تعد هذه الرواية (نون والقلم) للكاتب الايراني المعاصر جلال آل احمد وبحسب المترجم من العلامات البارزة في تاريخ الادب الفارسي المعاصر.
وان اول ما تتميز به هو اصالتها واغراقها في المحلية فهي صورة عصرية لفكرة مستوحاة من التراث المحلي الفارسي يقول المترجم الدكتور عبدالوهاب علوي: دونت هذه الرواية عام 1961 ولكنها لم تنشر الا في منتصف السبعينيات وقبل قيام الثورة الايرانية الاخيرة بسنوات معدودة.
ويرى ان الرمزية في الرواية تقتصر على عنصرين هما:
الزمان والمكان فأحداث الرواية تدور في مكان وزمان لا يحددهما المؤلف صراحة اما الموضوع لا رمز فيه على الاطلاق فالرواية عبارة عن قصة شعبية تشبه في اطارها القصصي الشعبي الذي يروى للاطفال والحقيقة ان الكتاب ينقسم الى مقدمة وقصة وتكاد الصلة بين القصتين ان تكون معدومة, تدور احداث الرواية في اطار روائي اشبه بجو الاساطير وينجح الكاتب الى درجة ملحوظة في تصوير جو الخوف والترقب الذي يعيشه الناس في انتظار العدل والخلاص من الظلم ولكي يضفي الكاتب قدرا من المصداقية على روايته يستقي من تاريخ بلاده عنصرا واحدا ينسج حوله مادته الروائية الابداعية بحرية كاملة مثلما يذكر دكتور علوي وهذا العنصر التاريخي هو احدى الفرق المذهبية الضالة التي لم يكن لها شأن كبير في ايران ومع ان هذه الفرقة كان لها وجود حقيقي في التاريخ الا ان كل الاحداث الروائية التي نسجت حولها كانت من ابداع الكاتب ومن وحي خياله.
ومع ان هذه الرواية يقول المقدم تقوم على حدث تاريخي حقيقي الا انها لا تصنف ضمن الروايات التاريخية وذلك لان المؤلف شاء للاحداث ان تدور في زمن لم يحدده في الرواية لكننا ندرك يضيف علوي من الاحداث انها تدور في العصر الصفوي ابان الصراع مع الدولة السنية المجاورة (اي الدولة العثمانية).
ويذكر المترجم ان للرواية ثلاثة أزمنة مختلفة:
1- زمن الراوي وهو العصر الحديث او بمعنى ادق زمن قراءة النص.
2- زمن الدراويش وهو العصر الصفوي.
3- زمن القصة وهو العصر الصفوي الذي اشتد فيه الصراع بين الدولتين الصفوية والعثمانية.
ان المؤلف آل احمد يمثل تيارا محافظا في اسلوبه الادبي رغم انه استعان في اعماله ببعض الادوات الادبية الغربية الحديثة فكان يولي اهمية كبيرة للثقافة الايرانية والتراث الادبي المحلي وكان ينتقد الخروج على تقاليد هذا التراث في كتابات بعض معاصريه من الادباء ان الالتزام بقضايا المجتمع هو الشغل الشاغل لجلال آل أحمد في كتاباته القصصية والروائية ونجد فكرة التزام الكاتب نفسها واردة كاحد محاور رواية (نون والقلم).
ومن حيث المضمون يقول الدكتور علوي يتناول الكاتب في هذه الرواية بعضا من أشد القضايا الاجتماعية والسياسية الحاحا في مجتمع يتطلب الى احداث تغيير جذري في حياته بينما هو مشدود بقوة الى تراث عريق ويتناول آل أحمد تلك القضايا في هذه الرواية بصورة صريحة وبلا مواربة على عكس اسلوبه في معالجتها في اعماله السابقة حيث نجده يتلمس طريقه اليها على استحياء وبصورة رمزية والحقيقة يذكر علوي ان ادب جلال احمد يمثل الحياة الاجتماعية في ايران في عصره اصدق تمثيل فهو يصور في قصصه مختلف انماط الشخصية الايرانية والتي تعبر تعبيرا صادقا عن الروح الايرانية والشخصية القومية بكل متناقضاتها واتجاهاتها.
الرواية صادرة: من المجلس الاعلى للثقافة في الكويت ترجمها وقدم لها عبدالوهاب علوي.
ومراجعة: د, زبيدة علي اشكناني.
|