Monday 2nd August, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 20 ربيع الثاني


ضريبته التخطيط الدقيق والعمل الدؤوب
النجاح لايأتي اعتباطاً

عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في بداية هذه المشاركة اتساءل هل يمكن القول ان النجاح إكسير الحياة؟ ما المقصود من هذه الكلمة السحرية؟ ومن هو الإنسان الناجح؟ وما هو السبيل لتحقيق هذا الأمل المنشود؟
وبمحاولة متواضعة للاجابة على هذه الأسئلة يمكن القول ان ذلك ممكن طبقا لما هو مطبوع في الذهن عن أهمية النجاح لكل حي، كما يتبادر الى الذهن عدد من التعريفات بحجم الآمال والتطلعات، واسمح لنفسي بالاغراق في التخيل واعتقد بأن عدد تعريفات النجاح يوازي عداً عدد الأفراد الذين يعيشون على كوكبنا الجميل هذا,, اذ لكل إنسان فهم خاص لهذا الأمل المنشود,وبرأيي يعد ناجحا من تمكن خلال يومه وليلته من أداء جميع الصلوات والسنن المكتوبة بخشوع وخضوع وإخلاص نية لله جل وعلا، وبالمثل من يبقى في عمله كل الساعات المحددة للعمل وثابر خلال ذلك على أداء المهام الموكلة اليه بهمة ونشاط، وبالمثل ايضا من امضى سحابة يومه بين الناس ولم يظلم هذا ولم يسب ذاك ولم يغتب او يتهم او ينم على هذا أو ذاك، وقل مثل ذلك لمن عاد الى منزله فرحا بالعودة الى زوجته وأطفاله والتقاهم واجتمع اليهم واستمع الى آمالهم وتطلعاتهم وافراحهم واحزانهم وتجاوب قدر الاستطاعة مع ذلك وساهم في معاونتهم على اجتياز الصعاب وبلوغ الآمال برغم ما يشعر به من تعب وما حل به من ارهاق من جراء عمله الطويل, وقل مثل ذلك ايضا لربة البيت التي استغلت كل دقيقة من وقتها للتفاني في خدمة زوجها وأطفالها, وللمرأة العاملة التي لم يثنها التعب من جراء عملها المشروع خارج المنزل عن تقديم خدماتها لزوجها وأطفالها بعد العودة اليهم، والطالب والطالبة الذين لا يهدرون اوقاتهم بل يستغلونها في الاطلاع والمذاكرة لتحقيق نتائج أفضل، وللمزارع في حقله، وللصانع في مصنعه، وللتاجر في متجره، وللجندي الباسل في ثكنته، الى غير ذلك من بني البشر الذين فهموا أسباب خلقهم وتفاعلوا مع الحياة وجاهدوا لعمارتها امتثالا لأمر الخالق جل وعلا.
والظفر بالنجاح لا يمكن ان يتم صدفة او اعتباطا، بل لا بد للمرء من ان يدفع الضريبة المجزية لنيله من خلال التخطيط الدقيق والعمل الجاد الدؤوب ولكي يتحقق هذا المطلب الهام بشكل يغطي جميع جوانب الحياة فانه لابد للمرء من ان يعمل على ان يعيش حياته بطريقة توازن بين جميع الاحتياجات حتى لا يكون الميل لتلبية حاجة من الحاجات سبيلا الى حدوث خلل في أخرى,, هنا بعض الأفكار التي قد توصل الى هذا الأمل المنشود:
- ان التعامل مع الآخرين وفق أساليب المودة والتعاطف والحب والتفهم والاحترام أمر كفيل بمساعدة الإنسان على بناء علاقات متميزة مع الآخرين مهما كانوا.
- واذا اقتنع المرء بأنه لا مستحيل مع التوكل على الله جلت قدرته ثم تحلى بإرادة قوية وصبر وعمل وتحمل المشاق والمتاعب فانه يكون قد قدم شيئا ثمينا لتحقيق ذلك الشيء المبتغى.
- ولأن التغيير سنة من سنن الله جل وعلا في أرضه وواقع لا محالة لذا يجب على الانسان ان يقبل بالتغيير عندما يحدث وان يكون مواكبا لموجاته التي باتت تؤثر على جميع جوانب الحياة المادية او المعنوية بشكل متسارع لم يعد معه بمقدور المرء ملاحقته وان كان غير مستحيل عليه التعايش معه حتى يضمن لنفسه السير قدما في طريق النجاح، ومن أبرز المجالات المادية القابلة للتغير بشكل مضطرد ومتسارع ما تفرزه المصانع في شتى أنحاء العالم من جديد في تقنية الحاسبات الآلية، وما تبثه وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمكتوبة من معلومات باتت تشكل عصب الحياة المعاصرة.
وعندما يكون المرء على علم بقدراته وواثق بنفسه وواقعي في توقعاته فانه يكون قد سير رحلته الى النجاح بشكل اكثر سلاسة وأمانا.
والتفاؤل والحماس يعدان من العوامل التي تثري النجاح وتؤثر فيه اذا روعي فيهما الحذر والاعتدال.
والانسان الراغب في النجاح لابد ان يهتم بالاستعداد لمستقبله المهني والوظيفي ولا يكون ذلك إلا لمن يعمل على ان يكون لديه مهارات جيدة سواء منها ما يتعلق بالتعامل مع الآخرين او بالقدرة على التعامل مع المعطيات التقنية المتطورة التي تغزو اسواقنا كل يوم في مجال الحاسبات الآلية او الاتصالات او غير ذلك، او بتعلم اللغات الحية التي تشكل نوافذ للاطلالة على كل جديد ومتطور في هذا العالم الذي اصبح كما يقال قرية واحدة، ومعروف ان السبيل الجيد لتطوير هذه المهارات يكون بمواصلة التعلم والتعليم والانخراط في دورات تدريبية جادة حسب القدرة وطبقا للاحتياج.
- وهناك قاعدة ذهبية بسيطة في مفهومها لكنها عميقة في مدلولاتها ويمكن تطبيقها على ارض الواقع وتتمثل في ان يحب المرء للآخرين ما يحب لنفسه, وعندئذ يستطيع الحصول منهم على كل ما يريد لأنه ساعدهم لنيل ما يريدون.
وإذا ما تعرف الإنسان على ما يريده الآخرون منه سهل عليه الانتفاع من تلك القاعدة الذهبية المشار لها آنفا وسهل عليه ايضا التخطيط لتحسين علاقته بهم، فعلى سبيل المثال تهدف الزوجة الى ان تكون في كنف زوج يشعرها بالأمان ويتفهم حقوقها ويمكنها من الاضطلاع بواجباتها ومن أداء رسالتها التي خلقها الله لأدائها, والأولاد يودون من والديهم احتواءهم بمشاعر العطف والرحمة والحنان ومساعدتهم في بناء ذواتهم وتحقيق احلامهم ليكونوا أناسا صالحين لأنفسهم ولاسرهم ولأوطانهم، ورب العمل يريد من موظفيه ان يكونوا أكثر ولاء لاعمالهم وأعلى انتاجية حتى يتسنى للمؤسسة او الشركة او الدائرة الحكومية او الخاصة تحقيق اهدافها المادية والمعنوية، والعامل او الموظف يريد من صاحب العمل ان يوفر له عملا ممتعا وان يكافئه اذا أحسن في انجاز الأعمال وان يشركه في صنع القرار وإبداء الرأي ثم يأتي بعد ذلك الأمل في الحصول على الأجر المرتفع والأمان الوظيفي وإتاحة الفرصة للترقي الى غير ذلك من الحقوق والمزايا.
ولا يستطيع الإنسان ان ينجح ما لم يكن لديه خطة للحياة يضمنها اهدافه وبرامجه الدنيوية والأخروية، وما لم يكن على علم بوجهته ومبتغاه، ومن يعمل على تحديد خططه وبرامجه ثم يقوم بتنفيذ اعماله وفقا لما خطط مع مراعاة تصحيح الانحرافات المكتشفة اثناء التنفيذ يسهل عليه الانطلاق على ضوء ذلك لتحقيق أهدافه في عالم الحقيقة وعلى ارض الواقع حتى يفوز برضا الله جلت قدرته ثم بنيل الجنة، وان يتمتع بصحة جيدة وبعلاقات طيبة مع الآخرين، وان يكون سعيدا وناجحا ومقبولا في مدرسته او مصنعه او متجره او مكتبه او حقله او موقعه مهما وأنّى كان، وان يكون متفائلا بمستقبل مشرق ومؤملا في غد باسم واعد، ولا يمكن ان يفوز بالجنة -إلا ان يتداركه الله بفيض رحمته وجميل غفرانه- من لم يعمل الصالحات والطاعات ومن لم يجتنب اقتراف المعاصي والسيئات، ولا يمكن ان يرتبط بزوجة صالحة تتحلى بالأخلاق العالية والصفات الجميلة من لم يستعد لدفع المهر الذي تستحق فمن يطلب الحسناء لم يغلها المهر كما يقول الشاعر، ولا يستطيع الحصول على شهادة عالية من لم يبذل جهدا كافيا لاختيار التخصص المطلوب والكلية المرغوبة ومن لم يبذل قصارى جهده في الاستذكار والمطالعة والمواظبة على حضور المحاضرات والاستعداد لأداء الامتحانات,, الخ، كما لا يمكن ان يحصل على سيارة فارهة فخمة من لم يضع لذلك خطة يحدد من خلالها نوع السيارة المستهدفة وموديلها والشركة البائعة واسلوب الشراء وطريقة سداد القيمة وتاريخ البدء لتنفيذ المهمة والتاريخ المتوقع لأن تكون حقيقة ماثلة للعيان بحوزته، ثم ينفذ ما خطط، وقل مثل ذلك لمن يريد الحصول على ثقافة عميقة، او وظيفة مرموقة او منزل واسع او مال وفير او أصدقاء أوفياء أو غير ذلك من الآمال والتطلعات التي تجعل للحياة أهمية ومعنى فلا بد من التخطيط والعمل بصبر وثبات.
إنها دعوة مخلصة للفوز بالنجاح في هذه الدنيا والآخرة، والله من وراء القصد.
عبدالله بن سعيد الصانع
الرياض

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved