* بريشتينا- رويترز
عاد إبراهيم روجوفا الزعيم المعتدل للألبان العرقيين إلى اقليم كوسوفو أول أمس الجمعة وأعلن أنه سيبقى بالاقليم للأبد للمساعدة في تشكيل مستقبل وطنه بعد زيارة خاطفة في وقت سابق من الشهر الجاري.
ومارس زعماء غربيون ضغوطاً قوية على روجوفا الذي كان انتخب بصورة غير رسمية رئيساً لكوسوفو ليعود إلى الأقليم الصربي الجنوبي الذي يخضع فعلياً لسيطرة دولية منذ دخلته القوات التي يقودها حلف شمال الأطلسي الشهر الماضي.
وقالت بعثة الأمم المتحدة في كوسوفو انها تشجعت بعودة روجوفا.
وأشار دبلوماسيون غربيون إلى أنه يواجه مهمة جسيمة ليستعيد مكانته السياسية بعد ان فقد أرضاً كبيرة لصالح المقاتلين الذين حاربوا ضد الحكم الصربي.
وفاجأ روجوفا المسؤولين الألبان والدوليين قبل اسبوعين حين عاد إلى كوسوفو لكنه غادر بعد ست ساعات إلى روما وأمضى روجوفا أغلب الشهور القليلة الماضية في ايطاليا بعد مغادرة كوسوفو أثناء قصف حلف الأطلسي ليوغوسلافيا.
وحين سأله الصحفيون أمام منزله هل عاد للأبد هذه المرة ابتسم روجوفا ورد قائلاً: نعم,, عدت مع عائلتي, انه يوم عظيم لي ولكوسوفو.
ويشعر كثير من الألبان ان مصداقية روجوفا تضررت باجتماعه مع الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش الذي طردت قواته مئات الالوف من اللاجئين من كوسوفو, ويؤكد مؤيدوه انه حضر اللقاء مكرهاً.
ولم يكسب روجوفا أيضاً سوى القليل من الاصدقاء باقامته في ايطاليا بينما امضى المواطنون الألبان العرقيون الوقت في مخيمات اللاجئين ثم عادوا الى كوسوفو ليعيدوا بناء بيوتهم التي تحولت الى انقاض.
ولكن روجوفا الذي بلغ منتصف الخمسينات وهو أكاديمي درس في السوربون هون من المدة التي امضاها بالخارج, وقال للصحفيين: لم تكن شيئاً .
ويرأس روجوفا حزب رابطة كوسوفو الديمقراطية وانتخب مرتين في انتخابات غير رسمية رئيساً للاقليم وقالت الأمم المتحدة انها سعيدة بعودته.
وقال كيفين كنيدي المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة في كوسوفو ان البعثة سعيدة بعودة السيد روجوفا إلى كوسوفو ونحن نأمل ان يبقى هنا, وأضاف نأمل ان تحرك عودته العملية السياسية للأمام بسرعة أكبر.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري قاطع حزب رابطة كوسوفو الديمقراطية اجتماع المجلس الانتقالي الذي ضم مختلف أحزاب كوسوفو وقال انه غير سعيد بأسلوب تخصيص المقاعد في الهيئة الاستشارية.
لكن جيمس روبن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية قال ان الحزب وافق على المشاركة في الجلسة التالية, هذا التصريح جاء بعد اجتماع في روما بين روجوفا ووزيرة الخارجية الأمريكية مادلين اولبرايت.
وقاد حزب رابطة كوسوفو الديمقراطية حملة مقاومة سلبية ضد القمع الصربي للألبان لأغلب سنوات التسعينات, وولد جيش تحرير كوسوفو حين بدأ بعض الألبان العرقيين يفقدون صبرهم.
ويرى كثيرون ان خروج القوات الصربية من كوسوفو تحت وطأة القوة العسكرية لحلف الأطلسي وربما بقليل من المساعدة من جيش تحرير كوسوفو برر موقف مقاتلي الجيش وجعل قادتهم يسرقون الأضواء السياسية بعد الحرب من روجوفا.
وقال دبلوماسي غربي ان الحكمة المسلم بها أنه أبعد نفسه عن الأمر ولن اختلف مع ذلك, وأضاف: لكنني لن اشطبه,, وبالتأكيد لن أشطب حزبه.
وشكل جيش تحرير كوسوفو حكومة مؤقتة للاقليم أعلنها من جانب واحد في غياب روجوفا واقام رئيسها هاشم تقي اتصالات وثيقة مع المسؤولين الدوليين في الاقليم.
ورغم ذلك يقول دبلوماسيون انه مازال بامكان حزب رابطة كوسوفو الديمقراطية الحصول على تأييد كبير لكن اذا أراد روجوفا أن يبقى لاعباً فيجب أن يسكت منتقديه بتقديم تفسيرات مقنعة لتصرفاته حديثاً.
قادة العالم يتعهدون بتقديم دعم مالي
على صعيد آخر تعهد قادة 29 من دول العالم يوم الجمعة بتقديم الدعم الاقتصادي اللازم لتثبيت الاستقرار في منطقة البلقان في إطار أوروبا غير المقسمة.
وقال الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في مؤتمر قمة استغرق يوماً واحداً حول البلقان ان العمل الذي بدأه حلف شمال الاطلنطي ناتو بالتدخل ضد الصرب في كوسوفو لن يكتمل بدون خطة دولية لدعم منطقة البلقان بأكملها اقتصادياً.
واستطرد كلينتون: لايمكننا ان نقول ان مهمتنا قد انتهت فيما يعود اللاجئون إلى كوسوفو إلى حياة محطمة ولا يمكننا الحصول على التغيير بالتقسيط- بالتعامل مع كل إقليم وكل دولة وكل أزمة على حدة -بل يجب أن نتحرك إلى الأمام سوياً , واقترح كلينتون مبادرة تجارية لمنطقة جنوب شرق أوروبا يتم بموجبها اعفاء صادرات دول البلقان إلى الولايات المتحدة من الجمارك وسيكلف ذلك الحزينة الأمريكية حوالي 80 مليون دولار في صورة رسوم جمركية كان يمكن أن تحصل عليها عبر الخمس سنوات المقبلة,وكان مارتي اهتيساري الرئيس الفنلندي ورئيس مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي قد افتتح قمة سراييفو بقوله إن إبرام معاهدة استقرار لاعادة إحياء منطقة البلقان يجب أن يكون مقروناً باصلاح ديمقراطي واقتصادي في المنطقة.
وقال اهتيساري مخاطباً رؤساء دول وحكومات من 27 دولة: إن الصلاح الديمقراطي والاقتصادي في دول المنطقة يعد أساس الدعم الذي سيقدمه باقي المشاركين في معاهدة الاستقرار .
وكان ممثل كبير للدولة المضيفة للقمة قد صرح في وقت سابق ان دول البلقان عليها أن تعمل مع بعضها البعض للتغلب على ماضيها البغيض , وقال انتي يلافيتش مساعد رئيس البوسنة أمام المؤتمر: علينا أن نفعل كل ما في وسعنا للتغلب على الماضي البغيض ولحماية حقوق الاقليات في أرجاء البلقان .
وأردف: هدفنا هو خلق مجتمع بلا صراعات, يجب أن تصل منطقة جنوب شرق أوروبا لدرجة من الازدهار تجعلها لا تشكل خطراً على جيرانها .
عزل ميلوسيفيتش
كما دعت الدول الغربية يوم الجمعة في سراييفو الشعب اليوغوسلافي إلى التوقف عن دعم الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش حتى لا يبقى على هامش حركة التقارب الكبيرة القائمة بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ودول البلقان,وتلقت هذه الحركة الكبيرة التي اطلق عليها اسم ميثاق الاستقرار من أجل البلقان وهدفها المعلن تحقيق السلام والديمقراطية والازدهار، دفعاً جديداً في سراييفو مع عقد قمة تضم نحو خمسين رئيس دولة وحكومة ومسؤولين عن منظمات دولية,وقد تعتبر هذه القمة الرمزية جداً التي لا تتضمن أي مشاريع جديدة ملموسة للمساعدات المالية والتنمية، سلسلة متتالية من الخطابات الوطنية ومراسم مدبرة نوعاً ما حول الديموقراطية ووعود السلام.
وترى ألمانيا التي تقف وراء فكرة هذه القمة ورئاسة الاتحاد الأوروبي فنلندا التي تنظمها، ان قمة ميثاق الاستقرار هي خطوة نحو اقامة اوروبا كبرى موحدة بقيم مشتركة هي: الاستقرار والمسؤولية الديموقراطية واقتصاد السوق.
وقال الرئيس الأمريكي بيل كلينتون هدفنا هو انخراط هذه المنطقة في أوروبا تكون حدودها نقطة وصل بدلاً من عامل تقسيم ,وأكد كلينتون أن باب حلف شمال الأطلسي لا يزال مفتوحاً أمام أعضاء جدد ودعا الاتحاد الأوروبي إلى فتح ذراعيه بشكل أكبر إلى دول البلقان هذه التي تأمل أن تكون قد انتهت من عقد من الحروب في يوغوسلافيا السابقة.
وتبقى صربيا مستبعدة كلياً من هذا المشروع الزاخر حالياً بالوعود والكلام المعسول، كما أنها استبعدت من قمة سراييفو,ويدعو الإعلان النهائي للقمة الذي جاء ثمرة تسوية حساسة بين المواقف الروسية والمواقف الغربية شعب جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية الى الانضمام إلى التغير الديموقراطي .
رسالة لشعب يوغسلافيا
لكن الامريكيين والاوروبين ذهبوا الى أبعد من ذلك بتعهدهم عدم المساومة بشأن دعمهم للمعارضين اليوغوسلاف, وفي إعلان منفصل وجهت الدول ال15 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي رسالة إلى شعب جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية أعربت فيها عن استعدادها لدعم الذين يلتزمون التغيير الديمرقراطي.
وشدد الرئيس الأمريكي من جهته على أن صربيا لن يكون لها أي مستقبل إلا بعدما يصبح ميلوسيفيتش وسياساته طي الماضي.
وتنوي واشنطن تقديم دعم مالي قدره عشرة ملايين دولار إلى المعارضين الصرب وإلى وسائل الإعلام والنقابات المستقلة, وستخصص لهم بريطانيا من جهتها ثلاثة ملايين جنيه استرليني أكثر من خمسة ملايين دولار على ما أفاد وزير الخارجية البريطاني روبن كوك.
أما روسيا ورغم موافقتها على مبادىء ميثاق الاستقرار فقد سعت إلى الابتعاد بوضوح عن مواقف الدول الغربية, وقال رئيس الوزراء الروسي سيرغي ستيباشين ثمة مسألتان تثيران قلقنا: أولاً كل دول البلقان لا تشارك في القمة وأعني هنا بالطبع جمهورية يوغوسلافيا، ولسنا مرتاحين للربط بين بقاء ميلوسيفيتش والمساعدة ليوغوسلافيا .
لكن الأوروبيين والأمريكيين يدرسون سبل اشراك مونتينغرو في ميثاق الاستقرار وجعلها تستفيد من المساعدة المالية المرتبطة به, وقد شارك ميلو ديوكانوفيتش رئيس مونتينغرو التي تشكل مع صربيا جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية بصفة مراقب في قمة سراييفو.
واعتبر الرئيس الفرنسي جاك شيراك ان الاتحاد الأوروبي يجازف بموقعه على الساحة الدولية مع محاولة التسوية الشاملة والدائمة للأزمة في البلقان وشدد على أن هذا هو رهان هذه القمة.
ويعي الأوروبيون جيداً ان عليهم ألا يخيبوا الآمال, وقال رئيس الوزراء الألباني بانديلي مايكو للمرة الأولى يوفر ميثاق الاستقرار الامكانات والفرص حتى تصبح هذه المنطقة البلقان جزءاً من أوروبا.
وقال علي عزت بيغوفيتش العضو المسلم في الرئاسة الجماعية البوسنية بنبرة تحد يمكنني القول ان رؤية رجل فرنسي كبير هو شارل ديغول لأوروبا تمتد من الأطلسي إلى الأورال بدأت تتحقق تحت أعيننا .