Sunday 25th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 12 ربيع الثاني


أنواع التحليل في الفنون
للكاتب الإيطالي أنطونيو فوجازارو (1842-1911)
كمال الدين عيد

كشف العصر الحديث - بعد انبثاق الفلسفات الألمانية - الى قيمة التحليل في الآداب والفنون بما قدم لنا آفاقاً جديدة للتعامل الذكي مع عدد من المصنفات الفنية كانت غائبة في الماضي.
* تحليل التأثير Analysis of Effect:
من وجهة نظر علم سسيولوجيا الفن فان تعبير تحليل التأثير يعني كل ما يتصل بعالم التأثير في الفنون المختلفة ويعمل التحليل على بحث الخطوات الاولى وانتهاء بالخطوات الأخيرة للتأثير الاجتماعي وفي معرفة للخواص والمميزات ويمتد تحليل التأثير في فن المسرح ليشمل عناصر تعرف باسم (قبل وبعد العرض المسرحي) في تشريح تحليلي لأسلوب فن الأداء التمثيلي وفنون المناظر والديكور والاضاءة والانارة فنون الموسيقى الايقاع الريثم Rhythm (والمقصود بالرثيم هو التناغم وائتلاف اجزاء العمل المسرحي بحيث تؤلف تكوينا فنياً بعيداً عن النشاز), يعمد تحليل التاثير الى تفكيك رموز العمل الفني وتحويله الى حبات وذرات صغيرة تخضع كل واحدة منها للتفسير والتشريح العلمي الدقيق كما يسعى التحليل الى المقارنات الفنية والى اسلوب العرض ذاته من ناحية تطوره من عدمه, وبفضل هذا التقدم العلمي في الفنون فقد كشفت دراسات كثيرة من الثغرات التي تؤثر في ضياع او غياب عملية التأثير في المسرح التي يمكن ان تصيب الدراسات الاضطرابات والاهتزازات التي يمكن ان تصيب العمل الفني واسبابها مما يؤثر لا محالة بالسلب على العمل الفني بأكمله.
* التحليل الحدثي Active Analysis
بعد ظهور الفلسفات الألمانية في القرن 18 ميلادي وانتشارها على سطح العلوم والمعارف، تعرض علم السيكولوجيا Psychology لتحليل الفنون عن طريق الحدث, وما جاء على لسان الالماني هجل Hegel في هذا الخصوص الزم المسرح الحديث ان ياخذ بالآراء الفلسفية التي تعرضت لحالته وجوهره وماهيته بالتشريح والتحليل, هكذا يبدو لنا (التحليل الحدثي) امراً هاماً من الامور والواجبات في المسرح المعاصر, ونعني بالتحليل الحدثي اشارة هجل الى تحليل العمل الدرامي كمدخل لا غنى عنه قبل البدء في التدريبات العملية لمجموعة الممثلين وطاقم العمل من فنيين.
يستهدف التحليل الحدثي شرح العلاقات النفسية بين الشخصيات المسرحية وبين الاحداث المختلفة والمتغيرة صعوداً او هبوطاً في ادوارهم كما يعمل التحليل نفسه على متابعة ما يستجد مشهداً اثر مشهد - من تصرفات وسلوكيات على مسيرة الدراما, ويتم التحليل الناجح بشروحات المتخرج لطاقة الممثلين لكل العلاقات والامارات والخفايا النفسية التي ينبغي استعمالها - وبفن اراء الممثل - لتكون مناسبة تماماً لما يطرأ من احداث وتسير هذه الشروحات عبر التحليل النظري وكيفية التطبيق العملي عبر جسر ابداعي تنفيذاً دقيقاً واميناً دون تحريف او تزوير.
هكذا يقف الجانبان النظري والعملي التطبيقي في التحليل الحدثي الى جانب بعضهما البعض وهما يكونان علاقة ثابتة متصلة على الدوام بحكم تبادل عامل التأثير بينهما ووفق حالة استمرارية يقظة من التفاعل والنشاط الجانب النظري في التحليل يراقب الجانب العملي وقد اثبتت المعامل المسرحية الجادة - ومن بينها طريقة استانسلافسكي في مرحلته الثانية في ثلاثينيات القرن العشرين ان الجانب العملي التطبيقي يعكس بالرد على فهم الجانب النظري لا محالة.
* تحليل الشكل Form analysis
تحليل الأشكال موجود وقائم منذ قيام الفنون الا انه في العصر الحديث - وبعد ظهور التيارات العصرية في الفنون - قد ضعف تأثيره لتقليديته وصارت الغلبة في تحليل الشكل للحرية ووسائل التعبير الحية والغريبة البعيدة عن سابقاتها فاصبح شكل الشعر الحي لا يتقيد بالوزن بل هو احيانا لا يركن الى قافية او ايقاع بالمرة.
وفي الحياة المسرحية اصبح من غير الضروري تأليف الدراما في خمسة او اربعة فصول وفق النهج الشيكسبيري ودرامات عصر النهضة الاوروبي ودرامات الكلاسيكية الجديدة حيث يحبذ الدراميون المحدثون المسرحية ذات الجزأين او الفصلين, كما اصبحت لغة الموسيقى لا تتقيد في اشكالها بنفس العناصر الفنية الشكلية الاكثر ارتباطا وتعقيداً (كما يقول المجددون) ونفس الحال واكثر نعثر عليه في الفنون التشكيلية في الخلط المعاصر بين فن النحت وفن التصوير الزيتي (آخر صيحات نهاية القرن), الا ان المجددين وهم في حالة انصراف حماسي عن شكل القديم يقدمون الجديد في تيارات كثيرة متعاقبة ومتداخلة ومتضاربة (كما في اشكال القرن العشرين) وهو ما اسلم الموقف الى صعوبة اكثر في تحليل الشكل اذ ان الاشكال التي انسوا لها لا يزال يصعب على الكثير فهمها خاصة في مسارات وموسيقى وفنون البلاد النامية حيث لا يزال الطريق فيها بعيداً عن الثقافة العامة فما بالك بالثقافة الفنية او الثقافة التخصصية.
الا انه من الامانة ان نذكر ونسجل هذه الثورة في الشكل وقيامها الذي يضرب في اعماق القديم التقليدي وجذوره لتفتح المجال امام اشكال جديدة للتحليل وفي تسجيل لحرية اكبر واوسع واعظم اتساعاً في مجالات التعبير الفني.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved