يعقد (هنا وهناك) الكثير من المؤتمرات العلمية التي يحظى بحضورها (وخصوصا مؤتمرات هناك! ) صاحب الحظوة (والحظ!) الأوفر من الاكاديميين وغيرهم من ذوي (الاختصاص!)، وكالعادة، دائما ما تفاجئنا صحفنا ومجلاتنا المحلية بخبر مقتضب عن تلك المؤتمرات ومكان انعقادها (قبيل انعقادها!) وفحوى ما سوف يدور فيها من ندوات ومداخلات علمية, ومما لا شك فيه ان تلك المؤتمرات عادة ما تبحث في كنه مواضيع ذات أهمية قصوى لمجتمعنا الغالي وذات أبعاد (تطبيقية) في غاية الأهمية في حال طبقت نتائجها وتوصياتها, ولكن هيهات وهيهات,!,, فتلك المؤتمرات ليست - في الحقيقة - سوى تجسيد وتأصيل لدور النخبة الاكاديمية وتأكيد لسمة الفصام بينها وبين المجتمع افرادا وجماعات!، بل إنها ذات أهداف شخصية بحتة تتراوح من المشاركة من قبل الباحث من أجل المشاركة فقط، او لغرض الترقية العلمية، او لاسباب مادية,,، وبما ان الأمور تقاس بنتائجها,!! ألا يحق لنا التساؤل عما هي استفادتنا المجتمعية من تلك المؤتمرات؟!,, لماذا لا تحذو جامعاتنا وهيئاتنا العلمية حذو جامعات الغرب فيما يخص الاستعداد لتلك المؤتمرات بوقت كاف يسمح للمشاركين فيها إنجاز ما يودون المشاركة به وعلى نحو يكفل الاستفادة منها؟! بل لماذا لا يكون هناك لجان للنظر في خطط تلك البحوث المقدمة لتلك المؤتمرات والتأكد من مدى جديتها وملاءمتها للموضوع قيد الدراسة (على ان تكون هوية المشارك سرية لتفادي المحاباة؟!),, لماذا لا تقوم كل جامعة مثلا عند عقدها لمثل تلك المؤتمرات بتحفيز طلبتها - وكما هو شائع في جامعات الغرب - وذلك عن طريق منحهم درجات مقابل حضورهم، خصوصا طلبة الدراسات العليا وممن هم على أعتاب التخرج من الجامعيين من ذوي التخصصات القريبة لصلب تلك المؤتمرات، الأمر الذي من شأنه سوف يفعل الجدوى المرجوة من تلك المؤتمرات ويعمم فائدتها؟!,, بل لماذا لا نلغي عبارة (دعوة للمهتمين او للمختصين,!) عند الاعلان عن انعقاد كل مؤتمر؟!,, لماذا لا يدعى المواطن الى تلك المؤتمرات؟!,, رب قائل يقول وما دخله (أي المواطن!) في تلك المؤتمرات؟!,, (لأقول!) لنفترض سويا عقد مؤتمر يناقش بعض المشكلات التعليمية في مدارسنا والتي من ضمنها بالطبع دور أولياء الامور في العملية التعليمية الشاملة، ألا يتيح حضور هؤلاء الوالدين الفرصة لهم لتفهم بعض أدوارهم الحيوية تجاه تعليم أبنائهم؟!, بل ولنفترض عقد مؤتمر يبحث في كنه الحلول اللازمة لتفادي الحوادث المرورية,, هنا ألا ترون ان في حضور كبير السن جنبا الى جنب مع الشاب المراهق إضافة الى افراد المرور ومنسوبيه فائدة وأيما فائدة؟! - بل ولنأخذ مؤتمرا تم عقده في الاسبوع المنصرم ومر مرور (البخلاء !) ناهيك عن مرور الكرام,! ألا وهو المؤتمر الدولي الثالث لمرض الأيدز والذي تم عقده في مدينة أبها,, فعلى الرغم من أهمية هذا المؤتمر التي لا مراء فيها فإنه لم يحظ بالتفعيل الكافي والشافي للاستفادة من نتائجه, لماذا - مثلا - لم يقم منظمو هذا المؤتمر بدعوة بعض من طلبة الجامعات والمراحل الثانوية وذلك لغرض توعيتهم بعواقب هذا المرض الخبيث من جهة والمساهمة في (تخفيف!) حدة الفراغ الناجم من عطلتهم الصيفية من جهة اخرى؟! بل ماذا عن نتائج تلك المؤتمرات وتوصياتها؟! بمعنى آخر: هل تطبق بحذافيرها أم تذهب أدراج الرياح (أو الأدراج؟!),, هنا وبكل ثقة أقول إنها لا تتعدى كونها مجرد ترف علمي تسمع جعجعة ويعوزك (طحينه!),, والحل؟!,, يكمن في إلزام الجهة الراعية للمؤتمر - أي مؤتمر! - بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بالمؤتمر - ولتكن وزارات الاعلام والصحة والمعارف (فيما يخص مؤتمر الأيدز مثلا)-، وتقديم خلاصة ما توصلت اليه نتائج المؤتمر الى تلك الوزارات لتبنيها والعمل على تطبيقها، وهنا على مجلس الشورى الموقر العمل على التأكد من تطبيق تلك التوصيات من قبل الوزارات المعنية، بل إدراج تطبيق تلك التوصيات من عدمه كمعيار من معايير (تقويم أداء) تلك الوزارات,, أتمنى ذلك وإن كان لسان حالي يترنم بأتمنى انني لا أتمنى! .
د, فارس الغزي