Sunday 25th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 12 ربيع الثاني


طباق وجناس
الصرصور أبو طرطور!

يشكو كثير من الناس من الشائعات وضررها وآثارها النفسية والاجتماعية وربما الاقتصادية والسياسية في بعض الأحياء ولكنهم قد يساهمون في انتشارها وذيوعها حتى تصبح كأنها حقيقة لا تقبل الجدل او التنفيذ بينما تكون في حقيقة الأمر عبارة عن اختراع يقف وراءه عقل مريض أو قلب معرض او ناتجة عن سوء فهم او سوء رواية وقد شكا الشاعر العربي من هذا الأمر ذات يوم عندما تعرض للخطر بسبب شائعة نقلت على لسانه مع انه لم يقل بها قط على حد تعبيره ونتج عن ذلك بيت شعر صاغه الشاعر حكمة مشهورة:
وقد نقلوا عني الذي لم اقل به
وما آفة الأخبار الا رواتها !
وفي الغرب كما في الشرق تشكو الخلائق بين الشائعات وفعلها المدمر، ويشبه الغربيون الشائعة بأنها مثل كرة الثلج المنحدرة نحو الوادي تبدأ صغيرة وتتدحرج فلا تصل الى نقطة النهاية الا تكون قد بلغت اضعاف حجمها الأساسي فهي كذب في كذب وظلمات بعضها فوق بعض وسراب يحسبه الظمآن ماء فان هو بحث عن الحقيقة لم يجد شيئاً سوى الأقاويل المتهافتة التي لا رأس لها ولا ذنب!.
ويروى - على المستوى الشعبي - ان احدهم رأى صرصاراً يمشي تحت الجدر فقال لصاحبه لقد رأيت اليوم صرصوراً ، فقابل ذلك الصاحب شخصاً ثالثاً فاخبره أن فلاناً قد رأى صرصوراً يلبس طرطوراً و الطرطور باللغة التركية او السلجوقية لباس يوضع علىالرأس له ذنب في اعلاه كذنب الفأر وقد كان يلبسه في مصر الممثل شكوكو يرحمه الله.
وقد قابل الثالث شخصاً رابعاً فزاد في الرواية ودعمها بتصور جديد فقال ان فلاناً قد رأى صرصوراً يلبس طرطوراً ويدق طنبوراً وهو آلة عزف تراثية لم تزل تستخدم في اسكتلندا باسم موسيقى القرب والحاصل ان حكاية الصرصور اخذت تكبر وتزداد عن طريق النقل حتى اصبحت في ثلاثة مجلدات من القطع المتوسط والعبارة الاخيرة ليست عن الشائعات ببعيدة!!
ولاشك ان من أسوأ انواع الشائعة مايتصل منها بالسلوك والاخلاق والذمم والاعراض والاسر والعائلات، فكم دمرت مثل هذه الشائعة بيوتاً وظلمت رجالاً ونساء وطعنت في ذمم كريمة واخلاق شريفة وسرت علىالرغم من تهافتها مسرى الشمس وعلىالرغم من محاولة دحضها من قبل المتأذين بها ومن حولهم ولكن بلا فائدة تذكر وقد سبق للشارع العربي ان عاش تجربة اختراق الشائعات وتمكنها من العقول والقلوب فقال متحسراً،
قد قيل ما قيل إن صدقاً وإن كذباً
فما اعتذارك عن قول إذا قيلا
والانسان العاقل الحصيف هو الذي يبعد نفسه ويربأ بها من مواطن الشبهات ومستنقعات القيل والقال، ولعله بعد ذلك يسلم من الشائعات، وعلى الأقل لايأتيه من اضرارها إلا النوع الخفيف!
وتساهم شركة يقولون بجدارة في الترويج للشائعات بجميع انواعها الثابتة والمنقولة والثقيلة والخفيفة، فإن سألت عن مصدر شائعة ما، قالوا لك: يقولون ، ولكنك لاتستطيع ان تعرف من هم الذين يقولون لان ناقل الشائعة إليك لايعرف هو الآخر عدد المساهمين في شركة يقولون لا أسماءهم الكريمة! مثل غيره من الناقلين!
وفي قصة الافك الواردة في القرآن الكريم، وهي قصة مست بضررها صحابية جليلة من امهات المؤمنين وخاض فيها بعض الصحابة وعوقبوا على ذلك ونزل حولها قرآن يتلى امد الدهر في هذه القصة عبرة بليغة لمن أراد ان يعتبر!
إنه إجراء استراتيجي !
قرأت مؤخراً مقالاً جيداً للأخ الدكتور حمود ابو طالب نشر في جريدة عكاظ ضمن زوايته الجيدة تلميح وتصريح وقد تطرق المقال الى مسألة قيام بعض المسئولين في الجهات الحكومية من وزارات وغيرها باحالة شكوى المواطن المقدمة لها مباشرة او عبر الصحف الى الجهة المشكو منها للافادة من الشكوى وربما من الشاكي نفسه، ان كان موظفاً تابعاً لها، لتقوم تلك الجهة بكتابة مايحلو لها وتقديم إفادتها الى مرجعها لتنتهي الشكوى وما معها من أوراق الى الحفظ هذا ان لم يعاقب الشاكي على افتراءاته وتجنيه ضد الابرياء!
(وقد فهمت من كلام الدكتور ابو طالب انه لم يفهم كيف يحصل ذلك فيكون الخصم المتهم هو الحكم ثم يؤخذ بحكمه وينفذ بلاهوادة!
وما اشار اليه الدكتور حمود ابو طالب صحيح بصفة عامة وهو يجسد واقع حال الادارة لدينا بل إن مسألة إحالة الشكوى الى الجهة المشكو منها أصبحت إجراء إدارياً استراتيجياً معلوماً عند القاصي والداني، وقلما يشكو انسان ما من جهة من الجهات الحكومية على مرجعها الاعلى وتكون النتيجة قيام تحقيق دقيق شامل عادل يستمع الى جميع وجهات النظر ويصل الىالحقيقة ويعاقب المقصر،اما الشيء المعتاد فهو إحالة الشكوى إلى الجهة المشكو منها للافادة واعتبار إفادتها كافية لقفل الموضوع وتجاهله تماماً حتى لو تتابعت برقيات ورسائل الشاكي حاملة مالديه من مستندات وشواهد فما دام ان الإفادة قد وصلت مبرئة الجهة المشكو منها,, مكذبة الشاكي وشركاه فلا لزوم لبحث الموضوع او إعطائه اي اهتمام او تضييع وقت المسئولين في الادارة العليا لتلك الجهة بالشكاوي والدعاوي واعتبار كل ما يصل لاحقاً نوعاً من الكيد والحسد أو أن وراءه اهواء وأغراضاً شخصية لصاحب الشكوى حسب الافادة أيضاً!
ويقول مواطن انه تظلم ذات يوم من جهة عمله، ومما يرى انه قد لحق به من ضرر فهداه تفكيره الى رفع برقيات الى عدد من الجهات التي ظن انها ستلتفت الى شكواه وتحقق فيها ودفع مقابل ذلك مبلغاً قدره ستمائة ريال عربي سعودي وظل ينتظر ان تأتي بدل اللجنة لجان للتحقيق فيما ورد في شكواه أو على الأقل محققون للنظر فيما ادعاه، ولكن احداً لم يتصل به البتة مع انه تحقق من وصول برقياته الى مراجعها وبعد شهرين علم ان جهة واحدة قد تحركت وارسلت مندوباً لمدة ساعات قابل خلالها رئيس الجهة المشكو منها الذي انتهز الفرصة وقال في صاحب الشكوى ماقال مالك في الخمر ونسب اليه كل رذيلة ومنقصة، في الوقت الذي كان فيه المتدرب يستمع الى مايقال ويصدقه وانتهى اللقاء بقبول دعوة كريمة مقدمة من رئيس الجهاز وبوعد صادق من المتدرب بأن يقوم بنقل كل ماسمعه من حقائق الى مرجعه حتى يتم تصحيح الصورة وإزالة ما لحق بها من جراء الشكوى الظالمة من تشويه.
ان ماذكر في السطور السابقة يتحدث للأسف الشديد عن واقع يغلب على معظم التعاملات في الشكاوي المرفوعة ضد الادارات والفروع الامر الذي ابعد الادارة العليا في الجهات الحكومية عن الحقائق وحمى المقصرين وأطال مدة بقائهم في مواقعهم والله المستعان .
تهمة جديدة للشعراء
على ذمة جريدة الشرق الاوسط فان البريطانيين قد اخترعوا مهنة جديدة للشعراء ووظفوا عليها شاعراً منهم اسمه ايان ماكيملان وهذه الوظيفة الجديدة هي تعيين هذا الشاعر براتب مجز ليقوم بانشاد الشعر على الركاب في القطارات خلال الرحلات الطويلة داخل بريطانيا، متوقعين ان تحظى هذه الخدمة برضا الركاب او معظمهم على الاقل ولا سيما ان كثيراً منهم يقضون زمن الرحلة في الثرثرة مع مجاوريهم من الركاب الآخرين او مع زوجاتهم بالهاتف النقال او المنقول عن امور غير مهمة فيكون الشعر تسلية لهم في الرحلة وازجاء الوقت في سماع شيء مفيد وجميل!.
وحيث ان هذه التجربة في طريقها الى التطبيق مع بداية الخريف القادم ولما يتوقع لها من نجاح فان ذلك يدعو الى التفكير في الاقتداء بهم وتوظيف شعراء ولا سيما من النوع الشعبي لانهم صاروا اكثر من الهم على القلب ليرافقوا الرحلات الطويلة للنقل الجماعي والقطارات وينشدوا للركاب اشعارهم مقابل ريالين على كل رأس تضاف الى قيمة التذكرة لان المستفيد هو الراكب فان ابى احدهم دفع الريالين اخبر انه سيحرم طوال الرحلة من سماع القصائد الفيحاء عن طريق وضع قطن مبلل بزيت السمسم في اذنه حتى لا يستمتع مجاناً ونكون بذلك قد ضربنا ثلاثة عصافير بحجر واحد: الترويج للرحلات البرية وامتاع الركاب وايجاد مهنة جديدة للشعراء العاطلين؟!.
أمانة شاب!
سرني ما قرأته مؤخرا في جريدة الجزيرة وغيرها عن شاب امين من ابنائنا اسمه عبد الله عتيق الحازمي يعمل مأمور صرف بادارة مكافحة المخدرات بالعاصمة المقدسة فقد قام عبد الله باعادة مليون ريال - عداً ونقداً - كان قد استلمها زائدة مع رواتب الادارة من فرع مؤسسة النقد العربي السعودي بمكة المكرمة نتيجة خطأ مأمور الصرف بالمؤسسة فأملى الضمير الحي ومقتضيات الأمانة والنزاهة على عبد الله ان يقوم باعادة المبلغ الزائد فوراً بلا تلكؤ ضارباً بذلك مثلاً جيداً للاستقامة والخلق الاسلامي الرفيع والحرص على اداء الواجب بنزاهة تامة تستحق الشكر والتقدير,, نحييه بصدق!.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved