المصطلح (سرقة) كبير في معناه وقوي في دلالته, ومجرد سماعه يثير في النفس شعوراً بعدم الأمان, لذا فأنا ممن يستثقلون هذه الكلمة ولا يحبذون استخدامها الا في حالات نادرة، واتمنى قصر استخدامها على النواحي المادية دون المعنوية, ولكن كيف لنا ان نعبر عن عملية سرقة لكلمة او لفكرة او مجموعة افكار؟ وكيف ومتى نطلق على ذلك العمل مصطلح (سرقة)؟.
في المضمار الأدبي والفكري نجد من يستخدم مصطلح (اقتباس)، أو (توارد خواطر)، ولكن قد ينطبق ذلك على بعض الحالات فقط، وتبقى المغالطة واضحة المعالم في حالات كثيرة نعايشها بشكل شبه يومي، خصوصا على صفحات صحفنا الموقرة، وذلك عندما لا نجد ادنى تعليق او اشارة الى كتب الفكرة الاول او حتى اسم الجريدة التي وردت فيها الفكرة لأول مرة، لا من قبل (الطفيلي) الذي سرق (عفواً اقصد) اقتبس, ولا تعليقاً من طرف محرر الصفحة يشير فيه الى ان الفكرة سبق ان طرحت في المقالة الفلانية او بقلم الكاتب الفلاني, وهذا التقاعس من قبل بعض المحررين المشرفين على بعض الصفحات يكرس مثل هذه الاقتباسات لدى فئة من ضعاف النفوس ضحلي الثقافة، ولا يعني ان اولئك المحررين لا يعرفون بمثل هذه الحقوق ولكنهم يقللون من اهمية مثل هذه (السرقات) فيتناسونها ويعتقد ان القارىء (عموما) يتمتع بشيء من الغباء وقصر النظر مما لن يشكل خطراً في اكتشاف مثل تلك (الاقتباسات).
وتصبح المسألة اكثر تعقيداً عندما تسرق الفكرة من مقالة او من مداخلة وتحول بعد ايام قليلة من نشرها الى تحقيق مطول في صفحة او صفحتين او الى تصريح لمسؤول يجيب فيه على التساؤلات التي طرحها كاتب الفكرة الأول، ثم نجد ذلك ينسب الى صحفي مغمور (متسلق) دون ان يشار الى ان الفكرة او حتى التساؤلات جاءت اصلاً من الزاوية الفلانية او من افكار الكاتب الفلاني.
عندما تسرق فكرة من كتاب او شطر بيت منه قصيدة تقام الدنيا ولا تقعد، وعندما يسرق موضوع في جريدة او فكرة من مقالة، فكأن شيء لم يحدث, وتضيع الحقوق الأدبية نتيجة صمت او تقصير من قبل المسؤولين عن التحرير في هذه الجريدة او تلك.
بعض لصوص الأفكار (فيهم خبث ممزوج بذكاء) يسرقون الفكرة من جريدة وينشرونها بأسمائهم في صحيفة اخرى، وهنا تقل نسبة تعرضهم لخطر الاكتشاف، خاصة عندما تكون الصحيفتان من منطقتين مختلفتين، وبعد مرور وقت طويل من نشر الفكرة (الأصلية) ولكن البلداء منهم يبقون في اطار نفس الصحيفة او حتى نفس المنطقة, ثم لا يستطيعون الانتظار فترة كافية فتجد احدهم يسرق الفكرة من احدى الصحف، وبعد ايام قليلة يرسلها بعد تغيير العنوان وشيء من التعديل في صياغة الجمل الى نفس الصحيفة، وتنطلي الحيلة على المحرر وينشر الموضوع الذي (اقتبس) دون ان يشار فيه الى اي مصدر، وهنا تبرز قضية اخرى هي عدم متابعة محرري بعض الصفحات لما ينشر في ثنايا الجريدة التي ينتمون الى جهازها التحريري, وبالله التوفيق.
د, عبد الله بن عبد الرحمن آل وزرة
E-Mail:awazrah*ksu.edu.sa