عزيزتي الجزيرة,.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قرأت بكل تعجب ما كتبه الاخ طلال الطريفي من حائل على صدر الصفحة الأخيرة من العدد (9804) والذي كان بعنوان (المشعوذون يتجولون في شوارع حائل) وقد ذكر الاخ طلال ان بعض كبار السن من المقيمين من جنسيات مختلفة يستخدمون ما يسمى بعملية (التبصير) وهي المعروفة بقراءة الكف والفنجان في شوارع محافظة حائل وبالذات حول مستشفاها العام، وذكر ان هؤلاء يستعينون ببعض الحلاقين وغيرهم وذلك من خلال عرض هذه الاعمال على زبائنهم بنسبة معينة من الاجرة, ان هذا الخبر - على قصر مساحته - يحمل الكثير من الخطورة وليت هذه الخطورة تتعلق بالابدان والاموال فقط لكانت المصيبة اهون بكثير، ولكن الخطورة وللاسف الشديد تتعلق بأغلى ما نملك انها تتعلق بديننا وعقيدتنا، نعم ايها الاحباب انها تتعلق بالدين والعقيدة لأن هذه الممارسات وهذه الاعمال اعمال شيطانية وشركية، قد تصل في بعض الاحيان الى اخراج الشخص من دينه والعياذ بالله، لأن هذه الاعمال اعني بها (قراءة الكف والفنجان والخط بالرمل والكهانة والتنجيم ونحوها) إدعاء لعلم الغيب الذي اختص الله تعالى بعلمه فلا يعلمه الا هو سبحانه وتعالى كما قال سبحانه: قل لا يعلم من في السموات والارض الغيب الا الله ولذا فمن ادعى علم الغيب عن طريق هذه الاشياء وغيرها فهو كاذب كافر مشرك لأنه يدعي مشاركة الله تعالى في شيء من خصائصه سبحانه وهذا هو عين الشرك والكفر، وأما من سأل العرّاف والكاهن وقارئ الكف والفنجان ونحوهم وصدّقهم فهو ايضا كافر خارج عن الملة واما ان سأل لمجرد السؤال ولم يصدق شيئا مما يقولون فهو على خطر كبير لأنه بعمله هذا يكون قد اتى كبيرة من كبائر الذنوب.
اذن فالمسألة جد خطيرة ويجب علينا الحذر الشديد من هؤلاء والابلاغ عن كل من يمارس هذه الاعمال المخلة بالدين، ولا يكفي مجرد الانكار بالقلب او الزجر بالكلام بل لا بد من ايصال هذه الامور الى الجهات المختصة كالشرطة ورجال الهيئة والمحكمة ونحوها، وتأييدا لما دونته من احكام سابقة اقتطع بعض الفتاوى المتعلقة بهذه المسألة الهامة وهي لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله تعالى - حيث قال سماحته عن ممارسة هذه الاعمال ما نصه: (,,فالكاهن من يزعم انه يعلم بعض المغيبات واكثر ما يكون ذلك ممن ينظرون في النجوم لمعرفة الحوادث او يستخدمون من يسترقون السمع من شياطين الجن، ومثل هؤلاء من يخط في الرمل او ينظر في الفنجان او في الكف ونحو ذلك، وكذا من يفتح الكتاب زعما منهم انهم يعرفون بذلك علم الغيب وهم كفار بهذا الاعتقاد، لانهم بهذا الزعم يدعون مشاركة الله في صفة من صفاته الخاصة وهي علم الغيب، ولتكذيبهم بقوله تعالى: قل لا يعلم من في السموات والارض الغيب الا الله وقوله: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو الأنعام (59) وقوله لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لا اقول لكم عندي خزائن الله ولا اعلم الغيب ولا اقول لكم اني ملَك إن اتبع إلا ما يوحي اليّ,, الآية الانعام (50) ومن اتاهم وصدقهم بما يقولون من علم الغيب فهو كافر لما رواه احمد واهل السنن من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اتى عرافا او كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد صلى الله عليه وسلم وروى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة اربعين ليلة وعن عمران بن حصين - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: ليس منا من تطّير أو تُطيّر له او تكهّن أو تُكهن له او سحر او سُحر له ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد صلى الله عليه وسلم) رواه البزار باسناد جيد، وبما ذكرنا من الاحاديث يتبين لطالب الحق ان علم النحوم وما يسمى بالطالع وقراءة الكف وقراءة الفنجان ومعرفة الحظ وما اشبه ذلك مما يدعيه الكهنة والعرافون والسحرة كلها من علوم الجاهلية التي حرمها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن اعمالهم التي جاء الاسلام بإبطالها والتحذير من فعلها او اتيان من يتعاطاها وسؤاله عن شيء منها او تصديقه فيما يخبر به عن ذلك لانه من علم الغيب الذي استأثر الله به، ونصيحتي لكل من يتعلق بهذه الامور ان يتوب الى الله ويستغفره وان يعتمد على الله وحده ويتوكل عليه في كل الأمور مع اخذه بالاسباب الشرعية والحسية المباحة، وان يدع هذه الامور الجاهلية ويبتعد عنها ويحذر سؤال اهلها او تصديقهم، طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحفاظا على دينه وعقيدته، وحذرا من غضب الله عليه، وابتعادا عن اسباب الشرك والكفر التي من مات عليها خسر الدنيا والآخرة) انظر مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله - جمعها د, محمد الشويعر صفحة (118) من الجزء الثاني.
وأما فيما يتعلق بدور المسلم تجاه من يمارس هذه الاعمال الشركية فقد قال سماحته - رحمه الله - ما نصه: (,,, فالواجب الانكار على هؤلاء ومن يأتيهم وعدم سؤالهم وتصديقهم والرفع عنهم الى ولاة الامور حتى يعاقبوا بما يستحقون، لأن تركهم وعدم الرفع عنهم يضر المجتمع، ويساعد على اغترار الجهال بهم وسؤالهم وتصديقهم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك اضعف الايمان ، رواه مسلم في صحيحه، ولا شك ان الرفع عنهم الى ولاة الامر كأمير البلد وهيئة الامر بالمعروف والمحكمة من جملة الانكار عليهم باللسان ومن التعاون على البر والتقوى، وفق الله المسلمين جميعا لما فيه صلاحهم وسلامتهم من كل سوء) أ,ه, انظر فتاوى اسلامية الجزء الاول ص (54) جمع وترتيب محمد المسند, أيها الاحباب: اعتقد انه من الواجب علينا بعد قراءة هذا الكلام النفيس من سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - ان نقف بكل حزم امام هؤلاء الفسقة الذين يفسدون علينا ديننا وذلك بالزجر والرفع عنهم لولاة الامر كما وضح ذلك سماحة الشيخ رحمه الله تعالى، وفق الله الجميع وعصم بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء وشر.
احمد بن محمد البدر
الزلفي