Sunday 18th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 5 ربيع الثاني


أمان الخائفين
ماذا نفعل لخوف الأطفال؟ تكملة 1
د, هناء المطلق

حين يخيف الطفل شيء ما في المدرسة ويبكي صباحاً عند ذهابه ويعاند في الذهاب لا نملك الا ان (نرحمه) ونسمح له بالغياب يوما او يومين رفقاً به او اعتقادا منا بأننا نساعده على نسيان المشكلة كما تقول الأخت شيخة.
وهذا السلوك هو اقصر الطرق نحو المرض النفسي.
لأن الخوف يجب ان يخرج كله قبل ان يحدث النسيان والا,.
فلحظة الخوف - كما اقول عنها دائماً - مثل لدغة ثعبان او غزة شوكة من حيث اننا يجب ان نخرج ما دخل الجسد (السم والشوكة) قبل ان نسمح للجلد بالالتئام على ما به من سموم, وهذا ما يجب ان يحدث في حالة الخوف الذي هو طاقة تدخل في جسد الطفل منذ لحظة (الروعة) مثلها مثل السم والشوكة, وسوف تبقي الجسد عليلاً طالماً بقيت محصورة فيه.
وقد تتبقى المخاوف مع الطفل عشرين او ثلاثين عاما تضعف الشخصية وتخل السلوك فيكبر الطفل قلقاً جباناً او خجولاً مستعداً للانهزام ومكتئباً, ولكنه قد لا يدري لماذا هو كذلك حتى نضع ايدينا في العيادة على موضع السم والشوكة فنجدهما للاسف قد تطورا مثل نبتة شيطانية تنمو في الظلام - تحت الجلد - والمشكلة اننا حين العثور عليها نجدها قد ازمنت وأثمرت شعوراً عاماً بعدم الأمان ثم انتقلت من عواطف الطفل الى افكاره, فيكبر وهو غير عقلاني وغير حكيم لأن عدم شعوره بالأمان الذي كبر قد حرف ادراكه وأبعده عن الرؤية الصافية للأمور.
وأقصد هنا انه بسبب السم الذي يسكنه قد يكبر مبالغاً في توقعاته الخائفة للأمور ويحملها فوق ما تحتمل, فهو يحسب الف حساب حين يغيب احد او يتأخر عن موعد حضوره, وحين يطلب اليه مديره مراجعة موضوع معين فانه يستنتج ان المدير يترصد له او ان احداً قد وشى به, وحين يفشل مرة في شيء فانه لا يميل الى اعادة المحاولة مرة اخرى فضعف ثقته في نفسه وفي المستقبل قد يجعله ينسحب بسرعة ولا يواجه مواقف التحدي.
لذا لا يجب ان نتجاهل الموضوع المخيف، بل يجب ان نستله من نفس الطفل كما نستل الشوكة من تحت جلده, اما كيف؟ فهناك تكتيكات نفسية بسيطة سأكتب عنها بالتفصيل في المقالات القادمة استجابة لطلبات الكثيرين الذين طالبوني بأن اكتب عن الطفل.
اما الآن فأريد ان اعود الى بعض الممارسات الخاطئة التي تؤدي بالطفل الى المرض النفسي.
ماذا تفعل الأم حين يدعي الطفل المرض حتى لا يذهب الى المدرسة؟
الاجابة مهمة جداً, لأنك ان سمحت له بالغياب ارحته وحققت له ما يريد وساعدته على تحاشي مواقف المواجهة التي يبدو انه يهرب منها فانه سوف يتعلم طريقة المرض للهروب من المواقف الصعبة, فعادة ما يترسخ لدى البشر السلوك الذي يسبب لهم الراحة ثم ما يلبث ان يثبت ويصير عادة.
أي ان الطفل سوف يمرض حالماً تواجهه عقبات وهذا ما يسمى لدينا الهيستيريا او التحولية: اي تحول ضغوطات الحياة الى شكوى جسدية دون مرض حقيقي, والسبب يعود الى الطفولة, نعطف على الطفل ونمكنه مما يريد بسبب مرضه, فقد نميزه عن اخوته او نهديه ما يريد او نرفع عنه عقابا ان هو مرض.
والمشكلة ان الهيستيريا تحدث على مستوى اللاشعور اي ان لا سيطرة للانسان عليه ولا يمرض بوعيه، ولكنه يبقى دائماً ضحية سهلة للمرض الجسدي كلما صادفته صعوبة حياتية, كل ذلك بسبب الحب غير المتوازن من قبل الأهل والذي اورث المحبوب الهيستيريا.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved