Wednesday 14th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 1 ربيع الثاني


هل السعودة سراب × سراب
سباحة في عالم الخندقة!!

عندما يتحدث شخص ما عن قضية السعودة، وهو على رأس وظيفة، وفي مركز لا بأس به، فإن حديثه يغلب عليه التنظير، اما ان يتحدث شاب سعودي يمر في تجربة البحث عن وظيفة، وهو المعني بكلمة (السعودة)، فيكون الحديث عنها ذا طابع واقعي، وقصتي فيها من هذا النوع.
بعد الحصول على الدبلوم التجاري، بحثت يمينا وشمالا عن وظيفة في احد القطاعات الخاصة، لممارسة التخصص, ومثل اي شاب سعودي عادي، كان هذا ليس سهلا, واثناء البحث عرفت ان الغرفة التجارية بالرياض سوف تعقد دورة تدريبية بعنوان (تأهيل واعداد الشباب السعودي لوظائف المكاتب الامامية في الفنادق) من تاريخ 8/1/1420ه وحتى 1/3/1420ه وهي بإشراف من لجنة الفنادق في الغرفة, وقد تقدمت الى هذه الدورة وتم قبولي بها، وسمة هذه الدورة ان الفنادق تتبنى المتدربين، وبعد انتهاء الدورة وتأهلهم، يتم تعيينهم بنفس الفندق ان كان هناك وعد مسبق, وهذه الآلية معتادة في جميع الدورات التأهيلية التي تعقدها الغرفة,
وفي بداية الدورة، تم احالتي وزميل آخر الى احدى الشركات، التي عرف عنها التميز في مجال الفندقة، والسياحة، والترفيه، وبعد مقابلة المسئول (السعودي) فيها، عشمنا كل خير، ووعدنا بالتوظيف في حال انتهاء الدورة والتفوق فيها, وكان هذا الوعد دافعاً لنا في المواظبة والتفاعل، واخذ كل شيء من هذه الدورة.
وفي يوم حفل التخرج الذي تم يوم 14/3/1420ه في فندق الانتركونتيننتال، وحصلنا على التقديرات المرتفعة، وحضر حفل التخرج رئيس لجنة الفنادق ومسئولو التدريب بالغرفة، والمسئول السعودي في الشركة المتبنية لنا، ورجال الصحافة، وقد تم تغطية خبر التخرج في الصحف المحلية, وكانت الكلمات والخطب اثناء الحفل رنانة، ونحن نسبح في عالم الخيال، وتخيلت نفسي انني املك اكبر الفنادق في العالم, وفي نهاية الحفل، اكد لنا المسئول السعودي على سرعة الحضور يوم غد في الشركة.
وفي يوم غد من التخرج، ذهبت وزميلي وكلنا امل وطموح ومن خلفنا اسرنا استبشرت خيرا، وبدأت هي ايضا تسبح معنا في عالم الخيال، ذهبنا للمسئول السعودي، وقابلنا بكل ترحاب، مهنئنا بكل حرارة على التفوق الذي حصلنا عليه, ثم تم مقابلة المدير العام، وهو ابن مالك الشركة، ولم ينقص ترحابه وتهنئته لنا اقل من صاحبه، بل كان اكثر اندفاعا وطموحا بنا، ونحن ما زلنا نسبح في عالم الخيال، حتى خيل لي أنني املك اكثر من فندق في العالم، وحثنا هذا المسئول على اهمية المثابرة والتضحية في العمل، وتطبيق كل ما تم تعلمه في الدورة، وشرح لنا مشاريع الشركة المستقبلية في مجال الفندقة، والتي توحي بأن الشركة مقبلة على استثمار كبير جدا في هذا المجال، ونحن ما زلنا نسبح في عالم الخيال، ويزداد تملكنا للفنادق العالمية مع هذه الاماني والطموحات, وفي نهاية المقابلة تم تحديد يوم لمقابلة مدير شئون الموظفين لإنهاء باقي الاجراءات.
وايضا، ونحن نسبح في عالم الخيال، ذهبت وزميلي الى مدير شئون الموظفين، وكانت بداية الكارثة، اذ ان مدير شئون الموظفين من الجنسية الهندية، هذا لم يمنعنا من السباحة في عالم الخيال، ثم بادرنا بالسؤال: قائلا هل قابلتم الاستاذ,,,,, وذكر لنا اسماً لم نسمعه من قبل وغريب!! اجبناه بلا النافية، ثم قلنا بأننا قابلنا فلانا وفلانا، وحالنا كأننا اتينا برأس (غليص)، واردفنا قائلين: قد حثانا على العمل والمثابرة، ووعدنا ب ,,,,,! قاطعنا الرجل، واعاد السؤال مرة اخرى؟ واعدنا الاجابة بلا النافية، ثم سألناه ومن يكون هذا الرجل، قال: هذا الكل بالكل، وجنسيته لبناني (قالها بصوت منخفض)، وهو الذي يحدد العمل والرواتب لطالبي العمل هنا, لم نكترث كثيرا من هذا، غير ان السباحة في عالم الخيال توقفت بعض الشيء, ثم قلنا: المهم اين العمل، وكم الراتب؟ قال العمل يحدده هذا المسئول لكم، اما الراتب فقد حدده لكم (المسئول اللبناني) بألف وثلاثمائة ريال, اعتقدت لأول وهلة ان هناك خطأ ما، وانه ربما حدد هذا الراتب لسائق، او فراش، وليس لمسئول فندق!! وبادرت باخراج وثيقة التخرج، فقال الاخ الهندي ان هذا هو مرتبكم، اذا رضيتم فحياكم الله (طبعا قالها بالعربي المكسر) طبعا لم نرض, وخرجنا من عنده مباشرة وبسرعة متناهية للبحث عن اقرب ناد او استراحة فيها مسبح، لكي نسبح في الماء، بدلا من السباحة في عالم الخيال، في عالم الخندقة (اقصد الفندقة)، وفي عالم السعودة التي تدق ابواقها في وسائل الاعلام ليل نهار!!
السؤال الموجع (هل يحدث مثل هذا لشاب سعودي طموح يبحث عن وظيفة شريفة؟ ما ذنبنا وقد تعلمنا لمدة شهرين متتابعين وتفوقنا؟ لماذا لم يقل لنا هذا في بداية الدورة؟ لماذا لم يحدد الراتب الموظف او المسئول السعودي؟ بل لماذا يكون الآمر الناهي هو غير السعودي؟ لماذا مدير شئون الموظفين غير سعودي؟ ومن المحاسب على الوقت الذي مضى، والاماني التي عشمنا بها؟!) كل هذه الاسئلة موجهة الى معالي وزير العمل د, علي النملة، الطموح بتفعيل السعودة في القطاع الخاص، وإلى المسؤولين في مكتب العمل وإلى المغترين بسعودة القطاع الخاص والاسئلة ذاتها غير موجهة الى لجنة الفنادق بالغرفة، لأن اجابتهم ستكون التبريرات غير الواقعية، والاعذار الوهمية, اذ عرفت فيما بعد ان سبب تبني تلك الشركات للمتدربين السعوديين هو من اجل موافقة مكتب العمل على استقدام عمالة لها وهذه احد شروط مكتب العمل!! اسأل الله العافية للجميع.
خالد بن سليمان الفيز
الرياض

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved