Wednesday 14th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 1 ربيع الثاني


الصَّيفَ حركتِ الشَّجن!
ابراهيم عبد الرحمن التركي

( 1 )
مالَ في الصيف يناجي اللهبا
ورأى الموجَ مدىً مضطربا
وتوارى في اشتعالات الجوى
فانقضى من عمره ما كسبا
سأل الريح فضجت لوحة
تزرعُ الشّعرَ وتسقي الغضبا
وتناجي لغةَ الحزن وفي
لغوِها ما يستثيرُ الطَّربا
أنا من أمتٍّهم، من سمتهم
أبتغي ما يرتضيه النُّجَبا
إنهم قومي سمت علياؤُهم
ثم دالت ليحِلَّ الغُربا
فانض عن جسمك ثوباً زائفاً
وارتقب كيما تروم الشُّهبا
وترى في الليل فجراً باسماً
يرثُ المجد ويعلي الرتبا
* * *
(2)
** لا نزال في لغو الصيف - كما اسماه العميد - مما قد يعني هذراً يتواءم مع قيظ لاهب تتمدد معه مشاعر الاسترخاء الذهني فلا تقوى على حكم ولا تستطيع محاكمة ,,!.
** لا نزالُ فيه، أو معه، وإذن فلا بأس إن أعوزَ الرؤيةَ صفاؤُها والرَّويَّةَ اصطفاؤها، وأينها أو أيننا من قارىء بلا مزاج، وكاتب دون وقت، ووسط يؤمن بالتواري ساعة الجد والبرودة عند الانفعال والتجمد في درجة الغليان!.
** نحن قومٌ نحسبُ الفكرَ سفسطة والعمقَ غموضاً، والخروج عن المألوف فلسفة ومزايدة وتعقيداً،, فلا بأس - حينها - إن خبا صوت المحارب داخل أجواء التثاؤب فنحن في تموز ومعقول تثلج في آب على حد دعوى تلاميذ السح الدح في دُوَارِ الأغنية الجديدة!.
(3)
** هذه واحدة في مفتتح هذا اللقاء الأربعاوي الهادىء لتجيء الأخرى مع المشاعر الملتهبة التي يصادفها المتابع في كتاباتنا الممتلئة وجداً وعشقاً وهياماً حتى لتظننا ورثنا قيساً وليلاه وجميلاً وبثيناه وابن زيدون وولادته !
** الجميع من الناشئة ومعلميهم مسكونون بالحبِّ فإنشعروا تأجّجوا، وإن نثروا ذابوا،
وأضحت مفرداتنا لا تتجاوز رغباتٍ ظامئةً إلى العطف أو التعاطف في سراب الجدب وبلقع الصقيع !.
** ومن تجربته المتواضعة في قراءة ما يجبر عليه - بحكم موقعه الصحفي - فقد أيقن أو كاد أننا شعب عاطفي لا تسمع في لغته الا همساً، ولا ترى في ممارسته الا حناناً ، وتكتشف - إذ يجنُّ الليل وتغلق الأبواب - أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن إشكالاتنا الاجتماعية أكثر من أن يحصرها موظفو التعداد الحيوي !.
** علاقات هشة ، وبيوت تائهة وانفصال غير معلن، وتزييف في الواجهة، وهي أدواء لا تجد من يلتمس لها تبريراً أو بحثاً أو معالجة فالكل غارق في مناجاة لبنى التي لا تأتي!.
** من نحن؟ إن استطعتم الاجابة فقد قطعتم نصف الطريق للحل,,! فامضوا مأجورين وعلِّمُوا الشادين والشاديات أن الحياة لا تعترف بالمخمليين ممن ينامون بجانب وردة ! فالسيف قد يكون اكثر نعومة منها وهي قد تمثل لوناً قانياً يشف عن ترسبات دامعة وربما دامية !.
** من أنتم؟ أو من هم؟ أو من نحن,,؟
** أيقظوا التكييف في دواخلكم إن شئتم التفكير في الاجابة !.
** أو تريثوا فثمة إضافة أخرى,,؟!
* * *
(4)
* ما الذي استطاع العربي المعاصر إضافتَه إلى الحضارة العالميَّة,,؟.
** استفهام سهل لا يحتاج إلى أكثر من الحوقلة والمضي لما بعد ذلك,, فالحقيقة مرة والحَرُّ لا يأذن بمزيد احتمال,,!
** وإذن فللسؤال مغزى مختلف ,,؟ إذ لو لم يقوموا هم بواجبهم في الكشف والاختراع لظللنا داخل السديم الثقافي والتقني نبحث عن ضوء شمعة !.
** من هم؟.
** هل تقدرون الآن على المواجهة ؟ لكم ما شئتم وله ان يفتش عن لغوٍ آخر,,!.
* * *
(5/1)
** في معادلات التفكير توازن بين السرعة والتوقف ، فبإمكانك مثلاً - لتلافي موقف معين في أثناء قيادتك السيارة - ان تضغط على الفرامل أو ترفع قدمك عن دواسةِ البنزين ويذكر ادوارد دو بونو في كتابه التفكير المتجدد أن من الأجدى عند البحث في الذكاء دراسة الغباء، ومن الأيسر كذلك معرفة ما ينقص الغبي أكثر مما يزيد في الذكي ، وبدلاً من أن نحاول فهم اسباب قدرة البعض على الاختراع ان نحلل عوامل عدم قدرة غيرهم حتى نستطيع زيادة إمكاناتهم في ذلك,.
(ص 25) طبعة 1995.
(5/2)
** لو لم نكن في لغو الصيف لجاز التوسع في هذه الأفكار المشرقة،, فلنُعَدِّ عنها، بعد أن نتمثل قانونين مهمين بسيطين لا يحتاجان إلى إعمال ذهن فلعلهما لا يخرجان عن خطوط أربعاويّات الصيف ,.
** القانون الأول يقول: إنك لا تستطيع أن تحفر حفرةً جديدة في مكان جديد بأن تواصل الحفر في الحفرة الأولى,,!
** والقانون الثاني يرى أنك لن تتكمن من رؤية وجهة مختلفة حين تستمر في النظر إلى الوجهة الأولى ,,!.
** دعونا نأخذ القانونين بصورتهما المباشرة (على وعد العودة لقراءة مختلفة في زمنٍ مختلف حين يَجِدُّ الشتاء)، ثم لنقرأ - من خلالهما - الأوراق المبعثرة في جدلية التفكير وتماهي الحقائق وضبابية الرؤية وتناقضات المجتمع ثم لننظر,.
** أين نحفر,,؟
** كيف نرى,,؟
** إلى اين نسير,,؟
** وإذا خطر لكم أن الأمر صعب فتناسوا الاسئلة وتأملوا في القراءات الرصديّة العابرة لوقائع من الواقع,,!
* * *
(6)
** في العالم العربيّ ومن البحر الى البحر تظل اللغة هي اللغة والصياغة هي ذاتها، ولم تستطع كل نظريات الإعلام والمعرفة العالمية أن تخطو بنا مسافات معقولة في مجال التغيير,,!
** بعض كُتَّابنا يُراوح في مكانه، ويظنُّ - وبعضُه إثم - أن لا يزال لديه شيء، وهو - مع كل ما لديه - لا شيء,,! ولأنه لا يدري فالمصيبة أعظم - رغم أنف شاعرنا التنميطي - ,,,!
** برامجنا المسموعة والمرئية تحاول أن تضيف كلمة على الهواء لتقنعنا بوجود تغيير - كما هو في رلى والممسوخين والممسوخات من أمثالها - إلا أننا نبحث عن المحتوى حتى لو بعثوا لنا برامج معلبةً من أرشيف الأرشيف !,.
** نشراتنا الاخبارية - فيما عدا الاقل - لا تواجه المتغيرات الكبيرة في الأسلوب والمضمون ونلجأ - دون أن نرغب - إلى هم ، وما أدراك من هم ,,؟!, أفهُمُ الأقدر أم نحن,,؟.
** والمعلِّم الانترنت - وقد كشف انهيار الحواجز المادية والمعنوية - لم يستطع ان يوصل الينا درس الرّقيبِ الذي هوى !.
** ويأتي المنهج الذي لم يتبدل كثيراً منذ نصف قرن ليؤكد أن الوقوف معضلة وسط المتسابقين ,,!.
** وكان من الممكن ألا نخاف لو نم يكن لنا إرث ثقافي، وكينونة اجتماعية وشخصية حضارية قد تنطمس إذا أيقنّا أن في الزمن متسعاً لمزيد من الركود !.
(7/1)
** انفضّ السامُر من حوله,,!
** كان ملءَ السمع والبصر,, على الأقل في المحيط القريب من مناطق نفوذه,, وكان أكثرُ الملتصقين به أوَّلَ النائين عنه,,!
** انتهى من الوظيفة العامة فنسوه، وبدءوا في تقديم فروض الولاء لمديرهم الجديد ، وتذكروا - بعد أُمة - أن ذاك رقم مجرد بلا معنى، فأضافوا عيوباً ، وأكدوا أخطاءً وأبرزوا تجاوزات ، وكانت تمرُّ بهم أو يشاركون فيها، ويرونها مزايا وحسنات ,,!.
** من نحن؟ مرةً ومرةً ومرات,,,! وإذ لم يُعهد في إنسان الصحراء تزلفٌ وانعدام وفاء فلعله العصر - بآثامه - وقد نشر عدوى الوصولية والانتهازية إلى ثُلّة غلَّبت مصالحها ، وعشقت أدوارها وحامت في مداراتها !.
(7/2)
** من يتذكر منكم قصيدة نزار -المغناة بصوت فايزة أحمد -:
* لا تدخلي,,
وسددتَ في وجهي الطريقَ بمرفقيك
وزعمتَ لي أن الرفاقَ أتوا اليك,.
أهمُ الرفاقُ أتوا اليك؟!
أم أن سيدةً لديك
تحتلُّ بعدي ساعديك,,؟!
وصرختَ محتدماً:
قفي
والريحُ تمضغُ معطفي,.
والذّل يكسو موقفي,.
,,, ,,, ,,,.
* أكملوها إلى قوله:
حتى إذا عادت اليك
لترودَ موعَدها الهنيّ
أخبرتها ان الرفاق أتوا اليك,,!
** هذه خاتمتهم كما خاتمته فهل يفطن - لهذه الفئة- كلُّ مسؤول قادم ، قبل أن يلفظوه مثل أيّ مسؤول مغادر !
** الحقيقة موجعة,, غير أننا بحاجة إلى فهمها والتعايش معها، والانطلاق منها لرفض هؤلاء القلة كيلا يفسدوا الكثرة !.
** أجيبوا الآن: من نحن,,,؟!.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved