يعتقد الغربيون والامريكيون بالذات ان كل موضوع يحدث على ارض الواقع قابل لأن تؤلف عنه الكتب مهما بدا سخيفا في نظرك ونظري, فمنذ (دع القلق وابدأ الحياة) الذي ما زال يعاد طبعه منذ سنوات غابرة - وهو كتاب سخيف بمعنى الكلمة حيث يظن مؤلفه ان القلق مثل الزكام يطيب بالتبخر بالفكس - وهؤلاء يمطروننا بكتبهم.
ذات مرة كنت في كشك الصحف في سوبرماركت مهيب! وإذ بي المح على احد الرفوف كتابا انيقا عنوانه (كيف تصبح مديراً ناجحاً) وله عنوان فرعي: هل الحزم فقط يكفي؟ ولأنني فاضي شغل قلت: أقلب أوراقه.
الفصل الأول يرشد القارىء (المدير طبعاً) الى كيفية التعامل مع (سكرتيرته) فهو يجب ان لا يلقي تحية الصباح الا بعد ان تحضر اليه قهوته وتضع بعض الظهور قرب مكتبه وعليه ان يأخذ بلبها فيسألها مثلاً عن حال والدتها لكي يوهمها (هكذا يقول) انه مهتم حتى بعائلات موظفيه، كما ان عليه ان يصنع منها (انسانة شبه آلية) لزوم حفلات العمل كيف تبتسم, وكيف تتكلم بصوت رقيق واثق وكيف تعود كل عشر دقائق اليه (الى المدير) لتسأله (ان كان يريد شيئاً)!.
ثم يتحدث بطريقة انشائية عن ضرورة الحزم باعتباره رادعاً لا مثيل له, يقول مثلاً (اذا تراخيت مع موظف لأنه تأخر نصف ساعة حتى لو كان مصاباً بالسرطان - اعوذ بالله - فانك تبدأ في التلاشي! عليك ألا تردد في تعنيفه وحسم اجر النصف ساعة شغل يعني: شغل!, ويضيف (ومن اوجه الحزم ألا تبتسم لكل نكتة يقولها لك احد الموظفين وهو يجلب اليك معاملة ما لأنه - اي الضحك - يجعل يحس بأنك شخص عادي يضحك للنكات!! وهذا يعني ان السيد مؤلف الكتاب يؤمن بان المدير هو شخص غير عادي وبالانجليزية يعتقد بها (رجل هام وملهم!).
أعدت الكتاب لمكانه واذا بجانبه كتاب آخر لسيدة ذات جمال سابق توضحه صورتها على الغلاف الذي عنوانه سكرتيرة ناجحة لمدة عشرين عاماً), وعنوان فرعي (سيدة لا تخطىء).
والكتاب عبارة عن مواضيع انشائية تصلح لكل الظروف مع التغيير الضروري طبعاً تكتبها السكرتيرة باسم مديرها المبجل, كيف تكون التعزية رقيقة ودافئة؟ كيف تكون التهنئة حارة ملتهبة؟ كيف تكون الدعوة الى العشاء متواضعة بشكل يوحي لقارئها بأن بينها وبين التواضع ما بين الثرى والثريا, وارفقت السكرتيرة المؤلفة ملحقاً بمختارات من رسائلها التي كتبتها نيابة عن مديرها (تعزية، تهنئة لمولود، تهنئة بزواج، دعوة الى حفل راقص,, الخ).
يبدو اما ان القارىء الامريكي لا يعرف كيف يقرأ (زي الناس)، او ان الورق وتكاليف الطباعة رخيصة لحد انه يمكن لاي شخص ان يرى اسمه في المكتبات كأنه علم في رأسه نار!
وياما في الغرب من السواليف!
السواليف التي تعينك على قضاء ليلك ممتلئاً بالأرق!
ولهذا حرر.
|