة التي يجلس بها العروسان,, وتقطيع التورتة,, وليلة الحناء اشياء جديدة بدأت تتسلل الى اعراس الشمال.
|