Sunday 18th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 5 ربيع الثاني


ذرف
لصخرةٍ وكأنها وجه بحّار قديم
فيصل أكرم

حين تموت العصافير، بكل الوانها، يأتينا الصيف العظيم,, هذا الغول الجبار الذي يمتص الأدمغة ويلفظ الملح على الأجساد الرطبة المتشققة.
كيف استطاع هذا الصيف/ الغول ان يحول الانسان الشاعري الشفاف الى كبريت والصباح التفاؤلي الوضاح الى شرارة متسلطة غير عفوية ابداً؟!.
اعرفك ايها الفتاك واخشاك، واعرف اني ما سئمت سواك وهل حيلتي سوى مقعد الطائرة؟.
عائد اليك يا جونية وذاهب اليك ايتها الصخرة العائمة بين البحر والينابيع، سأصل الآن مع الغيمة العابرة.
* * *
بعد قليل يبتدىء الضجر، وتبدأ الساكنة في الحراك,, بعد قليل تشتعل المصابيح المطفأة وتنطفىء الأضواء الباهرة الساهرة الساحرة,, بعد قليل يعود العود الى كبريته ويبدأ البارود في الاشتعال.
* * *
بيروت كانت تزورني في الحلم كل يوم - وهل كنت انام كل يوم؟! انا الآن في بيروت اشعر اني لم ازر بيروت بعد, فبيروت، كما رأيتها الآن تمضي الى بيروت، ولبنان كله يمضي الى لبنان، والمضي مع صوت فيروز يعني الوصول بكل شاعرية وذوق,.
وبذلك يحل الحلم مكان الفاجعة، وتخرج الفاجعة من المرآة, والمرآة - في رؤيتي - هي الحلم الذي لا يتسع لأكثر من الحب والموت، تماماً كبيروت التي قال عاشقها: احبها وأموت فيها .
* * *
لا أزعم اني وصلت الى حب جديد، هو حب واحد اسعى اليه ولم ارغب يوما في الوصول اليه, ففي طريقتي السعي الى الوصول ابعد معنى من الوصول نفسه! فما قيمة الذكرى او قال الشاعر امام السؤال العظيم: من انت؟ هذه العبارة التي تأخذني الى الحلم الذي وجدت نفسي فيه وتصعد بي الى الوجود الذي طالما حلمت به, وما خروجي من المرآة ودخولي الى فسحة من التداخلات الا محطات على هذه الطريق التي اخترتها وانا اعرف تماماً انها صدمة كبرى سوف اتكسر امامها عند اول مواجهة (ظالمة) بين العمر والأحلام.
* * *
سوف اتعب القارىء بتكرار كلمة حلم ! فكل الاشياء المجهولة، الاسماء والأفعال والأزمنة والأمكنة والاحتمالات انما هي احلام حاضرة في اقدارنا كحضور الخبرة في كل الأعمار, اما التوقيع فما هو الا شريان يحمل الأحلام الى مصبها المشاع، وثمة مصب خصوصي يبقى بمنأى عن التأويل لأنه لا يقود السؤال لغير السؤال ولا وجود للمكان في هذا الارتفاع.
* * *
الى اية عاطفة جاز لك ان تحيل العمريا ايها الحلم؟! العاطفة ما هي الا كذبة كبرى استخدمها الضعيف ليتميز بها عن القوي دون خجل ظاهري ولم يؤثر ذلك الخجل الداخلي الذي يصيبنا عند ذكر العاطفة في احالاتنا التعريفية الى شخصياتنا الملتبسة,, فالفقر والحزن والاحباط عجز استثنائي يبدأ بالافراد ولا ينتهي بانتهاء الجماعات بينما الفرحة والسيطرة والغنى قدرات يملكها الانسان الطبيعي ويرفضها الشاعر ليقينه بانه سوف يخسرها اذا ما قبل بها دون تأهيل فقد اعتاد على الاستبداد بنفسه - المهزومة فقط - ولا يود لقدرات مستعارة ان تشاركه الاستبداد الذي يناسبه، ويحتاج اليه.
* * *
الى الجحيم ايها الشباب الذي لا يمل من مد لسانه في وجهي والى القبر ايتها الكهولة التي تلوح لي مهددة بالمداهمة في كل ظهيرة دخلت فيها، ومع كل جرعة ابتلعها من دواء القلب, واهلاً وسهلاً بالطفولة في الشعر الحقيقي وحدها الطفولة التي تنبت في كل الطقوس والتضاريس وتصنع قدرها بماء عيونها وتلبس من قيمتها كما تشاء وتتعرى كما تشاء بشرط ان تدهش من تشاء بما تشاء، الى هذا كنت - وسأظل - اؤشر باتجاه المحيط الذي اسعى اليه وافهم اني سوف اموت فيه.
وبهذا اعود الى ما كتبته من شعر، ربما اجد فيه بعض العزاء!!.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved