Sunday 18th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 5 ربيع الثاني


أرادت المسرحية أن تقول لا للتبرع بالأعضاء,, فقالت المفتاحة
قطع غيار تجميع سعودي كويتي بحريني

تحليل وتصوير: مشعل الرَّشيد
مسرحية قطع غيار اجتماعية تعالج موضوعاً انسانياً في قالب كوميدي ساخر,, تأليف الفنان الكويتي الكبير سعد الفرج,, واخرجها المبدع دائماً حينما
يتصدى لخشبة المسرح الفنان / عامر الحمود,, تم عرضها على مسرح المفتاحة بابها ضمن فعاليات التنشيط السياحي بعسير لهذا العام.
لعب ادوارها الرئيسية (سعد الفرج، غانم الصالح، محمد الطويان، راشد الشمراني، يوسف الجراح، وفايز المالكي) وكانت العروض المتفق عليها مع المؤسسة المنتجة (ليالي) عددها سبعة.
* الفرج يعيش الشخصية,,
* راشد أرشد نفسه وزملاءه فصار رشيداً
* الديكور لمنظر واقعي وغير واقعي
* عامر الحمود أنتج بسخاء وأخرج بذكاء فتاب
الأولى
قد تكون مسرحية قطع غيار هي الاولى من نوعها تأتي بضخامة الاشياء والعناصر ,, بدءا من الفكرة وانتهاء بعدد الكمبارس مروراً بالانتاج والاخراج والديكور والتمثيل والاضاءة والموسيقى والمؤثرات,, وعددية الجمهور والدعاية,, وغيرها مما تتطلبه اية مسرحية تريد الوصول الى الناس بايسر الطرق لتبقى في ذاكرتهم فترات طويلة,.
نعم هي الاولى على المستوى المحلي,, فلم نعهد عرضاً مسرحياً سابقاً بهذا الحجم الذي الذي اخذته قطع غيار حتى في مكان عرضها - مسرح المفتاحة - بأبها,.
الحكاية
تحكي المسرحية شخصية شاهين المليونير الذي يعاني من فشل كلوي,, وتبدأ لديه ومعاونيه وبمساعدة دكتوره الخاص بالبحث عن كلية مناسبة,, وبعد مراحل متعددة من البحث المشروط يجدون الكلية في ابن احد معاونيه والذي يستأصل الدكتور منه اثناء العملية عددا من اعضائه الباطنية لينقلها الى شاهين وبالتالي يتحول الى شخص مراهق وطفل احياناً في سلوكياته لكن هذا التحول لدى شاهين جاء على حساب حياة الابن الذي صار معتوهاً,, وبالتالي تنكشف اللعبة المبطنة بالمؤامرة ويتم القبض على الدكتور وإحالة الجميع الى القانون للمحاكمة والمساءلة,.
التحليل
بالنظر لمضمون المسرحية قطع غيار يجدر بنا ان نشير الى المواقف الدرامية الستة والثلاثين التي ذكرها الكاتب المسرحي الايطالي (كارلو جوزي - 1720-1806) والتي يستمد منها كتاب الدراما حين يكتبون عملاً درامياً ,,نجد ان المواقف التي جاءت بها المسرحية قطع غيار ثمانية مواقف رئيسية,, دارت حولها الاحداث والشخصيات,, هي:
1- التضحية بالنفس لاجل قريب او عزيز,, وقد تمثل هذا الموقف في موافقة صافي (محمد الطويان) على تبرع ابنه رابح (فايز المالكي) بكليته للمليونير شاهين (سعد الفرج).
2- استعادة شيء مفقود,, وهو موقف شاهين كرجل مصاب بفشل كلوي ورغب زرع كلية له بأي ثمن ليسترد عافيته,.
3- الطموح,, وهو موقف خاص بصقر (غانم الصالح) شقيق شاهين الذي كان يطمح الى الاستيلاء على ثروة شقيقه بعد موته.
4- منافسة العالي والدون,, وهو موقف جسده بحرارة وعمق راشد الشمراني في دوره (الدكتور محماس) الذي اخذ يبحث عن الفرصة الثمينة للظهور في الواجهة العالمية من خلال عمله كطبيب يريد اجراء العمليات للناس المشاهير بعد ان ظل مغموراً وهو يعمل العمليات للناس البسطاء فكان المنافسة مزدوجة,, مع نفسه ومع ارباب مهنته.
5- الإنقاذ,, وهو ما لعبه السكرتير هلال (يوسف الجراح) مع سيده شاهين,, والحال ايضا لدى صافي (محمد الطويان) صديق شاهين فكلاهما يريدان انقاذ شاهين من محنته كرجل يبحث عن قطعة غيار لمصيبته الكلية.
6- عداوة الاقرباء,, وهو ما لعبته ايضاً شخصية (صقر) ضد شاهين,, فالاول لا يود ولا يكن محبة لشقيقه الثاني وايضا العكس برغم انهما اخوة واشقاء.
7- الابتهال,, وهو موقف جماعي ,, من جميع الشخصيات الرئيسية باستثناء صقر,, فقد ابتهل الجميع بنجاح عملية شاهين,, والذي كان اكثرهم ابتهالاً,.
8- النتيجة,, وهو الموقف الاخير الذي تصل اليه الشخصيات وقد تجسد الموقف عند ظهور الضابط (فهد الركف) ليعلن المحاسبة القانونية للمتلاعبين,, الطبيب الذي اجرى العملية (محماس) وشاهين الذي اخذ كلية رابح واجزاء من اعضائه دون ثمن.
الإخراج
عامر الحمود في نهجه الاخراجي المسرحي شبيه الى حد كبير بمدربي المنتخبات الرياضية,, الذين يعتمدون على وضع الخطط والتكتيكات المناسبة من خلال امكانات اللاعبين وترك الملعب مساحة لابداع اللاعب وابراز مهاراته امام الجمهور والخصم,, على عكس المدربين بالاندية الذين يعتمدون على خلق وصقل وابراز مهارات اللاعب اولاً ثم وضع الخطة المناسبة للعب وثانياً,.
اي ان عامر من المخرجين الذين يرسمون الحركة المسرحية باتقان شديد ورسم منظر متكامل باجمل ما يمكن من ديكور واضاءة ومؤثرات واكسسوارات,, اما ابداع الممثل وتفجير طاقاته فهو متروك للممثل عندما يظهر على الخشبة في مواجهة الجمهور,, وهذا الاسلوب في الاخراج لا ينفع الا مع الممثلين ذوي الخبرة والممارسة المسرحية الطويلة,, او ممن يمتلك الموهبة القوية وان كان حديث العهد بالمسرح كما هو الحال عن الفنان الواعد مسرحياً (فايز المالكي),, وبالتالي نجد عامر الحمود كعادته عندما يتصدى للعمل المسرحي فانه لا يقبل الا النص الذي يرى فيه اللعب بكامل ادواته كمخرج يحب امتاع الجمهور بالفرجة والصورة المسرحية الجميلة,, ولا يقبل الا الممثلين القادرين على تنفيذ افكاره بيسر وسهولة,, وباختصار فان عامر من النوع الذي يلجأ دائماً الى ايجاد موازنة بين الاشكال الموجودة على الخشبة من ممثلين وديكور وباقي عناصر العرض المسرحي,, وهو مانجح فيه وابدع بالمسرحية قطع غيار,.
الممثلون
* سعد الفرج: لعب دوره باستاذية وخبرة,, وهو اكثر الممثلين معايشة لدوره,, حتى في تحوله الى صبي عايش شخصيته وهو ما يعتبر في عرف الفن الدرامي الاحساس الصادق,.
* غانم الصالح: الدور اصغر بكثير من حجمه كممثل معروف وذو خبرة وتاريخ مشهود له,, فلم تكن المساحة الزمنية المسموحة له بالوقوف على خشبة المسرح كافية لينال الجمهور ابداعاته الكوميدية.
* محمد الطويان: ابتعاده الطويل عن الدراما المسرحية وقلة مشاركته الفنية أثرت كثيراً على لياقته الفنية,, لكنه تجاوز هذا التقصير من العرض الثالث وبدأ متألقاً الى نهاية العروض.
* راشد الشمراني: اكثر الممثلين المحليين وعياً وادراكاً بالشخصية التي يلعبها,, واكثرهم ادراكا بالتعامل مع زملائه على خشبة المسرح ومتطلبات الجمهور,, فكان الممثل النجم والنجم الاول بالمسرحية لانه يعرف كيف يرشد نفسه ويرشد زملاءه,, لذا يكون بالفعل الممثل الرشيد وحكيم الدراما,.
* يوسف الجراح: هذا الممثل له ثقل فني وحضور خاص على المسرح,, ولانه نجم تلفزيوني لوحظ حميمية الجمهور له ومحبته وكعادته يؤدي دوره باتقان دون الخروج المخل,, فهو ممثل بلا خلل,.
* فايز المالكي: جاءته الفرصة ليفجر فيها طاقته الكوميدية الشكلية والكامنة,, فلم يتهاون فيها لقد جعل الفرصة تبحث عنه اكثر مما يبحث عنها كسب الجمهور والجولة بيسر وسهولة في الاداء.
*البقية: وهم مجموعة من الشباب الواعد لعبوا ادوارهم الخفيفة كما هي مرسومة لهم من قبل المخرج,, ويشكرون عليها,.
وقفات
وكما يقول المثل - الكتاب من عنوانه - فإن الديكور - عنواناً بالبنط العريض - ظهر دليلاً واضحا على سخاء الانتاج وقد عبر عن صيغته المعمارية الرائعة وسهولة تحريكه,, وان كان في الفصل الاول والثالث كان واقعياً الا انه في الثاني بعيد عن الواقع,, قد يكون المستشفى بالغابة جاء مبالغاً فيه وكانه قصر فخم وليس مستشفى وهذا ما اربك الصورة لدى المشاهد.
نجوم العمل البارزون - راشد الشمراني وعامر الحمود والديكور.
النص جعله الممثلون كوميدياً فهو ليس نصاً بالاصل يحمل الموقف الكوميدي لمجيئه بقضية ماسأوية من وجهة نظر الكاتب,, ولكن خفة روح الممثلين وابداعاتهم وإضافاتهم هي التي اعطت انطباعاً لدى المتفرجين بانهم يشاهدون نصاً كوميدياً,.
اكد عامر الحمود مراراً وتكراراً للمحيطين به بانه لن يعود لتكرار التجربة: الاخراج والانتاج المسرحي بهذا الحجم والتكلفة معلناً بذلك توبته,, بناءً على ما لقيه من جهد وتعب ومشقة,, كانت كفيلة بانتاج واخراج ثلاثة مسلسلات تلفزيونية مجتمعة على حد قوله,.
بلا شك المسرحية اعادت للمسرح الاجتماعي الكوميدي الجماهيري على المستوى المحلي وهجه وبريقه وحضوره وهي عناصر فقدها المسرح السعودي داخلياً منذ سنوات طويلة لغياب مسرح جمعية الثقافة والفنون عن هذا الجانب الفني الهام جداً,, لذا فمسرح المفتاحة هو الاول الذي جمع مسرحية عناصرها من السعودية والكويت والبحرين في قالب فني عالي الجودة.
المسرحية بقي لها عرض الليلة والثلاثاء القادم وتتوقف الى اجل غير مسمى.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved