واغادوغو-واس
أكدت المملكة العربية السعودية ان الأمة الإسلامية تعيش في الوقت الحاضر وضعاً دقيقاً وحرجاً يتخلله الكثير من أسباب التوتر وعوامل الفرقة حتى بدت بسبب ما أصابها ويصيبها من الخطوب والأزمات عاجزة عن أن تتبوأ المكانة التي تليق بها وتتفق مع رسالتها السماوية الخالدة التي جعلت منها خير أمة أخرجت للناس.
وشددت على ضرورة العمل على اصلاح ما أصاب مسيرة أمتنا الإسلامية من أوجه الخلل وما انتابها من ضعف وصولاً الى عودة الأمة الإسلامية إلى مكانتها وتعود للمسلمين عزتهم ومجدهم.
جاء ذلك في كلمة ألقاها معالي مساعد وزير الخارجية الدكتور نزار عبيد مدني أمس الاول أمام الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر وزراء الخارجية في الدول الإسلامية المنعقدة حالياً في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو.
التضامن مرتكز أساسي لسياسة المملكة
وقال معاليه: ان المملكة العربية السعودية تعتبر التضامن الاسلامي مرتكزاً أساسياً من مرتكزات سياستها، ومن هنا كانت دعوة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود للتضامن الاسلامي والتي تبناها أبناؤه من بعده امتداداً منطقياً لحقيقة تاريخية هي أن المملكة ولدت وترعرعت في حضن العقيدة الإسلامية.
وأشار الى أن الأمة الاسلامية تواجه في هذه المرحلة التاريخية الجديدة سلسلة من التحديات الاقتصادية والسياسية والثقافية والفكرية.
وفيما يلي نص الكلمة,.
بسم الله الرحمن الرحيم والقائل في محكم التنزيل ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم .
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين
السيد الرئيس
أصحاب المعالي رؤساء الوفود
معالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي
حضرات الاخوان الكرام.
أحييكم بتحية الاسلام,, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وأحمل إليكم من مهبط الوحي وقبلة المسلمين تحيات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وتمنياتهما بأن يوفق الله سبحانه وتعالى جمعكم هذا لما فيه الخير والسداد.
وأود في البداية ان أتقدم باسم وفد المملكة العربية السعودية بالشكر الجزيل لجمهورية بوركينا فاسو رئيساً وحكومة وشعباً على مالمسناه من حسن الضيافة وكرم الوفادة وحرارة الاستقبال مقدرين الجهد المبذول في الاعداد والتنظيم لهذا المؤتمر وأنتهز هذه المناسبة لاشيد بخطاب فخامة الرئيس بلاز كمباوري لما تضمنه من معان وتوجيهات تتصف بالحكمة وبعد النظر وسداد الرأي.
تهنئة رئيس المؤتمر
ويطيب لي ياسيادة الرئيس ان أزجي لكم التهنئة خالصة بانتخابكم رئيساً لهذا المؤتمر مشيداً بحسن الاختيار هذا لما يتحلى به معاليكم من خبرة ودراية تؤهلكم لشغل مثل هذا المنصب المرموق, كما أعرب عن التقدير لسلفكم معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وزير خارجية دولة قطر الشقيقة لجهوده المثمرة في متابعة اعمال المؤتمر طيلة العام الماضي.
كما أود ان أتقدم بالتهنئة الى كل من اصحاب المعالي رؤساء وفود ايران وسوريا وفلسطين لانتخابهم نوابا للرئيس ولمعالي رئيس وفد قطر لانتخابه مقرراً عاماً لمؤتمرنا هذا.
كما لايفوتني أن أعرب عن وافر الثناء للمجهودات الكبيرة التي بذلها ويبذلها معالي الدكتور عز الدين العراقي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي ومساعدوه وجهاز الأمانة العامة الذين عملوا جميعاً ويعملون بجد واخلاص على تيسير تحقيق المنظمة لأهدافها السامية.
على مشارف الدخول للقرن القادم
أيها الاخوة الكرام
في الوقت الذي يجد فيه المجتمع الدولي نفسه على مشارف الدخول في مرحلة تاريخية جديدة بمعطيات وسمات وملامح جديدة فإن امتنا الإسلامية تعيش وضعاً دقيقاً وحرجاً يتخلله الكثير من أسباب التوتر وعوامل الفرقة حتى بدت بسبب ما أصابها ويصيبها من الخطوب والازمات عاجزة عن أن تتبوأ المكانة التي تليق بها وتتفق مع رسالتها السماوية الخالدة التي جعلت منها خير أمة أخرجت للناس,, أمة وسط تصنع التاريخ وتشهد على الناس,, وحتى لاتصبح أمتنا على هامش التاريخ تاركة زمام الأمور لأمم أخرى وجدت قوتها في ضعفنا وقدرتها في عجزنا لابد لنا والحالة هذه من وقفة صادقة مع النفس نستخلص خلالها الدروس والعبر ونعمل على اصلاح ما أصاب مسيرتنا من أوجه الخلل وما انتابها من ضعف واضعين نصب أعيننا في الاساس تعاليم ديننا الحنيف ومبادئ شريعتنا السمحة التي تنبذ الفرقة وترفض الشقاق وتدعو الى التعاون على البر والتقوى وترك كل مايؤدي الى الاثم والعدوان.
تمهيد الطريق لاستعادة مكانة الأمة
إننا إذا فعلنا ذلك فسنكون قد مهدنا الطريق لكي تستعيد امتنا مكانتها وتعود للمسلمين عزتهم ومجدهم,, ان ايماننا بكلمة التوحيد يدعونا لتوحيد الكلمة وان نعمل جاهدين على نبذ الاختلافات وانهاء النزاعات لان استمرارها يعني الركون الى الضعف والضياع والاستكانة إلى الفرقة والتشتت واستهلاك طاقتنا بخصوماتنا وهدر قدراتنا بنزاعاتنا.
التضامن ليس مجرد شعار براق
أيها الاخوة الكرام,.
إن التضامن الإسلامي ليس شعاراً براقاً يرفع ولا دعوة سياسية يروج لها ولكنه مبدأ اصيل من مبادئ الاسلام الخالدة فلم ترفع رايات النصر إلا عندما انطلق المسلمون يعلون كلمة الله صفاً واحداً كالبنيان المرصوص ولم تسقط الرايات في قبضة الهزيمة إلا عندما تفرق المسلمون ففشلوا وذهبت ريحهم.
ان المملكة العربية السعودية تعتبر التضامن الإسلامي مرتكزاً أساسياً من مرتكزات سياستها ومن هنا كانت دعوة المغفور له الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود للتضامن الاسلامي التي تبناها أبناؤه من بعده امتداداً منطقياً لحقيقة تاريخية هي ان المملكة ولدت وترعرعت في حضن العقيدة الإسلامية.
لقد أنجزت مسيرة التضامن الاسلامي الكثير ولكن الشوط أمامنا لايزال طويلاً ومحفوفاً بالمصاعب, إن أمتنا الاسلامية تجد نفسها في هذه المرحلة التاريخية الجديدة في مواجهة سلسلة من التحديات ومنها ماهو اقتصادي منها ماهو سياسي ومنها ماهو ثقافي وفكري,, وهي تحديات لاتزال في انتظار الاستجابة الحاسمة,, هذه الاستجابة التي تكمن في اعماق الأمة في انتظار تدفقها ينابيع من رجاء ويقين وأمل.
اهتمام خاص للمتغيرات الاقتصادية
أيها الاخوة الكرام,.
ما أحوجنا ونحن نتدارس الهموم والتحديات التي تواجه امتنا الاسلامية ان نولي عناية واهتماماً خاصين لموضوع المتغيرات الاقتصادية المتلاحقة التي تواجه عالمنا اليوم فاقتصاد الدول الاسلامية لايمكن أن يعيش بمنأى عن التعامل والتكيف مع مجريات الاقتصاد الدولي، فتيار العولمة بما يتضمنه من انفتاح تجاري واستثماري يسير بخطوات قوية وسريعة لايمكن لنا أن نوقف مسيرة هذا التيار مما يصبح معه لزاماً علينا ان ننظم جهودنا ونشارك بفعالية في توجيه مسارات النظام الاقتصادي العالمي الجديد ولنستطيع النجاح في تحقيق ذلك الهدف فمن الضرورة ان نسعى ونتفق أولاً على بلورة موقف وغايات اقتصادية تنموية واضحة تراعي خصوصيات دولنا لننطلق بعد ذلك للدفاع والمطالبة بها في المحافل الدولية ولاسيما ونحن مقبلون على جولة جديدة من المفاوضات المتعددة الأطراف ضمن منظمة التجارة العالمية.
تكثيف الجهود لمواصلة
تحرير التدفقات التجارية
ولايفوتني هنا أن أؤكد بقوة على ضرورة تكثيف جهودنا لمواصلة تحرير التدفقات التجارية والاستثمارية بين دولنا وبناء تكتل اقتصادي اسلامي متين يتمكن من التصدي للتكتلات الاقليمية والدولية الأخرى.
مسؤولية محددة لمعالجة المشاكل
أيها الإخوة الكرام,.
ان أمامنا مسؤولية محددة في معالجة مشاكل العالم الاسلامي الاقتصادية واشير على وجه الخصوص الى الدول الأقل نمواً ودول الساحل الافريقي التي عانت وتعاني من مشاكل القحط والجفاف طيلة العقد الماضي,, وانسجاماً مع رغبة المملكة في التخفيف من مديونية الدول الأعضاء في منظمتنا فقد بادرنا الى إلغاء الديون الحكومية المستحقة على الدول الاقل نمواً كما أننا تابعنا باهتمام ما أسفرت عنه اجتماعات اعمال قمة كولون مؤخراً من اتخاذ اجراءات لشطب ديون الدول الأقل فقراً في العالم، ونأمل أن تحظى الدول الاسلامية الأقل نمواً بنسبة عادلة من هذا الشطب.
كما أننا نتطلع الى اعادة هذه الدول النظر في برامجها التنموية بما ينسجم مع الواقع الاقتصادي العالمي حتى لاتعود مجدداً دوامة الفقر والجوع وكثرة الديون المتراكمة.
معاناة دول الساحل الأفريقي
وفي اطار الاسهام في التخفيف من معاناة اخواننا في دول الساحل الافريقي يسعدني ان أؤكد لمؤتمركم هذا عزم المملكة العربية السعودية على مواصلة برامجها للتنمية الأفريقية لمكافحة الجفاف والتصحر في بلدان الساحل الافريقي حيث انتهت المملكة من المرحلتين الأولى والثانية من برنامجها لتزويد دول الساحل الافريقي بالمياه بمبلغ اجمالي قدره 130 مليون دولار استفادت منها عشر دول افريقية وشرعت الآن في المرحلة الثالثة في منطقتين بمبلغ اجمالي قدره 50 مليون دولار وبنفس الأسلوب الذي تمت به المرحلتان السابقتان مساهمة منها في مساعدة البلدان الشقيقة في هذه المنطقة.
التحديات السياسية
أيها الإخوة الكرام,.
أما التحديات السياسية فانها تتمثل في مظاهر الفرقة التي لاتزال قائمة بين بعضنا ووطأة الاختلافات التي لاتزال مستعرة بين بعضنا الآخر.
ان الخلاف في وجهات النظر بين الأشقاء أمر طبيعي ومألوف ولكن المأساة ان تتحول الخلافات الى اشكال من العدوان أو الاعتداء أو الصراع الدموي أو الحروب الاعلامية والنفسية.
تذكير بخطاب سمو ولي العهد
ودعوني أذكركم بالخطاب الذي القاه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني في مؤتمر القمة الاسلامي في طهران حيث قال: علينا اعادة ترتيب البيت الاسلامي من الداخل فذلك له الأولوية الواجبة والمطلقة في سياق سعينا للنهوض بأمتنا ودفعها لكل عزم على طريق التقدم والازدهار ولايمكننا أن نعيد لبيتنا الاسلامي ما يحتاجه من عافية إلا اذا استوعبنا الفرق الكبير والواضح بين الخلاف والاختلاف, إن الخلاف سنة من سنن الله في أرضه إلا ان الخلاف بين المسلمين على امور اجتهادية او على شؤون السياسة يجب ألا يتجاوز نطاقه المحصور كمشكلة طبيعية يمكن التعامل معها بحكمة وهدوء وصبر والا يتطور الى الحد الذي يصبح معه اختلافاً دموياً يأكل الأخضر واليابس ومع ذلك فإن واجبنا يحتم علينا الا نحول هذا التباين المشروع الى ذريعة للهيمنة يحاول كل منا أن يملي على أخيه المسلم كيف يفكر وكيف يعمل فإن كان هناك درس واحد أعتبره الأهم والأخطر في تاريخ الأمم كلها فهو الثبوت والصحة من التاريخ على أن كل محاولة للهيمنة انتهت بصراع مرير لامنتصر ولامهزوم فيه يدفع عنه الضحايا من الجانبين.
ولعل منطقتنا عانت من هذا المنطق الأعوج مالم تعانه أي منطقة أخرى في هذا العالم ولاتزال آثار هذه المعاناة تطل علينا من كل مكان بحدة ومرارة.
انتهى الاقتباس من خطاب سمو ولي العهد
وفي اطار التحديات السياسية ايضاً فان هناك بعض الأوضاع التي لاتزال تلقي بظلالها الكئيبة على عالمنا الإسلامي.
هناك الآثار الضارة والسلبيات المؤسفة التي خلفها الغزو العراقي للكويت التي لن تزول إلا اذا تمت معالجة الوضع عن طريق تنفيذ العراق تنفيذاً شاملاً وكاملاً لكافة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بعدوانه على الكويت الأمر الذي سيؤدي الى رفع المعاناة عن الشعب العراقي بإلغاء العقوبات المفروضة عليه مع ضرورة المحافظة على سلامة العراق ووحدته الاقليمية.
الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية
وهناك الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية والقضية الفلسطينية وقضية القدس الشريف التي تمثل جوهر النزاع العربي الاسرائيلي ومحط اهتمام العالمين العربي والاسلامي التي لاتزال مسيرة حلها تواجه عقبات بسبب تعنت اسرائيل تجاه الانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس والجولان وجنوب لبنان ومنح الفلسطينيين حقوقهم الوطنية المشروعة بما في ذلك حق تقرير المصير واقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف التي تتعرض للتهويد وتغيير معالمها الجغرافية والتاريخة بهدف تكريس احتلالها,, وفي هذا الاطار فإننا لانزال في انتظار اعادة عملية السلام في الشرق الأوسط الى مسارها الصحيح وذلك لن يتم إلا بالتزام اسرائيل بالمبادئ والاتفاقات التي تمخضت عنها مؤتمرات مدريد والقاهرة وأوسلو وواي بلانتيشن وبخاصة مبدأ الأرض مقابل السلام وقرارات الشرعية الدولية، وفي ظل تمسك الجانب العربي بمواصلة عملية السلام لتحقيق السلام العادل والشامل بوصفه هدفاً وخياراً استراتيجياً لارجعة عنه.
السلام في البوسنة يحتاج لرعاية
كما ان السلام في البوسنة والهرسك لايزال يحتاج لرعاية المجتمع الدولي لكي تترسخ جذوره وترسى دعائمه.
ومازالت قلوبنا يملؤها الأسى لما يتعرض له اخواننا في كوسوفا من قتل وتهجير وتدمير لبيوتهم وممتلكاتهم بل ومن حرب ابادة وتطهير عرقي وتصفية شاملة مع ترحيبنا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه مؤخراً الذي نأمل أن يؤدي الى اعادة المهجرين واللاجئين الى ديارهم مع توفير الحماية اللازمة لهم.
تطور العلاقات مع إيران
وفي الوقت الذي تنظر المملكة العربية السعودية فيه بارتياح الى التطور الايجابي في العلاقات بين الجمهورية الاسلامية الايرانية ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وخاصة في اعقاب الزيارة التي قام بها فخامة الرئيس محمد خاتمي الى المملكة ودولة قطر فانها تتطلع الى حل المشكلات العالقة وعلى رأسها قضية الجزر الاماراتية الثلاث بالطرق السلمية ووفقاً لمبادئ وقواعد القانون الدولي بما في ذلك قبول خيار احالة القضية الى محكمة العدل الدولية إذا استدعى الأمر ذلك.
ولايزال الوضع في افغانستان وفي الصومال وبالنسبة للصراع الدائر بين اذربيجان وأرمينيا الذي نتج عن احتلال ارمينيا لجزء من أراضي اذربيجان يمثل علامات قاتمة في عالمنا الاسلامي.
قضية النزاع الباكستاني/ الهندي
كما ان قضية النزاع الباكستاني الهندي حول جامو وكشمير لاتزال تشكل مصدر توتر وعدم استقرار بين الدولتين الجارتين ولاسيما في اعقاب التصعيد العسكري الأخير بينهما مما يدعونا الى مطالبة الجانبين بممارسة أقصى درجات ضبط النفس وحل الخلاف من خلال المفاوضات وفقاً لقرارات الأمم المتحدة التي تكفل لشعب جامو وكشمير حقه في تقرير المصير.
ولانزال نتألم لمشاهد القتال والنزاعات المسلحة بين الأشقاء في افريقيا التي لاتخلف الا تعميق الحرب وتوسيع دوائر البؤس والفقر واننا نعول كثيراً في هذا الصدد على حكمة قادة هذه القارة العظيمة في تغليب المصالح العليا لبلدانهم وحل المنازعات بالطرق السلمية.
وفي الوقت الذي سررنا فيه بتوقيع اتفاقية السلام بين الجبهة الوطنية لتحرير مورو وحكومة الفلبين التي نأمل ان تشكل بداية التعاون المثمر في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية فإننا لانستطيع ان ننهي الحديث عن التحديات السياسية دون الاشارة إلى أوضاع الاقليات الاسلامية في عدد من البلدان مؤكدين انه اذا كان من حق كل دولة ان تطلب من مواطنيها الولاء من حق الاقليات المسلمة ايضاً ان تعيش في سلام متمتعة بالمساواة في الحقوق والواجبات دون ان تفتن في دينها أو ان يحال بينها وبين ممارسة شعائرها أو ان تسلب هويتها الثقافية المتميزة.
التحديات الفكرية والثقافية
أيها الإخوة الكرام,.
أما بالنسبة للتحديات الفكرية والثقافية فانها تتمثل في اثارة ظاهرة العولمة التي اخذت تسود الفكر العالمي والتي لم تعد تقتصر على الجوانب الاقتصادية والتجارية وحدها, ان مانشهده حالياً في الساحة الدولية من تطورات ثقافية وفكرية يظهر ان هناك توجهاً لبسط انماط ثقافية ومفاهيم حضارية معينة على سائر المجتمعات، ونحن كأمة اسلامية ذات رسالة حضارية خالدة وكأمة حملت مشاعل المعرفة والفكر وساهمت في نمو وتطور المجتمع الانساني عبر التاريخ لايمكنها الآن ان تقف على هامش التاريخ، اننا مطالبون أكثر من أي وقت مضى بان يكون لنا تصور واضح ازاء الطروحات الفكرية والحضارية والا نقف موقف التابع المتلقي بل أن يكون لنا دور بارز في رسم التوجهات الفكرية على النحو الذي ينسجم مع قيمنا ومبادئنا وان نساهم في نشر وتعزيز ثقافة التسامح وتبادل المنافع والتعاون على البر والتقوى وتكريس مبادئ احترام كرامة الانسان ونبذ العنف والارهاب والتسلط، وعلينا ان نقاوم الفكر الذي يقود الى الانحلال الخلقي واضعاف روابط الاسرة وتفشي الرذيلة في المجتمعات، وفي الوقت الذي ندعو فيه الى الحوار بين الثقافات فإننا ننادي ايضاً باحترام الخصائص الدينية والثقافية لكل مجتمع وبالعمل سوياً مع القوى المحبة للخير على بناء مجتمع انساني تسود فيه قيم العدل والمساواة بما يحقق الأمن والرخاء للجميع.
ومن هذا المنطلق حرصت المملكة العربية السعودية على ان يكون لنا تواجد فعال في المؤسسات الثقافية الدولية فتقدمت بترشيح أحد مواطنيها الاكفاء المخلصين لدينهم وثقافتهم لمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم اليونسكو وقد حظي هذا الترشيح بتأييد ومباركة قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ووزراء التربية والتعليم العرب والمجلس الوزاري للجامعة العربية، كما تقدمت المجموعة العربية في اليونسكو بخطاب الى رئيس المجلس التنفيذي ورؤساء المجموعات يتضمن تبني ترشيح المملكة العربية السعودية، في هذا الاطار فاننا نتطلع الى مؤازرة اشقائنا في منظمة المؤتمر الاسلامي ومباركتهم لمرشح المملكة العربية السعودية بوصفه مرشح المجموعة الاسلامية.
مسؤولية اللقاء الوزاري
أيها الاخوة الكرام,.
إن مسؤوليتنا في هذا اللقاء تفرض علينا ان نجعل منه مناسبة للتأمل فيما وصلنا إليه وفيما ينبغي ان نفعله وفرصة لمراجعة اعمالنا واستعراض ماسبق ان توصلنا إليه من قرارات في مؤتمراتنا السابقة لنحيلها الى واقع ملموس يعزز ويدعم مسيرتنا الخيرة التي أرسى دعائمها قادتنا من أجل تحقيق الامن والاستقرار لدولنا والرفاهية والرخاء والتقدم لشعوبنا.
أيها الاخوة الكرام,.
كما بدأنا مستنيرين بكلمات الله ننتهي إليها وبها في قوله تعالى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم ,, صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|