* كتب المحرر التشكيلي
باختصار يقول الفنان مهدي الجريبي في كتيب معرضه الشخصي الاول - (لقد كان لحياتي ونشأتي في مكة المكرمة اثر على إبداعي من خلال تأملي لكل جزئيات المحيط صغيرها وكبيرها - ابتداءً من زير الماء وحتى شكل المباني القديمة والأزقة).
هذه هي حكاية فنان جاء الى الساحة محتضنا موهبته بعد ان دعمها بالدراسة في معهد التربية الفنية آنذاك - اذ أغلق واستبدل بكلية المعلمين المتوسطة.
المهم - خرج هذا الفنان بكل عنفوانه وشحناته الابداعية ممتلكا جانبا مهما لا يمتلكه الا الفنان الصادق والناجح مع فنه,, ذلك هو الجرأة - في الاداء اعتمادا على قناعة تامة بأن اللوحة عمل بصري اكثر منه شكلا تسجيليا فكانت أعماله مسكونة بالتوتر الجميل والمعبر عن ديمومة قادمة للعطاء.
في اعمال مهدي الجريبي افق بعيد المدى تجاه ايحاءات كهروجمالية يستقي إشاراتها من اعماق الوجدان مرورا بعقل مملوء بمختزل ثقافي جمالي - استحق من خلال ذلك الاداء إعجاب العديد من الفنانين العرب وفي مقدمتهم وزير الثقافة المصري الفنان فاروق حسني عند زيارته للجناح السعودي المشارك في بيتنالي القاهرة.
في إبداعه ملامح جاذبة وآفاق بنائية تراكمية تحتاج الى وعي من المتلقي يتساوى ولو بشكل غير مباشر مع طرح الفنان، وهذا يعني استباق الفنان لعصره ووجود وعي مستقبلي بأبعاد حسه الجمالي تجاه الرمز الذي يستقيه من عناصر في مخزونه الفكري نتيجة للتأمل السابق في بداية تعامله مع ما يحيط به منذ الصغر - ثم تأطيره بالفعل الأكاديمي دون أي مساس بأصل المنطلق القاعدي الثابت في وجدانه - المتصل بأدائه السريع مع اللون والفرشاة واللوحة في لحظات يسابق فيها اي ضبابية او علامة تجبره على الوقوف او التردد - إنها ارتعاشة الابداع الحقيقي.
|