مشاهدات وتساؤلات,. |
د, فهد المغلوثكثيرة هي المشاهدات الاجتماعية اليومية التي تمر علينا باستمرار، ولكن لا تثير فينا دوافع من اي نوع ولا تعني لنا سوى انها حدث يومي يتكرر ولا يؤثر في حياتنا او يقلل من عطاءاتنا او يغير من نظرتنا للأمور.
ولكن كم من تلك المشاهدات اليومية يجبرنا على التوقف عندها والتمعن في مضامينها وتشخيص تلك الأحداث التي تحتويها تلك المشاهدات؟.
وكم من تلك الأحداث والمشاهدات تجعلنا بالفعل نغير من قناعاتنا ومن نظرتنا للأمور وتعاملنا مع الغير؟ هذا ما سوف نتطرق له في حديثنا، ولكي نكون موضوعيين اكثر سوف نتطرق لمشاهدات حية كثيراً ما تحدث هذه الايام بالذات, وهي مشاهد مألوفة لا يمكن تجاهلها ولكنها تستحق وقفة تأمل ومراجعة وتستحق التحليل بغية معرفتها بصورة اوضح ومن جوانب اخرى غير مرئية للانسان العادي.
دعونا نلقي نظرة فاحصة على ما يجري هذه الايام وماذا يعني وكيف يفسر وبماذا يعالج, لنلقي نظرة على ظاهرة تسجيل الطلبة والطالبات في مختلف المعاهد والكليات والجامعات، أليس شيئاً لافتاً للنظر هذا العدد الرهيب من الطلبة والطالبات الذي يفوق قدرة تلك المعاهد والكليات والجامعات على اختلاف تخصصاتها، ماذا يعني ان يتقدم للقبول في كلية علمية اكثر من (300) طالب وطالبة بينما لا يقبل سوى (50) مثلاًفي حين ان الجميع مؤهل تقريباً؟!.
ترى اين يذهب هؤلاء الباقون غير المقبولين؟ وما مصير تلك الشهادات والدرجات العالية التي حصلوا عليها بجدهم وعرقهم وكفاحهم؟ اننا بهذا الوضع نجبرهم على ان يتحسروا على كل دقيقة قضوها في الجد والمثابرة ولسنا نبالغ في ذلك.
بهذا الوضع نجبرهم على ان يتجهوا لمسار آخر لا يتفق مع ميولهم ونحن الذين نقول بان العصر الذي نعيش فيه هو عصر التخصص ليس فقط اثناء الدراسة بل حتى بعد التخرج أليس ذلك غريباً؟.
اننا وبحجة كوننا نبحث عن الكفاءة والكيف وليس الكم وخاصة في المجالات العلمية والطبية سوف نحتاج لسنوات طويلة جداً قبل ان يكون لدينا الاكتفاء الذاتي من ابناء الوطن في هذا المجال بينما المؤهلون للالتحاق بالدراسة ينتظرون في طوابير طويلة! وسوف تطول وتطول مع زيادة عددهم.
فنحن كثيراً ما نقول بان الشباب غير منتج في عمله، وننسب ذلك الى عدم احساس الشباب بالوطنية والمسؤولية ولا مبالاتهم ونتناسى ان نسبة كبيرة منهم تخرجوا من تخصص مفروض عليهم بشكل او بآخر فقط لمجرد نيل الشهادة الجامعية! فكيف نتوقع منهم الكثير ونطالبهم بالمزيد من الابداع والمبادرات الخلاقة وأحد العوامل المؤثرة في الانتاج هي حب التخصص والمهنة قبل العمل فيه؟ أليست هذه مفارقة كبيرة؟!.
وايضاً وبسبب قلة الفرص في القبول وضآلتها وعدم وجود البدائل المناسبة الكافية وعدم تماشي بعض الانظمة التعليمية والادارية مع معطيات العصر وعدم ملاءمتها ناهيك عن المجاملات المبالغ فيها بين الرئيس والمرؤوس وحتى بين المواطن والمسؤول في بعض الدوائر كل هذا ولا شك ساهم والى حد كبير في زيادة الواسطة بين افراد المجتمع على اختلاف طبقاتهم وثقافاتهم واعمارهم وأجناسهم بحيث اصبحت من الوضوح والجرأة الانتشار بشكل لا يمكن الاستغناء عنها او التقليل من شأنها واهميتها خاصة في بعض الدوائر والجهات الخدمية التي تقدم خدمات مباشرة للجمهور لا يستطيع الاستغناء عنها ولانها حق من حقوقه كفلها له النظام ووضع لها من الضوابط والقوانين ما يحميها ويصونها تحت مظلة الخدمة للجميع دون تفرقة والذي نفخر به اننا جزء من هذا النظام واحد جنوده المدافعين عنه المخلصين لكيانه الساهرين على امنه الحريصين على استقراره المضحين له بكل غال ونفيس.
وحقيقة الأمر وبناء على الكثير من المشاهدات الحياتية الواقعية نستطيع ان نقول وبدون ادنى تحفظ ان حياتنا الاجتماعية تغلفها المجاملات المبالغ فيها جداً لدرجة تأخذ جل وقتنا وبالذات وقت المسؤولين وتسلب حق المراجع في ان يستفسر عما يريد ويقول كل ما يريد للمسؤول في بعض الدوائر والأمثلة كثيرة واليك المثال التالي:
أليس شيئاً مؤسفاً بالفعل ان تدهب لادارة او جهة حكومية خدماتية لتقابل المسؤول الكبير واذا بك تنتظر وتنتظر ويضيع الوقت في الانتظار وحينما يحين دورك للدخول ومقابلته تفاجأ بان الوقت ليس لك انت ايها الانسان الذي استأذنت من عملك وتكبدت عناء الحضور بل لاشخاص آخرين لم يأتونا بانفسهم بل من خلال جهاز التلفون الذي لا يهدأ طيلة وجودك مع هذا المسؤول او المدير او مع اولئك الذين يحضرون فقط بحجة السلام على المدير وتهنئته واذا بكل منهم لديه قائمة عريضة من الاحتياجات التي لا يخرجون الا وقد قضيت لهم او يجادلون بهدف الحصول عليها علما ان الوقت ليس ملكهم بل ملك غيرهم! ومن ثم تقول هذه الادارة بأنها تتبع سياسة الباب المفتوح مع الجمهور والمواطنين!.
والغريب في الأمر موقف المدير السلبي احياناً حيال كل هذه التجاوزات التي تسيء لتلك الجهة الادارية المعنية وعدم اتخاذ نظام حازم وواضح يتبعه الجميع ضماناً لاحترام الوقت واحترام وقت الآخرين مع قناعتنا الشخصية بأن هناك استثناءات وظروفا معينة تفرض مثل هذا التسامح من قبل البعض وفق ما يراه المسؤول ولكن المسألة وفق ما اراها تكاد تكون مطبقة على الغالبية ممن يحق معهم استخدام مثل هذا التسامح والاستثناء وممن لا يحق لهم وبالتالي على حساب العمل والانتاج.
وانني لأكاد اجزم - وربما وافقني البعض في ذلك - ان هناك الكثير من الادارات والجهات الخدماتية حينما تلاحظ وتدقق في وقت المسؤول الكبير فيها، تلاحظ ان معظم وقته من بداية دخوله مكتبه الى حين خروجه منه، معظمه في مكالمات هاتفية مقسومة على واسطات ومجاملات مبالغ فيها، وبالذات هذه الايام ونحن نعيش مسألة التسجيل والقبول في الجامعات والمعاهد والكليات وما يترتب على ذلك من البحث عن الواسطات رغم عدم الحاجة اليها! والا ماذا يعني حصول طالب او طالبة على معدل لا يقل عن (95%) القسم العلمي مثلا ويسجل في كلية الطب ومع ذلك تراه يضع يده على قلبه خوفاً من رفضه وعدم قبوله وبالتالي منذ اللحظة الاولى لتسجيله وحتى قبلها تراه يبحث عن واسطة ليضمن حصوله على مقعد رغم انه ليس في حاجة لمثل هذه الواسطة لأن مؤهلاته تشفع له وليس في حاجة لأن يريق ولي امر هذا الطالب او الطالبة ماء وجهه لكل انسان من اجل قبول ابنه او ابنته والتعلق بآمال ووعود وهو يعرف انها غير صحيحة ولكنه يتقبلها ولسان حاله يقول ان لم تصب الواسطة مع هذا فلعلها تصيب مع الآخر, ومن يدري؟!, والانسان منا او ولي الأمر تحديداً لا يلام حينما يصل الى قناعات تؤكد له بأن الواسطة مثلاً هي كل شيء فهو قد يكذب شخصاً او شخصين او حتى ثلاثة ولكنه حينما يسمع والغالبية تتحدث عن هذا الموضوع وحينما يرى بنفسه حالات كثيرة لا تستحق وصلت الى ما وصلت اليه وتحقق لها ما ارادت بفعل الواسطة فهنا لا بد من البحث عنها واستخدامها والحياة كما يقولون فرص والفرص لا تتكرر والشاطر من يعرف كيف يستغل الفرص لصالحه خاصة اذا كان يستحقها أليس هذا هو ما يقولونه؟!.
ان المشاهدات التي رأيناها وتعاملنا معها تدل على ان نسبة كبيرة من تلك الخدمات المرتبطة بجمهور المستفيدين منها وبالذات في القطاعات الحكومية تكاد تكون تقليدية الى حد كبير وتدار باسلوب او بنظام قديم جدا لم يعد يناسب تطورات العصر الذي يعيشه المجتمع فهي لم تتغير ولم تمسها يد التطور وليس السبب في رأيي المتواضع هو ان المسؤولين هؤلاء لا يعرفون ذلك وليس لان الامكانات المادية والبشرية متواضعة ولا تستطيع تلبية تلك التطورات المرغوبة وليس ذلك فحسب بل لانه لا احد يريد ان يضيف عبئاً على عبئه، ولا احد يريد ان يتحمل مسؤولية عمل اضافي، لان امثال هؤلاء يؤمنون بالمقولة التي مفادها كلما عملت اكثر اخطأت اكثر واصبحت موضع مساءلة وهم في غنى عن ذلك كله!.
أليست هذه سلبية ونظرة قاصرة؟ ان العمل ابداع والابداع لا يأتي من الجمود بل يحتاج لتوفير اجواء نفسية مهيأة ودعم مستمر مقرون بالمتابعة والمحاسبة.
ما نحتاجه هو توسيع نطاق المشاركة والاستفادة لنوزع المهام والانشطة على الموظفين ولنترك لهم حرية التفكير في الوسائل التي بامكانها تطوير العمل لندعهم يشاركوننا تلمس احتياجات المجتمع,
لننظر فقط الى قضية السعودة تلك القضية الحيوية الهامة للمجتمع ولكافة افراده صحيح اننا بدأنا نقطع شوطاً لا بأس به فيها بفضل الله ثم بفضل دعم ولاة الأمر ولكن قبل ان نضمن مكاناً وظيفياً آمناً لهذا المواطن علينا ان ندربه قبل دخوله مجال عمله علينا ان نتابع عمله علينا ان نتأكد من مدى انضباطه والأهم من ذلك علينا ان نقيم انتاجيته ولكن لا شيء من هذا يحصل الا مع قطاعات قليلة جدا وهذا باستثناء القطاع الخاص الذي تجد فيه التزاماً بالعمل واحتراماً لقوانينه وانظمته لان هناك عملاً قائماً يؤديه هو الموظف المواطن لانه وظف بناء على حاجة العمل وليس ضماناً للوظيفة دون وجود عمل كما يحدث في الكثير من القطاعات الحكومية وهنا الفرق الذي نتحدث عنه ونشير اليه.
انظر ان شئت الى نظام الخدمة المدنية الذي يعطي الموظف الجديد سنة تجريبية للتأكد من صلاحيته وربما اغلبنا مر بهذه التجربة ولكن كم من هؤلاء الموظفين الجدد المعينين فصل من عمله بعد السنة التجريبية بسبب اهماله وعدم حرصه او عدم كفاءته؟.
أليست تلك مشاهدات حية تجبرنا على التوقف عندها ومساءلة انفسنا حول دورنا منها؟ انها مجرد تساؤلات اتمنى ان نجد لها اجابات عملية شافية.
همسة :
قد تستكثر علي مطالبي
ولكنني لا اطالب بالكثير
سوى ببعض الوقت تمنحني اياه
لأقول فيه كل ما اريد
دون حدود او قيود
دون مجاملة او رياء,.
* * *
لا اريد شيئاً,.
سوى ان تمنحني الفرصة
لأعبر عن ذاتي الصامتة
لأنفس عما يجول بداخلي
عن مكنونات نفسي المكبوتة
* * *
لا اريد شيئاً,.
سوى ان تحسسني بوجودي
كي اشعر بكياني كي اثق بنفسي
كي اعرف حقيقة من انا,.
كي اعرف موقعي على خريطة الحياة.
* * *
لا اريد شيئاً,,
سوى ان تؤمن بقدراتي
لأفجر طاقاتي الكامنة
لأخرج ابداعاتي اللامحدودة
لأرسم لوحة جميلة عن الحياة
بريشة فنان متذوق
باحساس شاعر مرهف
بمشاعر محب صادق,.
وعطاء انسان مخلص
* * *
كل ما اريده واتمناه,.
ان تكون مرآتي الصادقة
تصارحني بحقيقتي
تكون عوناً لي بعد الله
لا تجاملني على حساب نفسي
فتخفي حقيقة نفسي عني,.
* * *
كل ما اريده وأطمح اليه
ان ارد جزءاً بسيطاً من الجميل
لصاحب الفضل علي بعد الله
ومن غيره اغلى منك
* * *
ايتها الأم والاب والوطن والحب,.
ايها الدلال الذي لا يضاهيه دلال!
أليس هذا من حقي عليك,.
وانت من انت بالنسبة لي؟.
|
|
|