الى قراء عزيزتي الجزيرة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
اليكم هذه القصة، ربما تعتقدون انها من نسج الخيال، لا والله انها قصة واقعية للاسف.
كنا صديقين حميمين، نعمل لمصلحة واحدة، وفي دائرتين مختلفتين.
عمر صداقتنا هذه اكثر من 10 سنوات.
اخلصت له كصديق احببته في الله ورأيت فيه الانسان الطيب الطبيعي المجرد من المظاهر المزيفة, انسان لا له ولا عليه.
شاءت ظروف صديقي هذا ان يقع في مشكلة البناء والسكن والتي سببت له مشاكل نفسية لضيق اليد.
ولعدم خبرته في امور البناء، اتسعت المشكلة الى عدة مشاكل وتراكمت عليه الديون من كل جانب.
للاسف صديقي هذا لا يسمع النصيحة او بالاحرى لا يثق بشخص فاقد الشيء لا يعطيه ولا يطلب المشورة او الاستشارة وكأنه علامة في كل امور الدنيا.
وقفت معه في محنته هذه ومددت له يد العون وساعدته معنويا وماديا بكل ما املك، فأنا موظف عادي خريج امريكا/ ماجستير ، وقد سبق لي الزواج ولكن انتهى بالطلاق وبدون اطفال، ولقد جمعت مبلغاً من المال من رواتبي لسنوات عديدة حتى استطيع ان افتح مشروعاً صغيراً مستقبلا.
ولان الصداقة التي بيننا اقوى من كنوز الدنيا، ضحيت له بكل المبالغ التي قد جمعتها، فانا صديقه الوحيد المخلص له كما يقول فكيف لا اقف معه في محنته هذه؟؟؟
لقد اخبرني انه طلب المساعدة من اخوانه واصدقائه الآخرين والذين جميعهم اوجدوا الاعذار حتى لا يسلفوه اي مبلغ من المال.
لقد ساعدته بنفس راضية وبمبالغ طائلة وعلى دفعات متفاوتة وكذلك استلفت من البنك لاجله, طلبت منه سندا على هذه الاموال فقال هل من المعقول ان انكر عليك هذا الدين، انني اخاف الله، ولانه صديق عمر كما يقولون، لم اصر على طلب السند.
كنت دائما اقول له ان السلف تلف وكان يضحك من هذه المقولة.
كتب لي خطابات الشكر والثناء والامتنان والترحم على والدي وانه عاجز عن التعبير بما يحمله قلبه ناحيتي وانه لن ينسى موقفي هذا معه وانه لا يوجد صديق بل اخ في هذا الزمان مثلي وكنت اقول له الناس للناس والكل بالله.
شرح لي فيما بعد انه لا يستطيع ان يرد الدين ولو عاش 1000 الف عام لانه ليس له دخل غير راتبه وهو متزوج وله من الاولاد ما شاء الله وان راتبه لا يكفي مصاريف البيت والاكل والملبس.
سامحته بكل المبالغ التي دفعتها له تقريبا نصف مليون ريال سوف تقولون عني انني انسان معتوه وغير طبيعي فلا يوجد شخص يفعل ذلك، من منكم يدفع لصديق المبالغ التي دفعتها لصديقي هذا؟ طبعا الجواب لا احد, الحقيقة انني انسان مخلص لاصدقائي وصريح ووفي لدرجة التقصير في حق نفسي لاسعاد من حولي وهذه هي مشكلتي.
اتعرفون بماذا كأفاني صديقي هذا؟؟
في يوم طلب مني فلوسا وبطريقة غير مباشرة كعادته، فثرت عليه وقلت له لقد اخذت كل الفلوس التي جمعتها بتعبي وجهدي وفوقها سلفة من البنك مازلت اسدد اقساطها حتى الان ولا يوجد معي فلوس لاعطيك اياها وكفاية ما اخذته مني، اتق الله يا رجل!
قبل دخولي للمستشفى ب 3 ايام ولانني كنت خائفا من نتائج هذه العملية وهو يعرف انني سوف ادخل المستشفى لاجراء عملية ليست بالبسيطة، وكان من المفروض ان يقف بجانبي في محنتي هذه كما وقفت معه في محنته، ولكن الذي حصل العكس.
انه اتصل بي بالتلفون بعد ما تأكد انني لن اعطيه اي مبلغ من المال قال لي كفاية تمثيل على بعض، وقلت له تكلم عن نفسك ولا تجمع في قولك، قال انه مثل علي الصديق الوفي وانه لم يكن بحاجة الى المال وكان يؤلف القصص لاعطيه المزيد من المال.
كان يستغل صداقتي وعطفي واخلاصي معه وطيبة قلبي ليبتز الاموال مني سألته اذا هذه الاموال التي اخذها مني بالخداع حلال ام حرام؟ قال طبعا حلال لم اضربك على يدك لتعطيني المال .
قال ان شهادته ماجستير ومنصبه ارفع من ان يصادق انسانا مثلي؟؟؟
لقد كانت مفاجأة لي ومن هول هذه المفاجأة، قلت له حسبي الله ونعم الوكيل.
صاحبي هذا، اقصد هذا الانسان، نسي كل ما فعلته لاجله نسي وقفتي معه بينما تخلى عنه اقرب الناس اليه.
للاسف كان يمثل علي الصديق الودود لانه كان يستفيد من صداقتي له اما انا فلماذا امثل عليه على حد قوله، لا اريد منه شيئاً، انما احترامي للصداقة الطويلة التي بيننا، كنت اعرف انه لم يكن صادقا معي في امور كثيرة وقد حاولت ان اصلح من شأنه وكم من المرات قلت له كن صادقاً مع نفسك ولتكن نيتك صافية فعلى نياتكم ترزقون، وانما الاعمال بالنيات.
صحيح كما يقولون ان جزاء المعروف سبعة كفوف!!
اذا انت اكرمت الكريم ملكته
وان انت اكرمت اللئيم تمردا.
والمؤسف ان الكتاب لا يقرأ من عنوانه!!
ضحية من ضحايا الصداقة
الرياض