قصة محزنة - بل إنها آلام يحملها إنسان التقيت به في المستشفى العسكري بالرياض, فقد جاء للعلاج من اليمن على نفقة سمو الامير سلطان بن عبد العزيز - أيده الله وحماه - هذا الانسان يحمل في كل دخائله وذرات جسده ما يؤكد أنوثته - انه امرأة, في كلماته، في صوته، في جسده، وليس له من أثر الرجولة سوى جزء يسير وخامل.
لقد تمت معاملته على انه - رجل - وكان في بيت والده في اليمن يرتدي لباس النساء ويحمل اسم امرأة ويخالط النساء.
إن أشد مايواجه الانسان الذي ابتلاه الله بعاهة مستديمة - هي الاشهار في الحديث عنها وبعث الرسائل لجهات دينية اوغيرها للدخول في آراء واحكام قد لا تكون ذات جدوى.
لقد اخذ المستشفى العسكري بالتعامل معه على انه رجل, وباءت محاولاته بالفشل بعد عام كامل من الهرمونات المذكرة التي يتعاطاها هذا الانسان, ولم تستطع ان توقظ فيه ادنى قدر من الذكورة , وطالب الجراحون من هيئة كبار العلماء فتوى لحالته وجاء الرد انه اذا غلب طابع الانوثة عليه يمكن ان يتحول الى انثى واذا غلب طابع الذكورة عليه يمكن ان يتحول الى رجل ولم يستطع الاطباء خلق قناعة مشتركة على مدى عام كامل قضاها هذا الانسان في المستشفى العسكري بالرياض.
وعلى الازمة الحالكة وسواد أفق المستقبل جاءت هبة مالية من الامير سلطان لاعانته على قضاء حوائجه حيث انه لم يجد عملاً يقتات منه بسبب تعذر المؤسسات له, فهو امرأة في هيئة رجل.
وعندما قام بمراسلة المستشفيات البريطانية بمساعدة السفارة اليمنية بالرياض وقفت السفارة البريطانية حجر عثرة امام سفره, والسبب في ذلك انها تريد مبالغ تغطي مدة الزيارة, وقد اشترطت السفارة البريطانية شرطا لاتمام مراحل التأشيرة وهو خطاب من السفارة اليمنية في لندن بدفع اية ترتيبات مالية محتملة في هذه الرحلة العلاجية التي تزيد مدتها عن ستة اشهر.
لقد كتبت عنه صحيفة الشرق الأوسط مطالبة المجتمع بالتنبه لمثل هذه المآسي وتخفيف الآلام عنها ,, وكتبت مجلة سيدتي تقريرا مفصلا عن هذه الحالة, ومازال هذا الانسان ينتظر ان يرى نفسه إنسانا متكامل الخلقه.
ان ارادة الله فوق كل ارادة ولعل هذا الابتلاء محبة منه لعبد من عباده لايزال يعيش ابعاد هذا الألم وهذه البلوى على مدى 30 عاما انها في الحقيقة, مأساة إنسان.
التكاتف بين مئات المجتمع هو أول دلالات التحضر - والوقوف الى جانب المعذبين في الارض من انبل العواطف واكثرها تدفقاً, وتقديم المعونة للانسان الذي يعيش حياة معذبة حالة متقدمة من التحضر في هذا المجتمع.
والمجتمع اليمني والسعودي جزآن اساسيان في المجتمع العربي, وقد وفد هذا الانسان الى مدينة الرياض برعاية كريمة من سمو الامير سلطان وقدم سموه -ايده لله- مساعدة مادية لعونه على نوائب الحياة ومازال ينتظر أهل المعروف بأن يبذلوا جهدهم لمعونته وسد حاجته, وكل ما تبقى من مراحل هو من صميم العمل الذي يجب ان تؤديه السفارة اليمنية في كل من الرياض وصنعاء, والسفيران اليمنيان في كل من الرياض وصنعاء يحيطان علماً عن كل دقائق المأساة وتطوراتها السلبية على الحالة النفسية لهذا الانسان.
هذا الانسان المعذب يعيش مع اخيه في غرفة صغيرة ويتحاشى الجلوس امام الضيوف فهو امرأة في زي رجل, إنه يقضي جل وقته في تلاوة القرآن الكريم ويتذكر الله دائما ويسأله كشف الضر عنه انه لايصلى الصلوت المفروضة فقط, فهو يصلي في جنح الليل طالبا العون والمغفرة من الله عز وجل, هذا مايقوله عنه اخوه الذي يسكن معه,, واذا كانت التقوى خير لباس فإن هذا الانسان سوف يجد عون الله امامه من اولئك الذين يدركون ان تقديم العون لمن يستحقه هو السبيل الى نيل الاجر والثواب من الله عز وجل.
لم يبق امام هذا الانسان الا القليل الذي يحتاج اليه، ثم المزيد من الصبر حتى تنجلي الغمة التي يعيش فيها الآن, ولابد لأهل المسؤولية ان يقوموا بمسؤولياتهم تجاه هذا الانسان,, علما ان اغلبية الحوائج قد قضيت بعون الله,, فقط خطوات جادة ينتظرها هذا المعذب من السفارة اليمنية في الرياض وصنعاء لمساعدته، واعتقد ان هذه المساعدة حق من حقوقه المشروعة.
|