عندما يكون الحديث عن قضية السعودة، فإنه يتوجب علينا الا نسمح لعواطفنا فقط بالتحكم بالمبادىء التي يفترض ان تبنى عليها تلك القضية، وكما سبق ان اوضحنا مراراً فإن منشآت القطاع الخاص تعمل من خلال منظور اقتصادي ربحي بحت وغير مستعدة ان توظف عمالة وطنية غير منتجة لمجرد تطبيق قرارات السعودة, مما يعني أهمية التدريب والتأهيل وصولاً الى تطبيق امثل لتلك القرارات, الا ان ما يتوجب وضعه في الاعتبار في هذا المجال اهمية عدم الخلط ما بين الفرص الوظيفية والعملية التي نتطلع الى سعودتها, ففي الوقت الذي ندرك جميعا أن هناك فرصاً وظيفية يحتاج شاغلوها إلى أن يكونوا على قدر من المهارة العملية والتأهيل العلمي.
وفي ذلك لابد من تضافر الجهود الخاصة والعامة على حد سواء بهدف إيجاد التدريب والتأهيل اللازم، إضافة إلى العمل على مواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل, إلا أننا في نفس الوقت ندرك جميعاً بأن هناك الكثير من الفرص الوظيفية والعملية المتعددة والتي لا تحتاج الى مهارات معقدة ولا الى تأهيل علمي عالٍ مما يعني امكانية سعودة تلك الوظائف في الحال دون الحاجة الى بذل المزيد من الدراسات والتي قد لا تخدم المصلحة العامة في هذا الخصوص,, وبالتالي كان لزاماً الاسراع في تحديد كافة تلك الفرص العملية بهدف الزام اصحاب العمل بالسعودة الفورية لكافة تلك الوظائف وما لم يتم ذلك فلنقل على السعودة السلام.
المهارات المطلوبة في أسواق الخضار
تعتبر اسواق الخضار والفواكه المنتشرة في كافة مدن ومحافظات المملكة من الأسواق التي سئمنا ومللنا كثرة الحديث عن سعودة العمالة المتواجدة فيها وعلى الرغم من صدور قرار معالي وزير الشؤون البلدية والقروية بالزام اصحاب مباسط الخضار والفواكه من السعوديين بالتواجد المستمر مع عمالتهم الاجنبية في تلك المباسط الا ان هذا القرار لم يتم تطبيقه فعلياً حتى الآن مما يبدو معه ان الجهات المختصة غير راغبة في تطبيقه رغم قدرتها على ذلك لاسباب غير واضحة!.
بالله عليكم ما هي المؤهلات العالية والقدرات الفنية الرفيعة التي يفترض توافرها في من يتم تشغيله في مباسط الخضار والفواكه حتى نلجأ الى الاستعانة بالعمالة الأجنبية في هذا المجال؟,, مرة اخرى لقد سئمنا كثرة الحديث عن قضايا السعودة وحان الوقت لتطبيقها من خلال صدور قرار عاجل يمنع العمالة الأجنبية منعاً باتاً من العمل او حتى مجرد الاقتراب من اسواق الخضار والفواكه (ما لم يكونوا مشترين) وما عدا ذلك فلنقل على السعودة السلام.
26000 موظف أجنبي في وكالات السياحة والسفر,,!!
نشرت احدى الصحف قبل فترة تحقيقاً حول العمالة التي تعمل في وكالات السفر والسياحة بالمملكة حيث تم الاشارة الى ان أعداد العمالة الأجنبية في تلك الوكالات تبلغ (26000) موظف وعامل اجنبي,, ان التساؤلات التي تتبادر الى الذهن هنا تتمثل في ما اذا كانت طبيعة الأعمال التي تقوم بها وكالات السياحة والسفر تتطلب توافر مؤهلات علمية عالية او خبرات فنية معقدة الى الدرجة التي يصعب معها العثور على الشباب السعودي القادر على القيام بالمهام التي تقوم بها العمالة الاجنبية العاملة في تلك الوكالات,, انني اعتقد ان الاعمال التي تقوم بها تلك الوكالات لا تتطلب سوى الالمام ببعض الجوانب المتعلقة بأمور السفر والسياحة والتي لا تتجاوز في اعتقادي ادخال اوامر الحجز في الجهاز واجراء الاتصال بشركات الطيران وانهاء حجوزات الفنادق والسيارات, ان من التساؤلات التي تطرح نفسها في هذا الخصوص ايضا ما اذا كانت الجهات المعنية قد اجرت اي خطوات فاعلة في سبيل احداث اقسام ودورات تدريبية متخصصة في مجال أعمال السفر والسياحة حتى نتمكن من تأهيل الشباب السعودي ليحل محل تلك الألوف من العمالة الاجنبية في وكالات السفر والسياحة, ان ما يتوجب وضعه في الذهن هنا هو ان قرار مجلس الوزراء رقم 50 والخاص بالسعودة والذي يلزم كل منشأة بسعودة 5% من مجموع العمالة فيها سنوياً هو قرار جيد الا انه قد لا يتم الاستفادة منه في مجال سعودة قطاع الوكالات السياحية وذلك استناداً الى أن المنشآت الملزمة بتطبيق هذا القرار هي تلك المنشآت التي يزيد عدد العمالة والموظفين فيها عن عشرين عاملاً ونحن ندرك ان غالبية وكالات السياحة والسفر لا يزيد عدد العمالة فيها عن عشرين عاملاً مما يعني استمرارية كافة العمالة الأجنبية في وكالات السفر.
اضافة الى ذلك فانه طالما ان طبيعة الاعمال التي يقوم بها كافة الموظفين والعمالة في وكالات السياحة والسفر هي اعمال ادارية غير معقدة ولا تحتاج الى مهارات احترافية مما يعني بامكانية سعودة كافة الوظائف بها في فترة زمنية قصيرة.
لذا فانني اقترح بأن يتم الزام تلك الوكالات بسعودة ما نسبته 25% كحد ادنى من مجموع عماله وموظفي الوكالة بصفة سنوية مما يعني بان عدد الفرص الوظيفية التي ستتوافر سنويا لشباب هذا الوطن في مجال السفر والسياحة ستبلغ 2600على4 =6500 (ستة آلاف وخمسمائة وظيفة) واعتقد بأنه ما لم تصدر قرارات حازمة وملزمة لتلك الوكالات بسعودة العمالة الاجنبية لديها فلنقل على السعودة السلام.
اعزائي القراء :
اوافقكم الرأي بأن العناصر التي تم مناقشتها في هذا المقال لا تشكل سوى نقطة في بحر فيما يخص قضايا السعودة الا انه لا يجب ان يغيب عن البال أننا قد تشبعنا من الحديث والكتابة عن عموميات تلك القضايا والتي غالباً ما تتأثر بالكثير من المجاملات والمثاليات دون ان يصاحب ذلك قرارات ملزمة وهذا ما دفعني الى الدخول في تفصيل بعض القطاعات التي تشكو من تنفيذ السعودة ومن اجل ذلك تم التركيز على قطاعي وكالات السفر والسياحة واسواق الخضار والفواكه ومما لا شك فيه ان لنا وقفات مماثلة مع بعض القطاعات الاخرى في كتابات قادمة.