Sunday 11th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 27 ربيع الاول


الزمن المقلوب
السفينة الغارقة في رمال مأرب (2/5)

إن امتزاج المقالح بصنعائه تجاوز التراب والجبال والمكان، لم تعد المدينة عند شاعرنا أكواما من الرمال ترمي الشمس خيوطها على حقولها بل اصبحت شوقاً ، لامفر منه ، حزن برتقالي يسكن الجفون ، ومع حلو ومر يشرب في المقاهي الحزينة، موال يتمزق فوق انغام الوتر,, ولكن هل يكفي هذا؟!
رفض المقالح، التوقف، وأخذ ينفث قوافيه في محاولة للنفاذ، خلال الحلم، مما هو كائن، الى ما هو كائن ايضا ليصرخ قائلا (1) :
هي لحن غربتنا ، ولون حديثنا
وصلاتنا عبر,, في السهر
مهما ترامى الليل فوق جبالها.
وطغى، واقعي في شوارعها الخطر
سيمزق الاعصار ظلمة يومها
ويلفها بحنانه صبح اغر
من ذا يلملمنا من الغابات من
ليل المواني,, من محطات البشر
ليعيدنا لك يامدينتنا، وفي
افواهنا قُبل، وفي الايدي زهر
وهنا يتوقف المقالح، ليلتقط انفاسه، ويصفصف أوجاعه ليكمل قوافيه الملتهبة قائلا:
إنا كسرنا وجه غربتنا وما أبقت ليالي النفي من زيف الصدر.
وتهشمت سفن الرحيل واسلمت
انفاسها في حضن شاطئنا الابر
وحتى لا يكمل هذه اللوحة بالسواد اخذ شاعرنا يزرع زهرات التفاؤل، والفأل خير وابقى، والبياض القليل خير من السواد المستحوذ على الاطراف ، لذا قال:
صنعاء، وإن أغضت على احزانها
حينا، وطال بها التبلد والحذر
سيثور في وجه الظلام صباحها
حتما,.
ويغسل جدبها يوما مطر!!
بإذنه تعالى، يأتي وجه الصباح يعم بنوره اطراف,, صنعاء,, ويغسل جدبها مطر البشائر، مطر الرعي والشجر، فلابد من صنعاء وان طال السفر!!
* صحراء:
لعل الرثاء أرقى فنون الشعر، يدخل للمقالح من بوابة اليمن,, لذا عندما شاعرنا صديقه,, الشاعر محمد الزبيري ، جعل الحديث بينه وبين الارض التي سكنها الشاعر، فلا هو يشكي للحمامة كأبي فراس ولا هو يستوقف صاحبيه، ويستبكيهما كامرىء القيس، بل أخذ يحاول المكان اسمعه يقول مخاطبا صديقه (2)
حين نزلت في منفاك
كانت ذكرياتك الحزينة
واقفة تنوح
تطل من خصاص السطح للمدينة
لعل في جموعها تمر، أو تلوح
حين رأتني أجهشت، واجهش
المكان بالبكاء
قالت أحقا مات؟!
مات انبل الاصوات
وكيف مات؟!
كيف اسلمته الارض والجبال
بكت لها:
لا تسأليني، كيف مات؟!
كيف استقبل المصير؟!
لا أعرف القصة,, لايعرفها الكثير!!
من القصيدة التي كتبها الى القاهرة,, المدينة ,, الناس,, البطل واسمها قصة قنديل أم هاشم ، ويبدو انها كتبها بعد قراءة لقصة,, قنديل ام هاشم ليحيى حقي,, رحمه الله ، حيث كتب المقالح قصيدته وكأنه يطلب الضوء من قاهرة المعز، ويمد يده في خطاب صوفي جفون قائلا (3)
يا أم النور مدد يا مئذنة السارين مدد
لم يبق احد,.
ما عاد على درب الغادين احد
وبعد هذا النداء الطفولي يظهر صنعاء عبر صرواح ومن بلقيس ,, قائلة
يازيت الامس,, وضوء اليوم وغد
صرواح يقول مدد .
بلقيس تقول مدد .
افلا يرتاد الصمت احد
ويشق ظلال الليل مدد
ولا يسع المقالح في ذيل نصه ان يؤكد مدده من خلال لغة يختلط فيها الزيت بالنار، والنداء بالرجاء والدعاء والوداع
لا تدعينا لوحوش الرمل غذاء
لبقايا الكهف رداء ,,لطيور الليل حداء
ان كان لنا في الارض رجاء
فإلى عينيك نسوق الرجاء
والى القنديل نشد دعاء
وعليك سلام الله ,,وعليك سلام الله
**هامش:
1 - راجع الاعمال الكاملة ص 24.
2 - راجع الاعمال الكاملة ص 65.
3 - راجع الاعمال الكاملة ص 93.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved