ليس عيباً ولاخطأ ان نلجأ للادب العالمي ونقوم بترجمته او الاقتباس منه للغتنا واطلاع ابناء جلدتنا على ثقافات الغير والتي بدون ادنى شك تضيف بعداً ثقافياً وتجعلنا ملمين بكل ماحولنا وبالتالي تصبح جاهزيتنا اكثر وعياً وتجاربنا اكثر نضجاً وممارستنا اكثر واقعية,, ولكن المؤسف حقاً ان نقوم بتوظيف احدى تلك الثقافات درامياً وفي شكل مسلسل تلفزيوني يقوم ببطولته الفنانون محمد العلي وناصر القصبي وعبدالله السدحان,.
وهنا تبدأ غربتنا مع تلك الثقافة فبالامس القريب كتبت في نفس هذا الزاوية موضوعاً عن المسلسلات المدبلجة والزاحفة لنا من امريكا الجنوبية وما سببته لنا من ازدواجية ثقافية وفكرية ناهيك عن غربتها ووحشتها الضاربة حتى العظم,.
والسؤال هل وصل بنا الحال الى هذا المستوى من الفقر الثقافي والتاريخي والابداعي وذلك بالاستعانة بثقافات الاخرين وتوظيفها درامياً وتلفزيونياً,,؟ وهل نحن مفسلون الى هذه الدرجة,,,؟.
اعتقد جازماً ان لدينا بحوراً من الفكر والادب والموروث والاصالة الضاربة في اعماق هذه الارض والارض العربية بصفة عامة تؤكد تميزنا عن الشعوب والاعراق الاخرى وليس ادل على ذلك من استعانة الغرب بالفكر والابداع العربي منذ زمن بعيد سواء كان ذلك في الاجتماع او الادب او الرياضيات وحتى الطب,, حتى ان جزءاً كبيراً من حضارتهم وتطورهم وتقدمهم تأسس من خلال هذه المعطيات,.
اما اذا كانت القضية محاولة الخروج من هيمنة الشكل الدرامي المعتاد في مسلسل طاش ومحاولة فسخ هذا الثوب والانطلاق للعالمية فهذا موضوع اخر يطول بحثه,,,؟.
كما يجب ألا ننسى ان لدينا تجارب كثيرة في العالم العربي وفي منطقة الخليج تؤكد على ان هناك نجوما وبالرغم من أن انطلاقتهم كانت من خلال عمل تلفزيوني محدد، الا انهم استطاعوا تجاوز سيطرة تلك الادوار والاشكال وانطلقوا في اعمال اخرى تحاكي واقعهم مشكلين بذلك عنصراً من الاقناع والتأثير مما جعل المتلقي يشيد بهم وليس ادل على ذلك من الفنانين المبدعين حسين عبدالرضا وسعد الفرج وخالد النفيسي وبالرغم من نجاحهم الباهر والبصمة المميزة التي وضعوها ونصبوها في سماء وتاريخ الدراما الخليجية من خلال مسلسلي (درب الزلق) و (الاقدار) الا انهم استطاعوا الخروج من هيمنة تلك الادوار واكملوا مسيرتهم الفنية الرائعة في ادوار (وكركترات) ومن خلال نصوص مختلفة عن سابقتها الا انها في النهاية تنهل من تاريخهم وتؤكد على هويتهم وتبرز امكانياتهم ومواهبهم الحقيقية,, ويبقى ان نقول بان الهوية اهم من العالمية,.
سامي عبدالعزيز العثمان