بدأت المعدلات الدراسية لخريجي المرحلة الثانوية في السنوات الاخيرة تأخذ اتجاها تصاعديا ملاحظا وحسب افادة مسؤول باحدى الجامعات فإن نسبة الزيادة (عن العام الماضي) في الحاصلين على تقدير ممتاز ممن تقدموا هذا العام لتلك الجامعة بلغت 60%, يأتي هذا التصاعد او التضخم في معدلات الطلاب (والذي نأمل ان يكون شحما لا ورما) استجابة طبيعية لمعايير القبول العالية التي لم تجد الجامعات - امام تزايد اعداد الطلاب المتقدمين لها وثبات امكانياتها - مناصا من فرضها وإملائها على الناس, وبسبب ضعف اداء بعض الطلاب في اختبارات القبول الجامعية واجهت بعض الجامعات اشكالية عدم قبول من تجاوزت نسبهم 95% (وفي المقابل قبول من نسبهم في حدود 85%)، وهو ما كان صعبا على المجتمع ان يتفهمه, ان اختبارات القبول هي حق مشروع للجامعة تستخدمه (مع معايير اخرى) لتنتقي افضل المتقدمين لها، لكن قد يكون من المناسب ان ينظر في امكانية تقنين ونشر هذه الاختبارات والتعريف بها على المستوى الوطني بعد التنسيق مع هيئات التعليم العام.
يلاحظ ان البعض من الطلاب الذين تصطفيهم الجامعة يظهرون ومنذ يومهم الاول في الجامعة اداء اكاديميا متميزا، في حين يبدي البعض الآخر تذبذبا تعليميا غير متأكدين لماذا هم في هذه الكلية او تلك او ماذا سوف يدرسون ولماذا يدرسونه؟ البعض من هؤلاء الطلاب يمضي عدة فصول دراسية في الجامعة قبل ان يحقق الاستفادة التامة من الفرص التعليمية التي تهيئها لهم الجامعة، في حين يتخرج البعض منهم من كليته دون ان يحقق مثل هذه الاستفادة.
يشير مجموعة من الاكاديميين (عمداء كليات) إلى ان نجاح او فشل الطالب في الجامعة لا يعتمد بالضرورة على معدله في المرحلة الثانوية ولا على نتيجته في اختبارات القبول التي تجريها الجامعة بقدر ما يعتمد على ما يحققه من استفادة فعلية من البرنامج الدراسي في المرحلة الثانوية, ان اهتمام مسؤولي الكليات لا ينصب على اجتياز شروط القبول بقدر ما ينصب على ما تعلمه الطالب من مهارات ومفاهيم وعلى ما يحضره معه إلى الجامعة من حافز ذاتي للتعلم واتجاهات ايجابية نحو تحقيق مستويات عليا من الانجاز والتحصيل تدفعه للمشاركة الفاعلة فيما يتاح له من فرص تعليمية, شروط القبول تبقى امرا مهما إلا ان استعداد وطموح الطالب لان يحقق افضل استفادة من برامج كليته لا يقل اهمية.
إن الذين يحققون مستويات عليا من النجاح هم اولئك الذين يلتحقون بالجامعة وقد تبلورت لديهم اتجاهات ايجابية واضحة نحو التعلم وبرزت لديهم سمات مثل: المثابرة، الفضول العلمي، والقدرة على التفكير التحليلي، إضافة إلى القدرة على ادارة وتنظيم الوقت والرغبة في العمل الجاد والاحساس بأهميته, وطبيعي ان الاعداد في المدرسة الثانوية يحقق هذه السمات جزئيا, باختصار نقول لطلابنا الذين يبدؤون مرحلتهم الجامعية: لا يوجد طريق مختصر للتفوق ولكن توجد للاسف طرق قصيرة متعددة قد تؤدي إلى الحصول على الدرجة الجامعية ولكنها جميعا لا توصل الفرد إلى طموحاته العالية.
د, عبدالعزيز بن سعود العمر