عزيزتي الجزيرة
تحية طيبة وبعد,.
فقد قرأت في جريدتنا الغراء (الجزيرة) نبأ وفاة شيخي الشيخ مناع خليل القطان رحمه الله تعالى وكان الناس قد تلقوا من قبل وفاة عدد من العلماء الاجلاء: سماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز والشيخ صالح بن علي بن غصون والشيخ عطية محمد سالم والشيخ علي الطنطاوي والشيخ مصطفى الزرقا تغمدهم الله جميعا برحمته وانزل عليهم شآبيب رضوانه ومغفرته وادخلهم بمنه وجوده وكرمه اعلى منازل جناته انه هو الغفور الرحيم.
اما سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى فهو امام اهل السنة الفقيه المحدث وكنت اسمع فتاواه - رحمه الله - في برنامج - نور على الدرب فكان يفتي المستفتي على حاله ولسان مقاله مدعما فتاواه بالآيات الكريمة تجري على لسانه بكل يسر وسهولة ويستدل بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسنادها فلا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بدون سند ولكنه يقول: في حديث ابن عباس او حديث جابر او حديث ام عطية متبعا له بالكتاب الذي ورد فيه الحديث وكان ميسِّرا فما اكثر ما سئل رحمه الله عن مسألة فيقول لا مانع ولا حرج ولا بأس ان شاء الله - وكنت اول ما جئت للمملكة قد سألت عن كتاب ميسر في الحج والعمرة فدلوني على كتاب التحقيق والايضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة لسماحته وقرأته واستفدت منه رحمه الله رحمة واسعة وادخله فسيح جناته.
واما الشيخ ابن غصون رحمه الله تعالى فقد كنت اتابعه - ايضا - في برنامج نور على الدرب وكنت استمتع بحلاوة حديثه وسهولة ويسر فتاواه وذلك عندما يبدأ الاجابة: الحمد لله ثم يسترسل مستدلا بالادلة من الكتاب والسنة في تمكن تام منهما رحمه الله رحمة واسعة وادخله فسيح جناته انه هو الجواد الكريم.
واما الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله فكنت اسمع تسجيلا لدروسه في المسجد النبوي الشريف واستمتع بتمكنه من الفقه حيث كان يُقرأ عليه من كتاب فقه ثم يقوم بالشرح الموجز المفيد واذكر انني سمعت له محاضرة عن العين والحسد فكفّى ووفّى حتى انني اقتبست بعض افكارها وترتيبها في رسالة الماجستير التي نوقشت لي ليلة الاول من رمضان عام 1402ه ولم يخطئني احد المناقشين في شيء منها وذلك عند بحثي عن العين والحسد في سورة يوسف عليه السلام، وكان عنوان الرسالة (يوسف عليه السلام النبي الداعية) رحم الله الشيخ عطية محمد سالم رحمة واسعة وجعله في جنات النعيم,, آمين.
واما الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله فكنت اتابع برنامجه الاسبوعي نور وهداية بعد صلاة الجمعة وكنت استمتع بحديثه وخفة دمه وسعة معرفته في علوم الدين والدنيا والتيسير على الناس بفتاواه وروايته للطريف من الشعر واقوال السابقين واستمتع بذكرياته عندما يقول شيئا عن عمله في التعليم او القضاء رحمه الله تعالى واكرم مثواه.
واما الشيخ مصطفى الزرقا فمع الاسف انني لم اقرأ له او عنه الا ما كتب في (الجزيرة) لكنني اسمع به مؤلفا واستاذا جامعيا ورجل قضاء,, رحمه الله واسكنه فسيح جناته.
واما شيخي الشيخ مناع خليل القطان رحمه الله فقد درّس لنا في المعهد العالي للدعوة الاسلامية سابقا,, كلية الدعوة والإعلام الآن مادة قصص القرآن وعلى يسر المادة ومعرفة اكثر الناس لها الا انه جعل منها مادة علمية دقيقة فلا يهتم بالسرد القصصي وانما بأخذ العبرة والدروس من سيَر الامم الماضية وما جرى لها وما تعرض له الانبياء والصالحون عليهم الصلاة والسلام في حياتهم على ايدي اممهم وما يستفيده الدعاة المعاصرون من اسوة وقدوة بهم,, هذا مع تحليل دقيق واستنباط عميق لمدلول الكلمات مع التركيز على المسائل النحوية والبلاغية في الآيات الكريمة.
كما كنا نرجع لكتابه (علوم القرآن) لنجد فيه مادة غنية نستفيد منها - مع الايجاز -.
هذه كلمات طرأت على ذهني وانا اتابع قافلة العلماء الى الموت لأدعو لهم بالرحمة والغفران وان يحسن الرب سبحانه وتعالى العزاء للمسلمين جميعا بفقدهم ويُلهم اهلهم وذويهم الصبر والسلوان وان يجعلهم مع النبيين والصديقين والشهداء الصالحين وحسن اولئك رفيقا, ولا نجزع ولا نتسخط ولا نقول إلا ما يرضي الرب وعسى ان يكون في خلفهم خير وبركة, اللهم لا تحرمنا اجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم, الحمد لله على قضائه والصبر على بلائه, قال تعالى (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين,, الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون, اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون).
وقال سبحانه: (كل نفس ذائقة الموت ثم الينا ترجعون).
وقال جل من قائل: (كل نفس ذائقة الموت وانما توفون اجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الامتاع الغرور), اما بعد,, فان كل مصيبة بعد مصيبة المسلمين بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم تهون,, قال تعالى: (انك ميت وانهم ميتون) رحم الله مشايخنا الاجلاء وجمعنا بهم في جنات النعيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
نزار رفيق بشير
الرياض