البطل في القصة ,, شهادات ونصوص (18) الخاتمة، أو فاصلة الخروج أبطال خارج قصصهم |
الشخصية الرئيسية أو البطل في السرد القصصي كان هو محور تداخلاتنا على مدى اسابيع خلت,, انتهجنا في عرضه الحالة الاستشرافية للمبدع والذي يؤكد لنا دائما انه لا يتخلى عن دوره الحقيقي في بناء النص الابداعي,, بل اننا وعبر (الجزيرة الثقافية) اكتشفنا ان كتاب هذا الملف وعلى مدى حلقاته السبع عشرة الماضية ابطال خارج قصصهم,, فهم الذين دفعوا بالشخوص والاحداث الى القارىء,, وهم الذين وقفوا ليقولوا للقارىء شهادة حق بما يكتبون ودون ضجيج او توسلات او ادعاء تواصلنا حتى جاءت هذه الشهادات شارحة ومؤكدة ثقة الكتاب بسردهم,, وبهجة القصة بأهلها.
لم نكن في (ملف القصة) ننتظر الاشادة,, فالهدوء والقراءة المناسبة كافيان لان يصل الصوت الى حدود الثقة,, ولم نكن مع ابطال السرد ورجاله ممن شاركونا الحلقة تلو الاخرى تحت تأثير همٍّ يسيطر على البعض ليجعلهم يدعون ان القصة تخرج من تحت معاطفهم كأرانب السرك,, بل ان هناك ادعياء رفضوا وآخرين سجلوا نقمتهم على (الجزيرة) واهلها,.
في زوايا (الملحق الاحدي) هناك من لم يأبه فكأننا في اودية متباعدة,, الا ان هناك من ساهم وشفى بوصله جراح همنا القصصي,, كانوا أساتذة: عبدالعزيز مشري الغامدي وجبيرالمليحان وفهد العتيق وآخرين حلوا على ملفنا وكانوا اشد حبا واكثر ثقة بإبداعاتهم، محمد قدس ومحمد الشقحاء وشريفة الشملان وخالد العوض وعبدالعزيز الصقعبي وفاضل عمران وابراهيم الناصر وناصر الجاسم وخليل الفزيع وعبدالله الحسين وعبدالله الوصالي وعبدالله التعزي ود, حسين النعمي واحمد الدويحي وتركي العسيري وبثينة ادريس ومحمد المنقري وهناء حجازي وناصر العديلي وقماشة العليان وبهية بوسبيت وجعفر الجشي ومحمد الشمر ي ومحمد هلال ويوسف المحيميد وبدرية البشر ومحمد البساطي وفالح العنزي وحسين المناصرة وفهد المصبح وخالد العوض وخالد خضري.
كان الملف درسا لان نتعلم لغة جديدة تقتفي حساسية الخطاب السردي لدى جملة من هؤلاء المبدعين,, بل اننا ومن خلال القراءات المتتالية استشرفنا مواطن ضعف وقوة تنازعت طروحات هؤلاء مما جعلنا امام ظاهرة صحية تؤكد ان القصة القصيرة تسير نحو استعادة مكانتها مؤكدة ان للسرد فسحة من الصدق والمباشرة في تناوله للاحداث ووصف المشاهد التي تنعكس في مجملها على الشخوص او الابطال.
* الشخوص الابطال:
في الناتج النهائي او المحصلة لم تتولد لدينا قناعات بأن هناك فرقاً بين الشخصية الرئيسية او البطل اذ ظل الامر متلازما ولم يكن هناك ابطال او شخوص انما الامر استمر وهجا انسانيا يملي على السارد في الاغلب الاعم حصيلة ابعاد المخيلة التي تنشط في رسم تفاصيل اي قصة من القصص ليظل البطل او الشخصية وهجا بنائيا يسهم في خروج النص الى القارىء دون تحيز او مواربة او قفز على حواجز المفردة.
* نصوص المشهد:
نصوص الملف جاءت محملة على رؤية الكاتب لفضاء شهادته في وقت لم نستطع معا ان نحدد جملة الطول والقصر,, اذ اضحت المساهمات مرهونة بما يتصوره الكاتب وما تملي عليه الرغبة في ربط الشهادة بالنص الابداعي.
ولم نشأ ان تخرج الشهادات الى القارىء دون نص يتعاضد معها في اكتمال فكرة المحور ومنهجه لذلك انتهجنا اسلوب (المستلات) من مجموعات قصصية سابقة صدرت لهؤلاء لعلها تكون مثالا مناسباً لما يود القاص قوله في المحور حول البطل او الشخصية الرئيسية في النص.
وغلب على النصوص طابع الطول والمنهج التفصيلي المترامي والذي لم يتوافق الى حد ما مع ما كنا نخطط له في الاساس وهو ان يكون نصا يعادل في سياقه الكمي ما يطرحه القاص من شهادة الا ان هذه النصوص جاءت متشكلة في اطار ابداعي متعاضد يمكن للقارىء ان يقيم علاقة تأمل واستشفاف يطل منه على التجربة ليصبح امام خيارين ان يقرأ الشهادة حول البطل,, او يرى البطل مجردا في نص المبدع او يراهما معا وهذا حدث بالفعل.
* جدل العتمة:
الجدل مشروع حواري دائم,, لا ينضج الا لدى جماعة الوعي واصدقاء الكلمة المخلصة,, الا ان الجدل حول ملف القصة اخذ منحى اللجاجة ومثابرة التجهيل والتعتيم لكل ما يطرح الا انه انتهى مع البدايات الاولى,, فأهل العتمات تجاهلوا - لفرط يأسهم - ما يكتب عبر ملف القصة بل ان هناك من اشار الى انهم مزهوون بأقلام واعدة ومواهب الفراغ وتلاميذ الطبطبة,, وآخرون لم نستطع الوصول اليهم لفرط ما يحيطون ذواتهم بحجب (الانا) و(الهم),, بل ان واحدا من هؤلاء صارحنا بانه لا يرى الا ما تخطه انامله ولا يزهو الا بما ينشره.
وللعتمة وجه آخر اذ استقطب (المحور) اهتمام سيدة (تدعي) كتابة القصة لتبعث شهادتها ونصها,, مع إلماح,, تعتذر به عن ذكر اسمها؟!,, هذا هو الخفاء,, وهذه هي العتمة!, جدل مر وطويل,.
* تغريد القاص,, نعيق الغراب:
بعض كتابنا ومبدعينا غردوا خارج السرب فلم يأبهوا بشيء سوى ما يدور حول تفاصيل سردهم اذ اتسمت الشهادة بشيء من الخصوصية والتفرد المغرق في ذاتيات تجربته، وآخرون كتبوا في توجه المرحلة وسائر المألوف اللفظي الذي يتشكل في مقاولات (الكل) وعموميات (النحن),, الا ان (النحن) كانت كريمة ووفية هذه المرة ليعزف اهل القصة تغريدة الحب لسردهم,, ويلقموا فم الافعى الحاقدة حجارة التواصل والطرح المتوازن.
الذين لم يفهموا (المحور) لفرط يأس وقنوط وتنصل حاولنا شرح سؤالنا,, الا ان الانقسام بدا واضحا ليتبرم البعض من محورنا المكرر وغير المجدي وحسبنا - كما يزعم - اننا ننادي بالحضور,, الحضور وحسب اما الاخرون فهم الذين انبروا لحقن ذواتهم بسائل المقت لكل ما هو بطل او شخوص او شهادة او نص لنعجز بصدق ان نسكت نعيق الغربان في ذواتهم غير البريئة.
* مساحة الشهادة:
للشهادة مساحة رحبة وافق عالٍ لان تولد الفكرة لنا مشهدية أسرة لا نستطيع تجاهلها او تجاوزها,, لتغيب في هذا الوضوح الآهات، التأوهات والهذر المقالي (الممجوج) ذلك الذي يستر عري الصفحات ويلون الفراغات بسواد الحروف المملة.
لم نستطع امام هذا التواصل والاستشراف الا ان نحيي اهل القصة القصيرة,, الابطال الافذاذ والشخوص المثاليين جدا وتنحني (محاورنا) تحية شفيفة لكل من عبروا من خلال الشهادة والنص الى القارىء مخلفين في المكان همس الحب لفن سيحقق امجاده,, ليصبح السرد لغة نحيي بها الاحبة,, جميع الاحبة دون استثناء او تجاوز,.
في فاصلة الخروج نحيي كاتب القصة والروائي العربي محمد البساطي الذي شاركنا الى جانب نخبة من مبدعينا,, كتاب القصة لدينا.
|
|
|