تساءلت في مقالة سابقة نشرت بالعنوان اعلاه عن ماذا عن صورة العربي المسلم في الاعلام الغربي والحط من قدره بل وتجريده من إنسانيته؟! وتطرقت كذلك الى تعاملهم الاعلامي مع الحوادث الارهابية التي يقوم بارتكابها مجرمون محسوبون علينا ديانة وقومية.
هنا دعونا نرى تعاملهم الاعلامي مع حوادث ارتكبها اناس (منهم وفيهم!) حيث تنقلب المعادلة عندما يتضح ان مرتكب هذا الحدث الارهابي (من بين ظهرانيهم!) فيأخذون بزمام المبادرة بالعمل اولاً على عزل سلوك مجرمهم (الشاذ!) عن ثقافة مجتمعه من عادات وتقاليد وعقيدة حيث يقومون بالتأكيد (غير المباشر!) على ان ما فعله من فعل لا يعدو كونه خروجا عن القاعدة والمألوف, ومن ثم يحشدون ما في وسعهم حشده من دلائل للبرهنة على ذلك, فسوء تخطيط الجرم وعشوائية تنفيذه تدل على غباء فاعله، والغباء بدهياً استثناء وليس بقاعدة مما يجعل المشاهد (الذكي طبعاً!!!) يحس فعلاً بفردية هذا الجرم وشذوذ فاعله!، ومن ثم تأتي تحريات وافادات اقارب المجرم لتقلل من شأنه، بل وتبرزه وكأنه,, هو بذاته!) ضحية لطلاق وتشتت اسرة او مريض عقلي يعاني ما يعاني! او مسكين ذاق ويلات حرب فيتنام وعقدتها هنا لن تجد (خبيرا) في الارهاب ليتحدث عن العنف ومقوماته (خوفاً من تأصيله في قلوب المشاهدين!) بل سوف تجد (خبيراً نفسياً!) متخصصاً في العنف العائلي والتفكك الأسري الذي سوف يبادر في تحليل ظروف (طفولة!) الارهابي هذا مع (التذكير) بضرورة الحفاظ على الأطفال وتربيتهم التربية السليمة مما بالطبع (يفكك!) الحدث ويضيف عليه بعداً انسانياً على الرغم من (اللا انسانيته!).
وهكذا دواليك فكلما ازداد جرم (ارهابيهم) بشاعة، اتسع نطاق حيثياته وتناقضاته (الاعلامية) الى الحد الذي يصرف الأنظار عنه - كإرهاب - ويضفي عليه بالتالي مقومات الجريمة الفردية فقط! وتارة اخرى عندما تتقطع بهم سبل التبرير! يقومون بإثارة فضول حتى من لا فضول له ويلهبون خيال من يعوزه الخيال - وكما حدث في قضية اغتيال الرئيس كندي، فيتحول الحدث الارهابي الذي لم ينجحوا بتهميشه الى جريمة فردية - الى (لغز!) اجتماعي يتسلى الكل بإيجاد حلوله وفك طلاسمه مما يضفي عليه بالتالي طابع الاسطورة, هنا يختفي الحدث وحقيقته عن الصدارة (النفسية) بفعل اختفاء فاعله (إعلامياً) فتكتب الكتب وتنسج الروايات (التجارية)، ومن ثم يجد اكثرها اثارة وتشويقاً طريقه الى دهاليز هوليوود السينمائية لتخرج منها على شكل (تمثيلية) مشوقة تأسر الألباب (وتخدر المشاعر) وتحصد الأموال والجوائز كذلك!.
الدكتور فارس الغزي