* لندن - بول ميلور - رويترز
يقول خبراء ان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يفوز بتأييد عالمي متزايد نتيجة للخطوات السريعة التي يقوم بها لانهاء المواجهات المسلحة في بلاده ولكن هناك عقبات كبيرة تعترض طريق الاستثمارات الغربية في مجالات غير النفط والغاز في الجزائر.
وفاجأ بوتفليقة الذي انتخب في ابريل نيسان العالم والحكومات الغربية والمحللين الغربيين بالذات بالوتيرة السريعة التي سعى فيها لتحقيق مصالحة مع المعارضين الاسلاميين لينهي بذلك العزلة الدبلوماسية لبلاده.
وقال بنجامين ستورا المؤرخ الفرنسي البارز المختص بالشؤون الجزائرية من الواضح ان لديه ضوءا اخضر من الجيش والجزائريين عموماً ويتحرك بسرعة مذهلة صوب تحديث الساحة السياسية.
واضاف انه يحاول تعويض ما فاته من تطور سياسي وثقافي واقتصادي واجتماعي على مدى عقد من الزمان.
وبعد شهرين من وصوله للحكم استضاف بوتفليقة بنجاح قمة منظمة الوحدة الافريقية والتقى بكبار الزعماء العرب وحسن علاقته مع المغرب وفرنسا وحتى مع اسرائيل.
وعلى المستوى المحلي يبدو ان بوتفليقة تمكن من التعامل بذكاء مع المعارضة من خلال تعزيز احتمال تحقيق سلام داخلي في البلاد بعد سبعة اعوام من اراقة الدماء راح ضحيتها على حد قوله مئة الف شخص.
وتراجع مؤشر العنف بصورة كبيرة منذ ابرم الجيش الاسلامي للانقاذ اتفاق سلام مع الحكومة في يونيو حزيران ولكن عددا كبيرا من المتشددين واصلوا هجماتهم.
ويبدو ان بوتفليقة قد حيد في الوقت الراهن على الاقل فصيلا متشددا في القوات المسلحة عرف برفضه اي تسوية مع الاسلاميين.
وتدخل الجيش لالغاء انتخابات عامة كانت الجبهة الاسلامية للانقاذ على وشك الفوز فيها, ويقول محللون ان كبار القادة العسكريين مازالوا يمارسون ضغوطهم ولكن الرئيس الجديد اظهر انه قادر على ان يحكم الجميع وحينما دعا بوتفليقة الىاجراء استفتاء في 16 سبتمبر ايلول على قرار العفو عن الاف السجناء السياسيين كان يأمل الحصول على تعزيز شرعيته بعد انسحاب منافسيه الستة في انتخابات الرئاسة الجزائرية عشية التصويت قائلين ان تلاعبا حدث في الانتخابات.
وسيكون السؤال على ورقة الاستفتاء هل تؤيد السلام ام تعارضه؟
ولكن مازال على الرئيس ان يلزم الحذر في سيره تحاشيا لاغضاب القادة العسكريين او ان يمس مصادر ثرواتهم, ويقول خبراء انه قد لايقدم على نزع سلاح الميليشيا التي صارت جيوشا خاصة بمعنى الكلمة في بعض المناطق.
ويعلم بوتفليقة علم اليقين ان الرئيس السابق اليمين زروال اجبر على التنحي مبكرا بعد ان حاول تأكيد سلطته الرئاسية, وقتل الرئيس الاسبق محمد بوضياف عام 1992 بعد ان تعهد بقطع دابر الفساد.
وكانت الحكومات الاوروبية متشككة في بادئ الامر بشأن قدرة بوتفليقة على انهاء حالة العنف السائدة منذ زمن بعيد والنزاعات بين فصائل الجيش المتنازعة والفساد والبيروقراطية ولكنها بدأت تراجع موقفها.
وقال وزير الخارجية الفرنسي اوبير فدرين يوم السبت بعد ان قام بزيارة تاريخية للجزائر في نهاية عقد من التوتر بين البلدين الجزائر تخرج من مأساتها .
اضاف فدرين المناخ تغير وعاد الشعور بالحرية للعاصمة الجزائرية واشاد بالانفتاح الاصيل الذي يتبعه بوتفليقة.
وقال مسؤول بارز في احدى وزارات الخارجية في اوروبا لسنا مسرورين بالطريقة التي ظهر بها بوتفليقة ولكن مع وجود اوراق ضعيفة في يده فقد لعبها بافضل طريقة ممكنة.
واجتمع بوتفليقة بالعاهل المغربي محمد السادس في جنازة والده الملك حسن في 25 يوليو تموز وتعهد بتحسين العلاقات.
ومن المتوقع ان يفتح المغرب والجزائر الحدود المشتركة بينهما هذا الشهر بعد ان اغلقت اثر تصاعد اعمال العنف من جانب الاسلاميين.
واكبر التحديات التي تنتظر بوتفليقة بناء الاقتصاد الذي نال منه سوء الادارة وتوفير فرص عمل في وجود بطالة تبلغ نسبتها 20 في المئة.
وتصل نسبة صادرات النفط والغاز الجزائرية الى 96 في المئة من اجمالي صادرات الجزائر.
واعادت الجزائر جدولة ديونها في ظل برنامج قاس وضعه صندوق النقد الدولي, كما حفضت معدل التضخم, وتخلصت من العمالة الزائدة وبدأت تخصيص القطاع العام.
لكن مارتن ستون مدير البحوث والخبير في شؤون المغرب العربي في شركة كونترول ريسكس قال هناك حاجة ماسة لعمل الكثير اذا اراد بوتفليقة ان يحسن مناخ الاستثمار للشركات الاجنبية .
واشار الى ان الجزائر بحاجة الى اصلاحات مؤسسية وضمانات قانونية ونظام ضريبي لاينفر الاستثمار ونظام جمركي نزيه بالاضافة الى قمع الفساد والروتين.
هذا وينتظر الجزائريون تشكيل الوزارة الجديدة والتي قال عنها الرئيس بوتفليقة في تصريح لصحيفة الخبر الجزائرية بانه سيعين شخصيات سياسية في الحكومة الجديدة، مؤكداً بان الحكومة يجب ان تعكس متطلبات نظام تعدد الاحزاب في البلاد مشيراً الى عدم امكان تجاهل الاحزاب السياسية المؤثرة.
ولم يعقب بوتفليقة على الحقائب الوزارية التي سيشغلها رجال السياسة في الحكومة الجديدة الا انه اصر على ان يكون الوزراء الجدد من الساسة.
واضاف ان الجزائر بحاجة الى رجال سياسة لخدمة الدولة والعمل على اعادة الثقة والمصداقية في مؤسسات الدولة.
ولم يذكر بوتفليقة موعدا لاعلان التشكيل الوزاري الجديد واكتفى بالقول انه سيعلن في حينه.
وقالت صحف جزائرية انه كان يعتزم تعيين فريق وزاري جديد عقب قمة منظمة الوحدة الافريقية التي عقدت في اواسط يوليو تموز الماضي.
وقال اخرون ان التشكيل الوزاري قد يعلن عقب استفتاء 16 سبتمبر ايلول المقبل الخاص باتفاق سلام مع اسلاميين متشددين.
واشاد بوتفليقة باداء الحكومة الحالية برئاسة اسماعيل حمداني الذي عينه الرئيس الجزائري السابق اليمين زروال رئيسا للوزراء في ديسمبر كانون الاول عام 1998م.
|