Saturday 3rd July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,السبت 19 ربيع الاول


قلة حياء الصحافة
د, عبد الله ناصر الفوزان

لا بد أنكم قد رأيتم مثلي وربما مراراً عديدة ذلك الرجل الملتحي الذي يلبس الشماغ وتتربع صورته في الصفحة الأولى في عدد من صحفنا المحلية في الجزء الأعلى بجانب صور كبار المسؤولين ويتطلع للقارىء مبتسماً ويكاد يغمز بعينه ويتحدث عن رجولته بكلام يخدش الحياء، ثم تنهمر عبارات الاعلان ليس فقط بما يخدش الحياء بل بما يخوض في بطنه ويعفر وجهه في التراب,, ولا بد أنكم وأنتم تتطلعون للصورة ولكلام صاحبها وللعبارات الأخرى التالية تساءلتم هل بقي للحياء وجود في المشهد ومن الذي طرده من وجه الرجل ووجه الصحيفة، وأقول لكم بكل بساطة لقد طردته الفلوس.
الفلوس عندما تتكاثر مثل الجراد وتتكاثر معها حاجات الناس وتطلعاتهم وطموحاتهم تطرد الكثير من الأشياء بما فيها الحياء، ولذلك طردت الفلوس الحياء في بعض القنوات الفضائية التي درجت على تقديم برامج خادشة للحياء، فهي لا يهمها خدش الحياء او حتى طعنه في مقتل ما دامت ستقدم الاثارة التي تجتذب الكثير من المشاهدين، اي الكثير من المشتركين والكثير من الفلوس, وما دامت تبث عبر الفضاء من دول تختلف معايير الحياء في مجتمعاتها عن معايير المجتمعات التي تتلقى البث وتتضرر منه، ولقد تعجبت من مسلك بعض صحفنا المحلية، فقد اقترفت ذلك العار الذي نهى عنه شاعرنا العربي القديم القائل لا تنه عن خلق وتأتي مثله,, الخ فهي بين كل حين وآخر تشن حملة شعواء على هالة سرحان وبرامج هالة سرحان وغيرها من برامج المحطات الفضائية التي يقل فيها الحياء وفي الوقت نفسه تفعل هي - اي صحافتنا - ما هو ادهى وأمر اخذاً في الاعتبار مكان النشر.
المفروض أن وسائل الاعلام تكتسب حياءها من حياء المسؤولين فيها، لكن لأن قلة الحياء في وسائل الاعلام لا تنعكس على مسؤول واحد بل تتعدد المسؤولية فإن دم هذا الحياء يتفرق بين القبائل ولذلك يسهل على الفلوس ان تطرد الحياء وتقتله ايضاً في الساحة الاعلامية، ومن اجل ذلك تحاول المجتمعات حماية نفسها من قلة حياء وسائل الاعلام فتسن الموانع والروادع, وانا افهم الآن سبب قلة الحياء في بعض برامج الفضائيات التي تبث من دول لا سلطان لمجتمع المشاهدين عليها ولكن لا استطيع ان ابرر قلة الحياء في صحف تصدر بين افراد المجتمع المتلقي لها الا على انه قصور في الأنظمة والتشريعات المتعلقة بوسائل الاعلام وبسبب هذا القصور يحدث العجب العجاب احياناً في الاعلانات كما رأينا سابقاً ونرى الآن.
جميع كبار السن يدركون ما هي مهام العيادات الطبية المتخصصة، وجميعهم يعرفون أين يذهبون عندما تواجههم امراض من مثل تلك الامراض التي تحدث عنها الاعلان، ولذلك لا يمكن ان نعتبر تلك التفاصيل الخادشة للحياء، المعلنة بتلك الصورة على لسان ذلك الرجل في اعلى الصفحات الأول من بعض صحفنا المحلية من باب التعريف بما لم يعرف وخدمة من لم يعرف، وصحيح ان مثل هذا الاعلان يخدم صاحب العيادة، ويجلب له المزيد من الزبائن والمزيد من الفلوس، ويخدم الصحيفة بزيادة دخلها من الاعلان، ولكن هل يجوز ان يتم هذا على حساب الحياء العام,,,؟.
عهدي بصحافتنا انها خجولة مثلنا، وان اقوى ما فيها حياؤها، ولذلك فان ما حدث يعني انه لا حصون تصمد امام اغراءات الفلوس سوى روادع الفلوس، اي العقوبات التي تفرض غرامات بدفع فلوس او بحرمان من فلوس,, فهل لاحظتم مدى قوة سلطان الفلوس,,,؟.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
ملحق جــــدة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved