واليوم اريد ان ادخل الى مشكلة سكوت الطفل: اي ماذا نفعل حين يأتي الطفل خائفاً ولا نعرف ما به ولا يريد ان يفصح عما به؟
كيف نعرف ما يشغله ويخيفه؟
توجد عدة طرق وعادة ما تعنى كلها بعلاج الطفل عن طريق اللعب.
فنستطيع مثلاً ان نستفيد من ولع الطفل في التمثيل فنلعب معه ادواراً لكي نكشف عن معاناته بل ونعالجه من خلال اللعب معه.
نلعب مع الطفل ومجموعة من الدببة القطنية ادوارا من حياة الطفل اليومية, نشترك معه في تحريك الدببة اثناء لعبها, الدببة الكبار يقومون بدور الأم والأب ثم لدينا مجموعة من الدببة الأطفال, وبالطبع سوف يختار الطفل الدب الصغير ليقضمه ويصيره دون ان يعلن ذلك, ولكن ستكتشف التقمص من خلال تعاطفه مع ذلك الدب المعين, وعليك ان لا تشعره بانك واع لتقمصه حتى لا تفسد تلقائيته.
الدببة تتحرك على المسرح وانتما تنسجان معاً قصة ابطالها, وهو يشارك طبعاً في تمثيلية مشابهة لحياته, فالدببة تأكل الهمبورغر وهي مثل الطفل لديها اخ اسمه سلطان واخت اسمها دانة, وتذهب الى المدرسة (سوف تكون مدرسته) وتركب السيارة.
اسمح لي ان يوجه مسار المسرحية وسوف تلاحظ من مسار القصة التي ينسجها الطفل حول الدببة ان الدب الذي توحد معه سوف يتلكأ مثلاً او يخاف حين يرى شخصا معينا او يمانع في دخول مكان ما.
فلنفترض اننا لا نعرف عن اسباب خوف الطفلة ديمة الحميمة (ولكننا اثناء اللعب معها سوف نكتشف, تمر (الدبة) ابلة نورة المعلمة التي افزعتها اثناء الطابور فتخاف الطفلة وتسحب الدبة الصغيرة تريد ان تهرب بها الى البيت.
حينها نضع يدنا على سبب المعاناة.
وقد حكت لي احدى الامهات حين لعبت هذه الادوار مع ولدها احمد ذي السابعة بانه قال على لسان الدب الطفل وهو يصعد السيارة: انا لا اريد ان اركب في الكرسي الامامي.
قالها ووجهه يكفهر وينكمش, وحين سألت الأم الدب: لماذا؟ قال: بس.
وقد كانت هذه ال(بس) منفذا الى شيء خطير, فقد اكتشفت الأم ان السائق يتحرش بأحمد حين يوصله الى المدرسة, والطفل يخاف ان يقول لأمه عن شيء لان السائق كان يهدده بانه ان اخبر امه فسوف يخبرها هو (السائق) عن ذلك اليوم الذي (طب) فيه على احمد فوجده مع ابن خالته يدخنان سيجارة سرقاها من جيب الاب وهو نائم.
وقد قلت بان الطفل يجب ألا يكتشف بانك تريد اختباره, لذا فحين قال احمد: بس, غيرت الأم مسار اللعبة قليلا بعد ان لفت نظرها بأن شيئا ما يدور حول السائق ثم اعادت اللعبة بعد ان جعلت السائق احد ابطال الحكاية.
فسألت الدب الصغير هل يحب السائق؟
فقال انه يكرهه ويريد له ان يموت, ثم صار يضربه ويطرده خارج البيت.
اما الباقي فقد عرفته الأم بتتبعها هذا الخيط الذي وضعه احمد بيدها والذي لم يكن ليعلن عنه بالطرق المباشرة, فاللعب اصدق من الطرق المباشرة في الاعلان عن معاناة الطفل, فحين يقول لي طفل في الجلسة الاولى من العلاج بانه يحب امه واباه واخواته انتظر في حكمي حتى الجلسات القادمة حيث ألعب معه, فقد يحب الأرنب الذي تقمصه امه الأرنبة وهذا رائع, ولكنه قد لا يحبها فيقول لها: انا اكرهك وسأجعلك تبكين كل يوم, ثم يضرب اخاه الارنب الصغير جداً فتتضح اسباب عناده الذي صار يزداد منذ ان ولدت امه مؤخراً.
|