Sunday 11th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 27 ربيع الاول


القاص محمد البساطي
ابطال المخيلة الأدبية لا يسيطرون على الكتابة

ابطالي وشخوص اعمالي تأتي من حصاد حياة ثرية وخبرة وافية اكتسبتها من جولاتي في القطر المصري بجميع انحائه وهذا يعود لظروف عملي كمفتش بالجهاز المركزي للمحاسبات فقد كنت ازور كل شهر منطقة مختلفة وهكذا اكتسبت مشاهدات اساسية بالنسبة لأي كاتب فبطلة رواية اصوات الليل (بدرية) هي شخصية حقيقية عرفتها في القرية وانا صبي وظلت في مخيلتي حتى ظهرت في اصوات الليل، كذلك شخصية الجد في (ويأتي القطار) فقد كانت الحياة في القرية وخصوصا في فترة الطفولة والصبا بمثابة مخزون من المشاهدات والتأملات والحكايات التي تجذبني دائما للكتابة عنها.
اما البطل الذي يشبهني في كثير من جوانب حياته فهو بطل رواية (ويأتي القطار) والذي تناولت حياته منذ الطفولة وحتى المرحلة الثانوية من حياته وانتظاره للقطار الذي سينقله الى العاصمة لمواصلة تعليمه في الجامعة وذلك من خلال رصد لتطور المجتمع خصوصا مجتمع المدن الصغيرة وتطور حياة هذه المدن والتي احدثت فيها التكنولوجيا تغيرات كثيرة ويكفي الاشارة الى مشهد افتتاح اول سينما في البلدة والتغير الذي احدثته فقد خرج الناس من السينما كالنائمين فهم لم يتعودوا السهر ولا أخفي ان هذه الاحداث قد تضمنت بعضا من السيرة الذاتية التي دخلت في سياق سيرة البطل رغما عني فغالبا ما نجد لمحات من حياة الكاتب في شخصيات العمل الادبي ولكن لا يمكن تحديدها بدقة او فصلها فهي تكون ممزوجة بصفات اخرى يقتضيها العمل الفني اما عن صلتي الواقعية بأبطال وشخوص اعمالي فأنا اعرف اغلبهم وتعاملت معهم وانا اكتب دائما عن الشخصيات التي اعرفها فهذا افضل من الشخصيات التي لا اعرفها ولكن لا اقوم بنقل هذه الشخصيات من الواقع الى داخل العمل الادبي مباشرة بل يحدث بعض التغييرات التي تقتضيها ظروف العمل الفنية.
النقاش
واحب ابطال رواياتي الى نفسي هو بطل روايتي الاولى التاجر والنقاش لانه شخصية قريبة الى نفسي واكتشفت معه قدرتي على كتابة الرواية بما كان يحمله من احاسيس ومشاعر وامتلاء تجربته الحياتية بالعديد من الاحداث الا انني افضل رغما عن ذلك التمسك بالمقولة التي تؤكد ان الاديب والكاتب يحب كل ابطال وشخوص اعماله وايضا مقولة الاديب الراحل احسان عبدالقدوس بانه يحب كل اعماله بشكل متساو مثل محبته لاولاده فأنا لا اكره ابطالي وان كان يوجد ابطال مكروهين داخل العمل بما يمثل نمطا مكروها في الحياة وهؤلاءا لابطال تختلف نسبة الكره معهم من اديب الى آخر وانا دائما نظرتي حيادية لمثل هؤلاء الابطال ولا اتحامل عليها رغبة في اظهار كره لها حتى لا ينعكس ذلك بالسلب على فنية العمل فعلى الاديب ان يكون على قدر كبير من المهارة الفنية في اظهار ذلك وهذا ايضا ينعكس على الشخصيات والابطال التي نحبها فيجب ان نحبها بالقدر الذي يحتاجه ويتطلبه العمل ولا نكشف عواطفنا الخاصة تجاهها بما يقلل من قيمتها الفنية وهذا يقودنا الى مسألة اختيار الابطال والشخوص وانا لا اخطط لذلك كما لا اخطط لرواياتي واعمالي واذا كان الناس يعتبرون الروائي هو الكاتب الذي يخطط لكتاباته ويرتبها في فصول وينتقي ابطالها وشخوصها فانني وفقا لهذا الرأي لا اصنف روائيا حيث انني اعتقد ان الكتابة تأتي من تلقا ءنفسها دون تخطيط مبدئي وتلمع الشخصيات والابطال في ذهن المبدع والاديب في لحظات تلقائية وهذه اللحظات لا يمكن التخطيط لها او الجلوس في انتظارها بتخطيط مسبق.
تواصل
وعن تواصل الابطال عبر اكثر من عمل فملاحظة ذلك من مهام الناقد وانا لا اكرر الابطال والشخوص والبطل او الشخصية تنتهي لدي بانتهاء العمل اما البحث عن التواصل فهذا من عمل الناقد وان كنت اعتقد ان ثمة خيوطا كثيرة تربط بين اعمال المبدع ورؤيته وتناوله للشخوص والابطال والاشياء من حوله.
ومن ناحية اخرى يمكن تفسير لحظات النهاية والشيخوخة بأنها متشابهة الى حد كبير في عدد من قصصي وكتاباتي ولكن ليست امتدادات وانا اعتبر ان لحظات النهاية ربما كانت محطة للاسترخاء وربما كانت محاولة للإمساك بالزمن الهارب منا دوما.
* قاص وراوائي مصري

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved